بعد سقوط نظام الأسد سادت مخاوف داخل الطائفة العلوية التي كانت تمثل غالبية قوام الجيش والأجهزة الأمنية، إذ تخشى الطائفة من التعرض لعقاب جماعي بسبب ما يُنسب لها من تجاوزات قام بها بعض منتسبيها بحق الأكثرية السنية على مدى أكثر من 50 عاماً.
وتسود في المناطق العلوية حالة من الرعب والارتباك، حيث تنتشر تقارير عن عمليات قتل واختفاء وضرب ومضايقات طائفية. وتشكل أعمال العنف هذه ـ إن صحت التقارير ـ اختبارًا مبكرًا للحكومة السورية الوليدة التي تقودها هيئة تحرير الشام، التي أطاحت بالأسد بمساعدة فصائل مسلحة أخرى وسارعت إلى التعهد بالتسامح مع الأقليات.
علاقة معقدة من الولاء والمعارضة اتّسمت علاقة الطائفة العلوية بنظام الأسد بالولاء والمعارضة في آن واحد. ففي عهد حافظ الأسد ولاحقاً ابنه بشار الأسد، اكتسب العلويون نفوذاً غير مسبوق في الأجهزة العسكرية والأمنية السورية، وشكلوا قاعدة دعم حاسمة للنظام. وقد ساعد هذا الارتقاء من موقعهم المهمش تاريخياً على توطيد العلاقات القوية بين العديد من العلويين وعائلة الأسد.
ووفقاً لجوشوا لانديس الباحث في مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما، فإن هذه العلاقة خلقت شبكات محسوبية معقدة تتجاوز مجرد الولاء الطائفي.
ومع ذلك، لم تكن هذه العلاقة متجانسة أبدًا. فقد انتقد بعض المثقفين والناشطين العلويين علناً استبداد النظام وفساده. إذ اعترضت شخصيات بارزة مثل عارف دليلة على السياسات الاقتصادية لحكومة الأسد، في حين عارض آخرون تركيز السلطة داخل شبكات علوية محددة بدلاً من إفادة الطائفة الأوسع. وأبرز هذا النقد الداخلي تعقيد المشاركة السياسية العلوية التي تتجاوز مجرد الولاء للنظام.
في هذا السياق تقول الدكتورة منى غانم مؤسسة ومديرة منتدى النساء السوريات من أجل السلام، والعضو السابق في المجلس الاستشاري النسائي للمبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، إن الاحتلال الفرنسي هو من بدأ بإدخال العلويين وغيرهم من الأقليات للجيش وأن الأسد الأب عمل على استمرار هذا الوضع وأنه حول الجيش بأكمله إلى جهة لحماية نظام حكمه وعائلته.
العلويون في سوريا ما بعد الأسد...ما مستقبلهم؟ To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video
تدمير ممنهج وأضافت في حوار مع DW عربية أن "حافظ الأسد لم يكن يرى نفسه أنه ينتمي إلى هذه الطائفة، بقدر ما كان يرى أنها موجودة لخدمة وتثبيت أسس حكمه، لذلك فتح لهم أبواب الالتحاق بالجيش والمخابرات وكان من الطبيعي أن تتلقف الطائفة العلوية هذا الأمر، والتي كان قوامها فقراء وبسطاء فكان الجيش يؤمن لهم مصدر دخل كامل"، مؤكدة أن "حافظ الأسد وبشار الأسد استخدموا الطائفة ودمروها اجتماعياً".
أضافت غانم أن أسرة الأسد قضت على المرجعيات الدينية للطائفة فمنهم من قُتل ومنهم من سُجن ومنهم من تم تهجيره والاستيلاء على منزله فيما هاجر آخرون للخارج كأسرتها، "لذلك نجد اليوم أن العلويين المنتمين إلى الطائفة في حالة تخبط ويحاولون إنشاء مجالس علوية في الوقت الحالي نظراً لغياب القيادة"، مشيرة إلى شخصيات معارضة علوية بارزة في التاريخ السوري مثل عبد العزيز الخير رئيس مكتب الشؤون الخارجية لهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي، وثائر علي ديب الطبيب المعارض والكاتب والمترجم.
وأكدت أن الطائفة العلوية مسلمون يؤمنون بكافة أركان الإسلام لكن لديهم بيئة اجتماعية مختلفة، "فهي بيئة اجتماعية منفتحة بحكم وجودهم على البحر"، مشيرة إلى أن "العلويين فرحوا للغاية بالتخلص من بشار لأنه كان يمارس سياسة الإفقار والإذلال لهذه المجموعة البشرية".
مخاوف من الانتقام وفقاً لتحليل أجراه مركز كارنيغي للشرق الأوسط، فإن عوامل الخوف والشك لدى الطائفة العلوية بشأن المستقبل تتركز في الشعور بالخوف وانعدام الأمان، إذ أدى صعود الجماعات المتطرفة التي هددت صراحةً المجتمعات العلوية إلى خلق مخاوف عميقة بشأن الانتقام الطائفي المحتمل، خصوصاً مع عدم وجود شرطة في مناطقهم، ما أعاد للأذهان ذكريات تاريخية للاضطهاد في ظل الحكم العثماني.
وتؤكد الطائفة على أنه لا يجب معاقبة الكل بذنب البعض فيما ذهب البعض الآخر إلى ضرورة منح عفو شامل لإغلاق صفحة الماضي والعمل على مستقبل سوريا ما بعد بشار.
في هذا السياق، يقول خبراء إن الطائفة تخشى بشدة من الأعمال الانتقامية وإلقاء كل جرائم نظام الأسد على عاتقهم، وأنه حتى مع خطاب السلطة الحالية في سوريا الذي يدعو إلى الوحدة وعدم معاقبة الكل بذنب البعض، إلا أن هناك العديد من الحوادث التي وقعت خصوصاً في حمص والساحل وحماة ربما تكون قد خرجت بالفعل عن نطاق الأعمال الفردية مثل الاعتقالات وتفتيش المنازل والسرقات والضرب بل وحتى التكفير.
الطائفية تطل برأسها وأشار خبراء تحدثوا إلى صحيفة واشنطن بوست إلى أن عدداً من المناطق ذات الأغلبية العلوية مهددة باندلاع أحداث طائفية، حيث يطارد.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من قناة DW العربية