مع انتهاء عام 2024، بات واضحًا أن الأسواق المالية شهدت عاماً استثنائياً مليئاً بالفرص والتحديات. فقد حققت الأسهم مكاسب تاريخية، واستمرت العقارات في تقديم أداء قوي رغم تفاوت النتائج بين القطاعات، بينما سجلت السندات عوائد متواضعة في ظل محاولات الاحتياطي الفيدرالي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
وفي التقرير التالي، نسلط الضوء على أداء هذه الأصول في الولايات المتحدة، استناداً إلى بيانات عام 2024، فقد شكل أداء الأسهم والسندات والعقارات جزءاً كبيراً من استراتيجيات الاستثمار، ونحلل أهم العوامل التي أثرت على كل قطاع، تمهيدًا لرؤية أوضح لعام 2025.
أداء الأسهم
سجّل مؤشر S&P 500 أداءً لافتًا خلال عام 2024 بارتفاع قدره 23.3%، مدفوعًا بأداء قوي في عدة قطاعات. قاد قطاعا الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المكاسب، حيث ارتفع قطاع الاتصالات بنسبة 38.9% مدعومًا بتوسّع البنية التحتية لشبكات الجيل الخامس (5G)، بينما قفز قطاع التكنولوجيا بنسبة 35.7% بفعل الطفرة في الذكاء الاصطناعي. من أبرز الشركات التي ساهمت في هذا الأداء شركة إنفيديا، التي حققت مكاسب مذهلة تجاوزت 170% خلال العام.
كما حققت قطاعات أخرى أداءً قويًا، حيث صعد قطاع السلع الاستهلاكية الكمالية بنسبة 29.1%، مستفيدًا من انتعاش إنفاق المستهلكين، بينما ارتفع القطاع المالي بنسبة 28.4% نتيجة لتحسن الظروف الاقتصادية وزيادة النشاط الاستثماري.
على الجانب الآخر، كانت القطاعات الدفاعية أقل أداءً، حيث لم يحقق قطاعا الرعاية الصحية والعقارات سوى مكاسب طفيفة بلغت 0.9% و1.3% على التوالي، ما يعكس تراجع الإقبال على القطاعات الآمنة في ظل السوق الصاعدة. أما قطاع المواد الأساسية، فقد كان الخاسر الأكبر خلال العام، مسجلًا تراجعًا بنسبة -1.8% نتيجة انخفاض الطلب وتذبذب أسعار السلع.
أبرز النقاط في سوق الأسهم
كانت التكنولوجيا والاتصالات من أبرز الأسهم في 2024، إذ صعدت قطاعات التكنولوجيا (+35.7%) والاتصالات (+38.9%) بفضل التطورات في الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية لشبكات الجيل الخامس (5G).
أما أبرز الأسهم الخاسرة، فقد كانت في قطاع المواد الأساسية، والذي كان الأقل أداءً بتراجع بلغ 1.8%.
أداء السندات
على الرغم من الأداء القوي للأسهم في عام 2024، جاءت عوائد السندات أكثر تواضعًا، متأثرة بتحركات طفيفة في عوائد سندات الخزانة نتيجة نجاح الاحتياطي الفيدرالي في تحقيق «هبوط اقتصادي ناعم».
كان أداء السندات الحكومية القصيرة الأجل الأبرز، حيث حقق مؤشر سندات الخزانة قصيرة الأجل ارتفاعًا بنسبة 5.3% خلال العام، ما يعكس جاذبية هذه الأدوات الاستثمارية كملاذ آمن.
أما مؤشر سندات S&P 500، الذي يتتبع أداء السندات المرتبطة بالشركات المدرجة، فقد حقق مكاسب بلغت 2.3%، مدعومًا بثقة المستثمرين في الشركات ذات الأداء القوي.
وفي الوقت ذاته، ارتفع مؤشر السندات البلدية بنسبة 1.9%، مستفيدًا من استقرار الأسواق المحلية. على الجانب الآخر، سجل مؤشر السندات الحكومية الأمريكية أقل زيادة بنسبة 1.3%، ما يعكس تأثير السياسة النقدية على هذا النوع من السندات.
أبرز النقاط في سوق السندات
السندات الأفضل أداءً: في 2024، كان على رأسها مؤشر سندات الخزانة قصيرة الأجل، الذي حقق أعلى عائد بزيادة 5.3%.
أداء العقارات
واصلت العقارات تحقيق مكاسب إيجابية في عام 2024، حيث ارتفعت بنسبة 14%، مدفوعة بارتفاع معدلات الإشغال وزيادة الطلب في بعض القطاعات.
كان قطاع المكاتب الرابح الأكبر، محققًا نموًا مذهلًا بنسبة 28.5%، مدعومًا بعودة النشاط المكتبي بعد الوباء. كما شهد قطاعا التجزئة والسكن أداءً قويًا، حيث ارتفعا بنسبة 21.2% و19.6% على التوالي، مدفوعين بزيادة الإقبال على مراكز التسوق والسكن.
في المقابل، واجه القطاع الصناعي تحديات كبيرة، حيث انخفض بنسبة -10.1% بسبب زيادة العرض وتراجع الطلب، ما تسبب في ارتفاع معدلات الشغور وانخفاض العوائد.
أبرز النقاط في سوق العقارات
قاد قطاع المكاتب النمو في سوق العقارات خلال 2024 بمكاسب بلغت 28.5%.
أما القطاع الصناعي فقد شهد تراجعاً بنسبة 10.1% بسبب زيادة العرض وانخفاض الطلب.
نظرة مستقبلية لعام 2025
مع دخول عام 2025، ستؤثر مجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسية والتكنولوجية على الأسواق المالية، ما قد يشكل إما رياحاً مواتية أو عوائقاً أمام نمو الأسهم والسندات والعقارات.
الأسهم.. استمرار في النمو أم تصحيح؟
من المتوقع أن تظل قطاعات التكنولوجيا والاتصالات في مقدمة الأداء، مدفوعة بالابتكار المستمر في الذكاء الاصطناعي وتوسع شبكات 5G. ومع ذلك، قد تتعرض بعض القطاعات الأخرى مثل الرعاية الصحية والمواد لضغوط نتيجة التغيرات في السياسات الاقتصادية أو قيود سلاسل التوريد.
والفرص ستكون متاحة أمام الشركات الرائدة في الذكاء الاصطناعي وحلول التكنولوجيا الخضراء.
أما أبرز التحديات التي قتواجه سوق الأسهم في العام الجديد، فهو تأثير التوترات الجيوسياسية والركود المحتمل على بعض الأسواق.
السندات.. تأثير السياسة النقدية
بعد أن أظهر الاحتياطي الفيدرالي الأميركي التزاماً بتحقيق استقرار اقتصادي في 2024، يُرجح أن تكون السياسة النقدية أكثر حذراً في 2025. فمن المتوقع أن تظل عوائد سندات الخزانة مرتفعة نسبياً مع استمرار التضخم في مستويات معتدلة.
أما أبرز الفرص المتاحة في سوق السندات بالعام الجديد فستكون لصالح السندات قصيرة الأجل التي توفر أماناً نسبياً.
وستكون أبرز التحديات التي تواجه تلك السوق متمثلة في ارتفاع العوائد، ما قد يحد من أداء السندات طويلة الأجل.
العقارات.. تباين القطاع
يتوقع أن يظل أداء العقارات متبايناً بناءً على مؤشرات القطاع. فمن المتوقع أن يحافظ قطاع المكاتب على زخمه مع تزايد عودة العمل المكتبي، بينما قد يواجه القطاع الصناعي مزيداً من التحديات نتيجة وفرة العرض.
وستكون أبرز الفرص المتاحة في سوق العقارات متمثلة في العقارات السكنية والتجارية التي تركز على التكنولوجيا الذكية.
أما أبرز التحديات التي تواجه نمو هذا القطاع، فتتمثل في استمرار ارتفاع أسعار الفائدة، ما قد يؤثر على قدرة التمويل والاستثمار.
4 عوامل مؤثرة على الأسواق في 2025
يأتي على رأس هذا العوامل، التوترات الجيوسياسية، فمن المرجح أن تؤثر الصراعات العالمية، لا سيما في الشرق الأوسط وآسيا، على الأسواق.
وثاني أبالعوامل، يكمن في إدارة ترامب ، إذ قد يؤدي استمرار سياسات ترامب الاقتصادية إلى دعم الشركات الكبرى، لكنه قد يثير تحديات تجارية مع بعض الدول.
والعامل الثالث هو التكنولوجيا، فالتطور المستمر في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة سيشكل محركاً رئيسياً في فرص النمو.
والعامل الرابع يكمن في التغيرات المناخية ، فالاستثمارات الخضراء ستكتسب زخماً أكبر مع تشديد السياسات البيئية عالمياً.
سيتطلب عام 2025 مراقبة دقيقة للعوامل الاقتصادية والسياسية، حيث يواجه المستثمرون مزيجاً من التحديات والفرص في سعيهم لتحقيق عوائد مستدامة. وبينما يستعد المستثمرون للعام الجديد، تبرز تساؤلات حول تأثير التوترات الجيوسياسية، والولاية الثانية للرئيس ترامب، وتطور الذكاء الاصطناعي على الأسواق المالية.
هل ستستمر المكاسب، أم ستواجه الأسواق تحديات أكبر؟
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية
