بعيداً عن أرض الملعب.. الاقتصاد يرسم ملامح الدوري الصيني

فيما يشبه الصدمة لعالم كرة القدم أعلن نادي غوانزو الصيني، البطل التاريخي لدوري السوبر الصيني، هذا الأسبوع، فشله في الحصول على رخصة تسمح له بالمشاركة في الموسم المقبل في كرة القدم الاحترافية الصينية بسبب عدم قدرته على سداد ديونه، ليتحول إلى نادٍ للهواة.

بثمانية ألقاب دوري بالإضافة إلى تتويجه مرتين بلقب بطل آسيا في العقد الثاني من القرن الحالي، يصعب تخيل هذه النهاية الحزينة لنادٍ بقيمة غوانزو، قام بتدريبه الداهية الإيطالي مارتشيلو ليبي، والخبير البرازيلي، لويز فيليبي سكولاري، وكلاهما حمل كأس العالم مع منتخب بلاده، وكلاهما حمل كأس بطل آسيا مع نادي غوانزو الصيني، ولكن إعلان تصفية الشركة المالكة للنادي إيفرغراند في مطلع العام الماضي، قضى على أي فرصة لاستمرار النادي.

ويعاني القطاع العقاري الصيني من ركود واضح خلال سنوات ما بعد جائحة كورونا، وتسعى الحكومة جاهدة عبر حزم التحفيز المتعددة وتسهيل الإجراءات إلى إعادة الحياة إلى القطاع العقاري، إلا أن أياً من «إيفرغراند» أو «غوانزو» لن يكونا موجودين ليقطفا ثمار هذا التحفيز.

وقد تضمنت قائمة الأندية الصينية المُفلسة نادياً آخر يلعب في دوري السوبر الصيني، وهو غوانزو مايتي لايونز، وللمصادفة تملكه شركة عقارات أيضاً، وهي شركة يونغ شانغ الصينية.

نهاية حقبة مميزة للدوري الصيني

في عام 2004 أطلق دوري السوبر الصيني -وعلى مدار 15 عاماً- تطورت الأندية الصينية بسرعة كبيرة، اعتماداً على الاستثمارات الضخمة للأثرياء في الرياضة الشعبية الأولى عالمياً، وكان من المعتاد أن ترى عدداً من أشهر لاعبي العالم يذهبون إلى الصين، مثل الأرجنتيني كارلوي تيفير، والفرنسي نيكولا أنيلكا، والبرازيلي أوسكار، والإيفواري ديديه دروغبا.

ولكن بنهاية عام 2019 فرض الاتحاد الصيني لكرة القدم قيوداً على إنفاق الأندية، وحدد سقفاً لقيمة رواتب اللاعبين الأجانب عند ثلاثة ملايين يورو (3.09 مليون دولار)، كما حدد سقف الإنفاق للنادي عند 1.1 مليار يوان (154 مليون دولار) خلال الموسم، مع عدم تجاوز قيمة الرواتب 60 بالمئة من إجمالي الإنفاق.

أدت هذه التعديلات إلى غياب الأندية الصينية عن منصات التتويج القارية منذ إصدار هذه القرارات وحتى الآن.

الترتيب الكروي والاقتصادي

وقال خبراء إن التاريخ يُظهر أن دور السينما وملاعب كرة القدم تميل إلى الازدهار خلال الأوقات الاقتصادية الصعبة، وتقدم فرصة للهروب من الواقع بسعر متواضع نسبياً، في ظاهرة يشار إليها باسم «تأثير أحمر الشفاه»، ويزيد إنفاق المستهلكين على أشياء صغيرة مُبهجة، مثل أحمر الشفاه، خلال أوقات عدم اليقين.

إلا أن السينما الصينية انخفضت إيراداتها بنسبة 23 في المئة في عام 2024، مقارنةً بعام 2023، وبالنسبة لكرة القدم لا يختلف الوضع كثيراً، فالقيمة السوقية للأندية الصينية المشتركة في دوري السوبر الصيني قد انخفضت من 129.7 مليون دولار في 15 ديسمبر الماضي إلى 114.4 مليون دولار، اليوم الخميس 9 يناير 2025، أي بانخفاض 11.8 في المئة في أقل من شهر، وفقاً لموقع ترانسفير ماركت.

وهذا الانخفاض يجعل الأندية مرتبطة أكثر بمالكيها الذين يضطلعون بمهمة التمويل على الرغم من انخفاض القيمة السوقية.

وبالنظر إلى جدول ترتيب الأندية الصينية في موسم 2024، سنجد الارتباط الواضح، قطاعياً ومكانياً بأداء الاقتصاد.

تصدر نادي «ميناء شانغهاي» الدوري الصيني، وهو النادي الذي يمثل مدينة شنغهاي، العاصمة الاقتصادية للصين، ويمثل أيضاً الناجي الرئيسي من ركود الاقتصاد الصيني، وهو قطاع التصدير، الذي ينتظر عاماً صعباً من تعريفات ترامب الجمركية المتوقعة، التي ربما تعصف بصادرات الصين، وبميناء شنغهاي، وبنادي ميناء شنغهاي.

النادي الثاني في الترتيب هو شانغهاي شينهوا، وهو إن كان ينتمي لمدينة شنغهاي أيضاً إلا أن الجهات الداعمة له ترتبط بقطاع الطاقة المملوكة للدولة.

يأتي ثالثاً نادي تشنغدو رونغتشنغ، وهو موجود في مقاطعة سشوان الجنوبية، ويتبع مجموعة تشنغدو بيتر سيتي للاستثمار، المملوكة للدولة، وتتبعها 118 شركة ويبلغ إجمالي أصولها أكثر من تريليون يوان.

في المركز الرابع يحل ممثل العاصمة، بكين غوان وهو يتبع حالياً شركة سنوبو الحكومية المتخصصة في الاستثمار الرياضي والترفيهي، وفي المركز الخامس يأتي نادي شاندونغ لونينغ الذي ترعاه شركة شاندونغ الحكومية لإنتاج الكهرباء، خاصةً من مصادر الطاقة المتجددة.

ويأتي نادي تيانجين جينمين تايجر في المركز السادس، وهو تابع لشركة تيدا القابضة المملوكة للدولة الصينية، وتتنوع استثماراتها بين الإنشاءات الصناعية والأوراق المالية وغيرها من القطاعات.

وحتى نهاية جدول الترتيب تظهر العديد من الأندية المعتمدة بشكل أساسي على تمويل الشركات الكبرى، خاصةً تلك التي تمتلك محفظة استثمار متنوعة، مع وجود كبير للأذرع الاستثمارية للحكومة، وتراجع واضح للعديد من الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالسوق المحلي، خاصةً القطاع العقاري.


هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من منصة CNN الاقتصادية

منذ 10 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 17 دقيقة
منذ 3 ساعات
منذ 7 ساعات
منذ 6 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 16 ساعة
صحيفة الاقتصادية منذ 7 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 21 ساعة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 18 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 5 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 8 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 13 ساعة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 3 ساعات