هل أنت مدير أم قائد؟

سلطان بن محمد القاسمي

في عالم الإدارة الحديثة، يتردد هذا السؤال باستمرار: هل أنت مُدير أم قائد؟ وقد يبدو الجواب بسيطًا للوهلة الأولى، لكن الواقع أكثر تعقيدًا. وبين هذين المفهومين خيطٌ رفيع يفصل بين الوظيفة والمهمة، وبين السلطة والتأثير؛ حيث إنَّ المدير ينظم ويُراقب، أما القائد فيُلهم ويوجه. وبينما يمكن لأي شخص أن يصبح مديرًا بفضل منصبه، فإن القائد يولد من تأثيره وقيمه، بغض النظر عن لقبه.

وفي البداية، علينا أن ندرك الفرق الأساسي بين المدير والقائد. فالمدير يهتم بتحقيق الأهداف قصيرة المدى، يعمل ضمن هيكل تنظيمي، ويتبع القواعد والإجراءات بدقة. أما القائد، فهو الذي يصنع الرؤية، ويحفز فريقه للسير نحو هدف أكبر، بعيدًا عن القيود التقليدية. يقول الكاتب جون ماكسويل: "القادة لا يخلقون أتباعًا، بل يصنعون قادة". إن هذه المقولة تبرز الفارق الجوهري: المدير يوجه، أما القائد فيُمكّن.

ومن ناحية أخرى، الفرق بين المدير والقائد يظهر جليًا في طريقة التعامل مع الفريق. خذ على سبيل المثال مديرًا يركز فقط على الإنتاجية، يحاسب على الأخطاء الصغيرة، ويمنح الثناء بحذر. مثل هذا الشخص قد يحقق الأهداف، لكنه لا يترك أثرًا. على العكس، القائد الحقيقي هو من يفهم أنَّ الأفراد ليسوا أدوات عمل، بل شركاء في النجاح. يُعاملهم باحترام، يدعم تطورهم، ويجعلهم يشعرون بأهمية دورهم. وهذا ما يفسر لماذا يبقى بعض الأشخاص ملهمين حتى بعد سنوات من رحيلهم عن مواقعهم.

ولكن أعظم نموذج للقائد الملهم هو رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. لقد قاد الأمة الإسلامية بحكمة ورأفة وشجاعة، ولم يكن قائدًا يفرض سلطته، بل كان يُلهم أتباعه بحسن خلقه وعدله. يقول الله تعالى: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ" (الأحزاب: 21). وكان صلى الله عليه وسلم يُشرك أصحابه في القرارات، يحفزهم على التفكير والإبداع، ويوزع المهام بناءً على قدراتهم. كما أنه أظهر أعلى درجات الرحمة حتى مع أعدائه، مما جعله مثالًا يُحتذى به في القيادة.

وبالنظر إلى أمثلة من الحياة الواقعية، نجد نماذج ملهمة للقادة الذين غيّروا مجرى التاريخ. مثلًا، نيلسون مانديلا الذي قاد جنوب أفريقيا نحو الحرية بمزيج من الحكمة والتسامح، أو ستيف جوبز الذي ألهم فريقه لابتكار منتجات غيَّرت العالم. هؤلاء لم يكونوا مجرد مديرين ينجزون المهام؛ بل قادة غرسوا الإيمان في قلوب من حولهم.

ومما لا شك فيه، أن التحدي الأكبر في الانتقال من الإدارة إلى القيادة يكمن في تطوير المهارات الإنسانية. حيث إن المدير قد ينجح في تنفيذ المهام بإتقان، لكنه قد يفتقر إلى القدرة على بناء علاقات قوية مع فريقه. وعلى العكس، القائد يدرك أهمية فهم احتياجات الآخرين، سواء كانت مهنية أو شخصية. هنا تأتي أهمية الذكاء العاطفي، وهو القدرة على التعاطف وفهم مشاعر الآخرين. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كلكم.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الرؤية العمانية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الرؤية العمانية

منذ ساعة
منذ ساعة
منذ 48 دقيقة
منذ ساعة
منذ ساعتين
منذ ساعة
عُمان نيوز منذ 14 ساعة
صحيفة أثير الإلكترونية منذ 13 ساعة
هلا أف أم منذ 21 ساعة
صحيفة الشبيبة منذ 17 ساعة
صحيفة الرؤية العمانية منذ 21 ساعة
موقع البوابة الرياضية منذ 18 ساعة
صحيفة الرؤية العمانية منذ 13 ساعة
وكالة الأنباء العمانية منذ 18 ساعة