قبل أربع سنوات، حظر الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، مارك زوكربيرغ، حسابات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب على فيسبوك وإنستغرام، قائلاً إن مخاطر السماح له بالوجود على المنصات «كبيرة للغاية» بعد أن استخدم ترامب المواقع مراراً وتكراراً لبث أكاذيب بشأن الانتخابات ونتائجها.

لقد تغير الكثير، الآن أظهر لنا زوكربيرغ أن «ميتا»، وحركة «لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى» الداعمة لترامب، يمكن أن يتوافقا.

يتخلص عملاق وسائل التواصل الاجتماعي من مدققي الحقائق ويجعل منصاته تبدو أكثر شبهاً بـ«إكس»، الموقع المملوك لـ«الصديق الأول لترامب» إيلون ماسك، كما عينت «ميتا» رئيس منظمة الفنون القتالية المختلطة وحليف ترامب، دانا وايت، في مجلس إدارتها، أول أمس الاثنين، بعد أيام من ترقية جويل كابلان، الجمهوري الشهير، ليكون رئيس «ميتا» الجديد للشؤون العالمية.

وتبرعت «ميتا»، مثل العديد من شركات التكنولوجيا الكبرى، بمليون دولار لصندوق تنصيب ترامب، وذهب زوكربيرغ، الذي هدده ترامب ذات يوم بالسجن مدى الحياة، إلى منتجع مار إيه لاغو المملوك لترامب لتناول العشاء مع الرئيس المنتخب.

يحاول زوكربيرغ إنقاذ ميتا من انتقام ترامب، ولكنه يخاطر أيضاً بكارثة محتملة إذا فر المعلنون من ميتا وبدأ المستخدمون في ربط العلامة التجارية بحملات الكراهية البغيضة، بعد أن تشوهت المنصة بالفعل بسبب أخطاء الذكاء الاصطناعي وندرة الإبداع لسنوات.

صباح أمس اختار زوكربيرغ قناة فوكس نيوز التلفزيونية المُفضلة لدى الرئيس المنتخب ليعلن أن منصات التواصل الاجتماعي المهيمنة في العالم، فيسبوك وإنستغرام، أصبحت الآن، لأغراض عملية، مؤيدة لترامب.

قال زوكربيرغ إن ميتا تخلصت من مدققي الحقائق التابعين لجهات خارجية، لأنهم «متحيزون سياسياً للغاية»، وارتكبوا الكثير من الأخطاء «ودمروا الثقة أكثر مما خلقوها»، وهي تصريحات لا يمكن دحضها، وهي في الوقت نفسه تعكس الادعاءات اليمينية بأن فيسبوك يراقب الآراء المحافظة.

ستستبدل ميتا مدققي الحقائق بـ«ملاحظات مجتمعية» مماثلة لتلك الموجودة على منصة «إكس»، إذ يمكن للمستخدمين إضافة تعليقات على المنشورات التي قد تحتوي على معلومات كاذبة.

وحدثت ميتا إرشاداتها لتمكين المستخدمين الذين يريدون الإشارة إلى الأشخاص المثليين والمتحولين جنسياً على أنهم مصابون بـ«مرض عقلي»، أو الإشارة إلى النساء باعتبارهن «أشياء منزلية» و«ممتلكات».

هذه التغييرات ستشتري بعض التأمين لميتا في ولاية ترامب الثانية.

يذكر أن سهم ميتا انخفض بشدة في مارس الماضي بعد أن اتصل ترامب بشبكة سي إن بي سي لوصف فيسبوك بأنه موقع «عدو الشعب».

ولا يريد زوكربيرغ التعرض لهجوم مشابه، ولا يريد أيضاً أن يبقى بعيداً عن غرف صناعة القرار، حيث يتخذ منافسون مثل ماسك قرارات بشأن مستقبل التكنولوجيا.

عقبات في طريق خطة ميتا

وإعادة تموضع ميتا سياسياً ليست خطة عمل مضمونة النجاح، على سبيل المثال تخارج المعلنون من موقع «إكس» بعدما حرر إيلون ماسك الموقع من العديد من قيود النشر، إذ لا يريد المعلنون ظهور منتجاتهم إلى جانب خطابات الكراهية.

انخفضت قيمة موقع «إكس» بنسبة 80 في المئة منذ اشتراه ماسك، وفقاً لتقديرات شركة الاستثمار العملاقة «فيديليتي».

هذه ليست مشكلة كبيرة بالنسبة لماسك، الذي يمول موقعه بنفسه، ولكن «ميتا» بقيمة سوقية تبلغ 1.5 تريليون دولار، لا يمكنها أن تكون سعيدة بتخارج المعلنين أو المستخدمين.

قالت المحللة الرئيسية في شركة إي- ماركتير، جاسمين إينبيرغ، في رسالة بالبريد الإلكتروني أمس الثلاثاء «لا تزال سلامة المستخدمين عاملاً رئيسياً في تحديد المكان الذي ينفق فيه المعلنون ميزانياتهم»، وأضافت «وسائل التواصل الاجتماعي هي بالفعل حقل ألغام يمكن أن ينفجر فيه المحتوى الذي تعتبره العديد من العلامات التجارية غير آمن، وقد يؤدي تغيير سياسات ميتا إلى تفاقم هذه المشكلة، فأي انخفاض طفيف في نسب المشاركة قد يضر بالمنصة».

في عام 2022 خسرت «ميتا» نحو 240 مليار دولار من القيمة السوقية في يوم واحد، وهو أكبر انخفاض في يوم واحد على الإطلاق في ذلك الوقت، بعد أن أبلغت عن انخفاض طفيف في عدد مستخدمي فيسبوك النشطين يومياً وانخفاض بنسبة 8 في المئة في الأرباح الفصلية.

وقال الصحفي بمؤسسة «الحدود» غير الربحية، كوري دكتورو «ميتا الآن في نهاية فترة طويلة من الخيارات السيئة للغاية، من تصورات تعتمد على الخيال العلمي إلى استخدام خاطئ للذكاء الاصطناعي، أنهم في طريقهم إلى التحول إلى نوع من الزومبي مثل موقع (ماي سبيس)، لا يزال موجوداً ولكنه أصبح مجرد هراء».

هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية