إسراء الردايدة عمان- أسلوب خفي يستخدمه البعض لتحطيم الثقة بالنفس والسيطرة على الآخرين، مستغلين العواطف والحاجة الطبيعية للتواصل الاجتماعي، هذا ما يطلق عليه "التلاعب النفسي". فمن التجاهل الصامت إلى التلاعب بالعزلة، تتحول العلاقات السامة إلى ساحة للتلاعب المنهجي الذي يهدف إلى السيطرة الكاملة على الضحية.
ويعد التجاهل الصامت إحدى أكثر الأدوات النفسية ضررًا، حيث يترك الضحية في حالة من الفراغ العاطفي وعدم الأمان، ما يدفعها للتشكيك في قيمتها الذاتية. تشير الدراسات إلى أن الصمت الموجه ينشط مناطق الألم في الدماغ بالطريقة نفسها التي يفعلها الألم الجسدي، مما يجعله تجربة نفسية مؤلمة. أما التلاعب بالعزلة، فيعتمد على قطع الضحية عن شبكات الدعم الاجتماعي، ليصبح المتلاعب المصدر الوحيد للدعم والمعلومات، مما يعمق الاعتماد النفسي عليه.
وحول ذلك، توضح الطبيبة النفسية مارثا ستاوت، بقولها "هذه الأساليب ليست مجرد تصرفات عابرة، بل هي محاولات ممنهجة لفرض السيطرة وتقليص الحرية العاطفية للضحية".
فن الصمت المدمر: كيف يصبح التجاهل أداة للتلاعب النفسي؟
أحيانًا يكون أسوأ ما يمكن أن يفعله شخص هو ألا يفعل شيئًا على الإطلاق. التجاهل الصامت قد يبدو وكأنه رد فعل طفولي على النزاع، لكنه في الواقع أداة نفسية مدمرة. من خلال رفض التواصل، يعاقب المتلاعب ضحيته بشكل فعال، ويحجب عنها الاهتمام والعاطفة. ويخلق هذا التجاهل فراغًا عاطفيًا.
التجاهل الصامت يستغل حاجتنا الأساسية للاتصال والانتماء الاجتماعي. الرسالة التي يرسلها هذا التصرف هي أن الضحية غير مرئية، أو غير جديرة بالاهتمام، أو غير ذات قيمة. بمرور الوقت، يؤدي ذلك إلى شعور بالرفض، الوحدة، وانخفاض تقدير الذات.
تشير الأبحاث إلى أن التعرض للتجاهل يمكن أن ينشط المناطق نفسها في الدماغ المرتبطة بالألم الجسدي. بعبارة أخرى، التجاهل الصامت مؤلم أكثر من الكلمات نفسها؛ لأنه يعبر عن غياب الكلمات بشكل كامل.
كيف يعمل التجاهل الصامت؟
التجاهل الصامت يعمل من خلال خلق فراغ عاطفي يتجسد في توقف المتلاعب عن الكلام أو التواصل، مما يدفع الضحية إلى التساؤل عما فعلت وكيف يمكنها إصلاح الموقف. كما يستخدم كنوع من العقاب الصامت، حيث يمنع المتلاعب الضحية من الوصول إلى حل للنزاع، مما يضطرها للتنازل لتجنب شعور الرفض. بالإضافة إلى ذلك، يتيح هذا السلوك للمتلاعب التحكم الكامل في العلاقة، حيث تصبح الضحية تحت رحمة قراره بشأن استئناف التواصل أو استمرار التجاهل.
لماذا يستخدم المتلاعبون التجاهل الصامت؟
بحسب الطبيبة النفسية ستاوت، فإن التجاهل الصامت هو أسلوب يستخدمه المتلاعبون لفرض السيطرة من دون مواجهة مباشرة. والأشخاص الذين يمارسون هذا الأسلوب غالبًا ما يفتقرون إلى المهارات الصحية للتعامل مع النزاعات، وبدلاً من ذلك يلجؤون إلى الصمت لفرض سلطتهم العاطفية. الصمت يصبح وسيلتهم لإيصال رسالة غير معلنة: "ستكون الأمور على ما يرام فقط إذا قمت بما أريده".
الأثر النفسي للتجاهل الصامت
التجاهل الصامت يترك أثرًا نفسيًا عميقًا على الضحية، حيث يجعلها تشعر بالرفض وكأنها غير مرئية أو غير مهمة. هذا الشعور يدمر الثقة بالنفس ويخلق إحساسًا دائمًا بعدم الأمان. مع مرور الوقت، يؤدي التجاهل إلى عزلة عاطفية وشعور بالوحدة، حيث يشعر الشخص بأنه غير مرغوب فيه.
التجاهل الصامت مقابل الحوار الصحي
من المهم التفريق بين الصمت الذي يهدف إلى تهدئة الموقف أو التفكير الذاتي وبين التجاهل الصامت المستخدم كأداة للتلاعب والسيطرة. في حين أن الصمت الصحي يمكن أن يكون جزءًا من حل النزاع، فإن التجاهل الصامت يترك الضحية تشعر بأنها غير مرغوب فيها وغير ذات قيمة.
كيف تتعامل مع التجاهل الصامت؟
للتعامل مع التجاهل الصامت، يجب أولاً التعرف على النمط. إذا شعرت بأنك تتعرض للتجاهل بشكل متعمد، اسأل نفسك: هل هذا الصمت يساعد في حل المشكلة أم يزيدها سوءًا؟ حاول بدء محادثة مباشرة مع الشخص الآخر وعبر عن شعورك بقول شيء مثل: "أشعر أنك تتجاهلني، هل يمكننا التحدث عن الأمر؟"، إذا استمر السلوك، من المهم وضع حدود واضحة وإبلاغ الشخص بأنك لن تتسامح مع هذا النوع من التلاعب. في حال أثر التجاهل على صحتك النفسية، لا تتردد في طلب الدعم من مختص نفسي أو أشخاص تثق بهم.
لماذا يؤلم الصمت أكثر من الكلمات؟
تشير الدراسات إلى أن الصمت يخلق فراغًا عاطفيًا.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الغد الأردنية