أعرف الناقد الكبير أمير العمرى منذ أكثر من 22 عامًا، التقينا وقت عودته الثانية إلى مصر، عندما انتخب رئيسًا لجمعية نقاد السينما المصريين، وبدأ نشاطًا مميزا للجمعية فى عروض الأفلام، وفى إصدار الكتب، وفى ظهور مجلة «السينما الجديدة» التى نشرتُ فيها مقالات كثيرة. منذ تلك السنوات البعيدة، توطدت علاقتى به، وتناقشنا واتفقنا واختلفنا، ولكنه ظل طوال الوقت واضحًا وصريحًا، لا يرتدى أقنعة، ولا يتردد فى الدفاع عما يؤمن بأنه الصواب.
ظننتُ أننى أعرف كل شىء عن حياته العامة والخاصة، ولكن كتابه الجديد «الحياة كما عشتها» الصادر عن دار نظر، أضاف إلى الكثير من الحكايات والأحداث والمواقف، ورأيت فيه ما يتجاوز فكرة «السيرة الذاتية»، إلى آفاق الشهادة على عصور وشخصيات مهمة، كتب عنها بطريقة سردية مشوقة، وبلغة فصيحة سلسة، تُعنى بالصورة والحركة والتفاصيل، وترسم أحيانًا لوحات فكاهية مرحة، وتنتقل ببراعة بين الأزمنة، وتجمع بين ترتيب الرحلة من الأقدم إلى الأحدث، والقفزات الزمنية الحرة داخل كل فصل، تتبعا لمسار شخصية أو فكرة أو ظاهرة.
وكأن خبرة العمرى كناقد يشاهد الأفلام، ويكتب عنها، قد تحولت هنا إلى فيلم طويل مكتوب، حافل بمفاجآت وأحداث عامة وخاصة، وكأنه يكتشف نفسه كحكاء يكتب بنفس طويل، بعد أن عرفنا عنه مهارة الحكى الشفاه»، وصولًا بالحكايات إلى تخوم الكاريكاتير الساخر.
السردية هذه المرة تمتزج فيها المتاعب بالمغامرة بتغيير المهنة والنشاط، وبالتحول من الطب إلى الصحافة والكتابة النقدية السينمائية والثقافية، وعبر نحو 400 صفحة نتابع رحلة ثرية حقًّا، بدأت بالميلاد قبل فترة وجيزة من نهاية الحقبة الملكية، وغالبًا، كما يقول، فإن والده، مهندس المساحة ودارس القانون، أطلق عليه اسم أمير ارتباطا بمولد الأمير أحمد فؤاد ابن الملك فاروق، بينما سيتشكل العمرى فى سنوات ما بعد 1952 بكل تحولاتها الضخمة:
سيتعلم فى مدارس عامة كانت أقرب إلى معاهد علمية ورياضية وفنية متكاملة، وسيشاهد الأفلام فى مدن كالمنصورة وطنطا ودمياط حيث درس وتعلّم، وسيرى العالم من خلال شاشة التليفزيون، الذى دخل إلى مصر فى العام 1960، وستصدمه هزيمة 1967، بعد أن كان مؤيدًا للتجربة الناصرية، ومجادلًا لا يلين لوالده الوفدى العتيد.
كل ما هو ذاتى فى هذه الحكايات تصبح له دلالة عامة على حياة الطبقة الوسطى، التى ترفع من شأن التعليم والشهادة، ورغم رغبة الابن فى دراسة السينما، إلا أن مصير خريجى المعهد لم يكن مبشرا، ولا يمكن مقارنته بدراسة الطب فى جامعة عين شمس، التى كانت وقتها تشهد لحظات سياسية وثقافية كبرى، أتاحت للعمرى أن يؤسس ناديا شهيرا للسينما، وأن يكوّن مكتبة خاصة بالكليّة، وأن يقيم ندوات لشخصيات هامة عبر نشاط اللجنة الثقافية، وأن يكون شاهدا على اعتصامات ومظاهرات ما قبل حرب أكتوبر.
التجربة الخاصة بسنة الامتياز، واللوحات الواقعية والغرائبية للعمل فى الوحدات الصحية فى أسيوط، وكثير منها يمكن أن يتحوّل إلى أعمال درامية مشوقة،.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من جريدة الشروق