مصر تتوسع في صناعة السيارات.. هل تنخفض أسعارها؟

تسعى مصر لإحياء صناعة السيارات وجعلها إحدى ركائز الاقتصاد الوطني، إذ شهدت القاهرة طفرة ملحوظة في السنوات الأخيرة، بفضل الاستثمارات الأجنبية والمحلية التي تزايدت في هذا القطاع الاستراتيجي.

ومع تزايد الطلب المحلي على السيارات ووجود رؤية طموحة لتوطين صناعتها وتصدير الإنتاج إلى الأسواق الإفريقية، يبرز هذا القطاع كفرصة واعدة لتحقيق الاستدامة الاقتصادية ودعم النمو الصناعي في البلاد.

تاريخ طويل

بدأت مصر رحلتها مع صناعة السيارات لأول مرة عام 1961، عندما أسست الدولة شركة النصر لصناعة السيارات، والتي كانت رائدة في هذا المجال.

ومع ذلك، تحولت الشركة في تسعينيات القرن الماضي إلى شركة تجميع بدلاً من تصنيع كامل، نتيجة تراكم الديون. وفي عام 2009، تم تصفية الشركة بعد أن كان إنتاجها قد وصل إلى 12 ألف سيارة سنوياً في أواخر السبعينيات.

ومع سعي الحكومة المصرية إلى توطين صناعة السيارات، تم إعادة افتتاح الشركة بعد توقف دام 11 عاماً، في منتصف عام 2021، لتتجه نحو إنتاج السيارات الكهربائية، في خطوة تهدف إلى تقليل مستوى التلوث وتعزيز الاستدامة البيئية.

ورغم وجود 19 مصنعاً بعضها أجنبي، تعمل في تصنيع سيارات تعمل بالوقود والكهرباء في مصر، إلا أن البلاد تستورد مركبات بنحو 2.5 مليار دولار سنوياً، في ظل التحديات التي يواجهها هذا القطاع، ومروره بحالة من الركود خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

وقد تفاقمت أوضاع سوق السيارات بسبب أزمة الدولار وتحرير سعر الصرف الذي رفع العملة الأميركية من مستويات 30 جنيهاً إلى أكثر من 50 جنيهاً خلال العام الماضي.

اتفاقيات تعزز الإنتاج المحلي

وفي 29 ديسمبر الماضي، شهد رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، توقيع اتفاقيتين بين «مجموعة المنصور للسيارات» وشركة «سايك موتور» الصينية لتصنيع سيارات علامة «إم جي» محلياً في مدينة أكتوبر الجديدة باستثمارات 135 مليون دولار.

وأطلقت مصر برنامجاً لتوطين الصناعة، وقد تم في إطار هذا البرنامج توقيع 7 اتفاقيات إطارية ملزمة للإنتاج حتى الآن، مع استهداف إنتاج 250 ألف سيارة سنوياً على الأقل، وفقاً لبيانات حكومية. في حين أن الحكومة تتطلع إلى زيادة هذا الرقم ليصل إلى 500 ألف سيارة سنوياً، كما صرح رئيس الوزراء.

وتهدف هذه الاتفاقيات التي شهدتها الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية إلى تعزيز البنية التحتية لصناعة السيارات، وتلبية الطلب المتزايد عليها، مما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق رؤية مصر لتوطينها وجعلها مركزاً إقليمياً لهذه الصناعة في المنطقة.

وسجلت مبيعات سيارات الركوب الخاصة في مصر ارتفاعاً بنسبة 17% خلال أول 11 شهراً من عام 2024 لتبلغ 70.856 ألف سيارة في مقابل 60.803 ألف سيارة خلال الأشهر نفسها من 2023، وفق تقرير مجلس معلومات سوق السيارات «أميك».

تخفيض واردات السيارات

وفي حديث مع «إرم بزنس»، أكد عمرو بلبع، رئيس شعبة السيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن توطين صناعة السيارات في مصر أصبح ضرورة ملحة، في ظل ارتفاع الواردات وأزمة الدولار التي تعاني من البلاد خلال السنوات الماضية.

ومنذ أكتوبر 2024، خفضت الحكومة المصرية «كوتا» استيراد السيارات بنحو 20%، ليصبح الحد الأقصى 8 آلاف سيارة شهرياً بدلاً من 10 آلاف سيارة بالـ«كوتا» السابقة التي حددتها في يونيو الماضي.

وبهذا التخفيض، فإن عدد السيارات التي سيتم استيرادها سيكون 96 ألف مركبة سنوياً، وهذا الرقم يزيد قليلاً عمّا تم استيراده عام 2023 بأكمله، والذي بلغ 90 ألف سيارة. بسبب ذروة أزمة الدولار.

في المقابل، كانت أرقام استيراد السيارات في عامي 2021 و2022، قبل أزمة وقف الإفراج عن السلع في الموانئ بسبب شح الدولار، 184 ألف سيارة و290 ألف سيارة على التوالي، بحسب تقرير مجلس معلومات سوق السيارات «أميك».

بلبع قال إن توطين هذه الصناعة سيسهم في خفض الأسعار، وتحديداً السيارات المنتجة أو المجمعة محلياً مقارنة بأسعار السيارات التي يتم استيرادها من الخارج، نظراً لعدم وجود رسوم جمركية عليها أو مصروفات شحن.

عوامل جذب

بلبع أشار إلى أن موقع مصر الجغرافي المتميز، إلى جانب انخفاض تكلفة العمالة مقارنة بالدول الأخرى، يمثلان عوامل جذب مهمة للشركات الأجنبية الراغبة في الاستثمار في مجالات تجميع وتصنيع السيارات داخل مصر.

وأشاد بالخطوات الإيجابية التي يتبناها المجلس الأعلى للسيارات لتقليل الاعتماد على الواردات من خلال تشجيع التصنيع والتجميع المحلي، مؤكداً أن هذه الجهود ستنعكس إيجابياً على الاقتصاد.

ووفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفعت واردات مصر من سيارات الركوب بنسبة 46.5% خلال أول 8 أشهر من العام 2024.

وبلغت القيمة الإجمالية لواردات السيارات من يناير حتى نهاية أغسطس الماضي نحو 1.692 مليار دولار، مقارنة بـ 1.155 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، ما يمثل زيادة تقدر بحوالي 537 مليون دولار.

اكتفاء ذاتي

بدوره، أوضح، عضو شعبة السيارات باتحاد الغرف التجارية، علاء السبع، في حديث مع «إرم بزنس»، أن التوسع في تجميع وتصنيع السيارات في السوق المصري سوف يؤدي إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي، بالإضافة إلى دعم الصناعات المغذية لها.

وقال السبع إن جهود الحكومة خلال الفترة الماضية ستجعل من الدولة مركزاً إقليمياً لصناعة السيارات، لا سيما وأن مصر لديها تاريخ طويل مع هذه الصناعة، وتمتلك كافة مقومات النجاح من بيئة استثمارية جاذبة وطلب متزايد وعمالة ماهرة.

وبحسب تقرير مجلس معلومات سوق السيارات «أميك»، حققت مبيعات السيارات المجمعة محليًا نموًا ملحوظًا بنسبة 25.2% خلال أول 11 شهرًا من عام 2024، حيث سجلت حوالي 37.8 ألف سيارة، مقارنة بـ 30.2 ألف سيارة خلال الفترة نفسها من عام 2023.

خطة وطنية

إلى ذلك، اعتبر رئيس رابطة تجار السيارات أسامة أبو المجد، خطة الدولة لإنتاج السيارات محلياً وتصديرها في العام المقبل، خطوة إستراتيجية تعزز الصناعة الوطنية، وتحقق الاستقرار في سوق السيارات.

وفي حديث مع «إرم بزنس»، قال أبو المجد، إن هذه الخطوة تهدف إلى جعل مصر بوابة رئيسية لدخول السوق الإفريقية، مما يُمكّنها من الاستفادة من التجارب الناجحة في تصنيع وتجميع السيارات لدول مثل جنوب إفريقيا والمغرب وماليزيا.

وأكد أن التوسع في هذه الصناعة محلياً سوف يساعد في تخفيض أسعار السيارات وحجم فاتورة الاستيراد، إذ تشكل واردات السيارات نحو 10% من إجمالي فاتورة الواردات التي تتجاوز سنوياً نحو 90 مليار دولار.

كما أشار إلى أن توطين السيارات سيسهم في تعزيز الناتج الصناعي ضمن الناتج المحلي الإجمالي، بحيث يرتفع من 14% حالياً إلى 20% في المستقبل القريب، مما يعزز مكانة مصر كوجهة استثمارية واعدة في القطاع.


هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من إرم بزنس

منذ 4 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ ساعتين
منذ 3 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 8 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 10 ساعات
قناة CNBC عربية منذ ساعتين
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 7 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 19 دقيقة
صحيفة الاقتصادية منذ ساعة
قناة CNBC عربية منذ 8 ساعات
قناة CNBC عربية منذ ساعتين