أكدت وزيرة المالية البريطانية، راشيل ريفز، يوم السبت، أن لندن تُعد «موطناً طبيعياً» لشركات التمويل الصينية، وذلك خلال زيارتها بكين في وقت تشهد فيه سوق السندات في بريطانيا اضطرابات ملحوظة.
تعد ريفز أعلى مسؤول حكومي بريطاني يزور الصين منذ محادثات رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي مع الرئيس الصيني شي جين بينغ قبل سبع سنوات. جاءت الزيارة في وقتٍ بلغ فيه العائد على سندات الحكومة البريطانية أعلى مستوياته منذ 17 عاماً، ما يعوق جهود حزب العمال الحاكم لإنعاش النمو الاقتصادي.
زيادة العوائد على السندات ترفع من تكلفة تمويل العمليات الحكومية وسداد الديون، ما يزيد من احتمالية اضطرار الحكومة لخفض الإنفاق أو رفع الضرائب.
وفي لقاء مع نائب رئيس الوزراء الصيني، هي ليفينغ، في بكين، قالت ريفز إن لندن تُعد «موطناً طبيعياً لشركات الخدمات المالية الصينية وعملائها لجمع رأس المال، ومنصة انطلاق للشركات الصينية التي تسعى لبناء بصمة عالمية»، وأضافت أنه في أسواق رأس المال، هناك فرص لتعميق التعاون بين المملكة المتحدة والصين، مشيرة إلى الحاجة لتعاون وثيق في «التعاون التنظيمي».
كما تم الإعلان عن إعادة إطلاق محادثات الخدمات المالية بين الصين وبريطانيا، التي توقفت لفترة طويلة. وقد أوضحت ريفز أنه تم التوصل إلى «أرضية مشتركة» بشأن الخدمات المالية، والتجارة والاستثمارات وتغيّر المناخ، وغيرها من القضايا، كما أضافت أن الاتفاقات المبدئية ستجلب 600 مليون جنيه إسترليني للاقتصاد البريطاني خلال السنوات الخمس القادمة.
من جانبه، أكد نائب رئيس الوزراء الصيني، هي ليفينغ، أن التجربة أظهرت أنه «طالما أن الصين والمملكة المتحدة تحترمان بعضهما بعضاً، فإن العلاقات بين البلدين يمكن أن تتطور بشكل صحي».
الزيارة واجهت ضغوطاً من المعارضة البريطانية، حيث حثت على ضرورة أن تبقى ريفز في بلادها لمعالجة الأزمة المالية، مع ذلك، أكّد المتحدث باسم رئيس الوزراء كير ستارمر أن ريفز ستواصل رحلتها المخطط لها إلى الصين.
وفي زيارتها لشركة برومبتون البريطانية في بكين التي تنتج الدراجات، اعترفت ريفز بتأثير «تحركات الأسواق المالية العالمية» في الأيام الأخيرة، لكنها أكدت أن «قواعد الميزانية التي وضعتها في أكتوبر غير قابلة للتفاوض»، وأضافت: «تحقيق النمو هو أولويتنا لنجعل بلادنا في حالة أفضل»، مؤكدة أن الزيارة ستعود بفوائد ملموسة للشركات البريطانية.
كما شارك في الزيارة محافظ بنك إنكلترا والرئيس التنفيذي لهيئة السلوك المالي في المملكة المتحدة.
توازن دقيق في العلاقات البريطانية- الصينية
يسعى كير ستارمر إلى إعادة ضبط العلاقات الدبلوماسية بين بريطانيا والصين، وهو يوازن بين الفرص الاقتصادية والتجارية والتعاون، وبين الضغط على بكين في قضايا مثل حقوق الإنسان والحرب في أوكرانيا، في نوفمبر الماضي، أصبح ستارمر أول رئيس وزراء بريطاني يلتقي الرئيس الصيني منذ عام 2018، حيث تحدث الزعيمان في قمة مجموعة العشرين بالبرازيل.
ومع ذلك، تظل الثقة بين الطرفين ضعيفة بسبب مزاعم حول تورط رجل أعمال صيني في نشاطات تجسس لصالح الحزب الشيوعي، وهو ما رفضته بكين ووصفته بـ«السخيف».
وأضافت ريفز أن من الضروري أن «نتمكن من إجراء حوار منفتح وصريح» بشأن القضايا الخلافية مثل الأمن القومي والوصول إلى الأسواق وتأثير الإعانات والسياسة الصناعية، إضافة إلى قضايا مثل الحرب في أوكرانيا وحقوق الإنسان في هونغ كونغ.
من جهته، رد هي ليفينغ بتأكيد أن «هونغ كونغ يمكن أن تصبح جسراً للتعاون الوثيق بيننا»، مشدداً على أن الصين ليست طرفاً مباشراً في النزاع الروسي-الأوكراني.
وفي ظل هذه التطورات، تراجعت العلاقات البريطانية- الصينية في 2020 بعد فرض الصين قانوناً للأمن القومي في هونغ كونغ، ما حدَّ من الحريات في المستعمرة البريطانية السابقة.
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية