محمد الباز يكتب: تفكيك جماعة.. التاريخ السرى لخيانات الإخوان المعلنة

هل كان لا بد أن يجرى ما جرى؟

هل كان لا بد أن يحتشد المصريون بالملايين فى الشوارع والميادين ما بين يومى ٣٠ يونيو و٣ يوليو ٢٠١٣ ليهتفوا ضد الجماعة الإرهابية، مطالبين بإسقاط حكم المرشد؟

هل كان لا بد أن يعلن الملايين من أبناء البلد المخلصين عدم عودتهم إلى بيوتهم مرة أخرى إلا بعد أن يخرج الرئيس الإخوانى، مندوب مكتب الإرشاد، من قصر الاتحادية؟

وهل كانت ثورة ٣٠ يونيو مجرد غضبة فى وجه مَن لم يُقدروا للوطن قدره.. ويُنزلوه المنزل الذى يستحقه؟ أم كانت ثورة شاملة بالمعنى العلمى للثورات التى لا تقوم إلا من أجل تغيير شامل، ليس فى شكل النظام السياسى فقط ولكن فى البنى الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التى تشكل دولة جديدة تخاصم فى كل شىء ما كان؟

الحدث كبير.. ولذلك فالأسئلة حوله لا بد أن تكون كبيرة ومستمرة.

مرور السنوات يزيد الرغبة فى فهمه وتقصى حقائقه، فالذين استهدفتهم الثورة لم يستسلموا بعد- ويبدو أنهم لن يستسلموا بسهولة- وآية عدم استسلامهم خطتهم المتجددة لتشويه كل وأى شىء ينتمى للثورة، وهو ما أصاب حتى مؤيديها بكثير من التخبط والتشوش والحيرة والارتباك.

تدعونى هذه الحالة- كما تدعو كثيرين- إلى البحث عن تخليص ثورة ٣٠ يونيو مما لحق بها من خرافات زائفة، ودعاوى كاذبة وتسميات باطلة، وأفكار مشوشة، وأحكام جائرة، وأحلام مستحيلة.

منذ سنوات وأنا أحاول نسج صورة حقيقية لما جرى فى ٣٠ يونيو.

لم أكتب من منصة المنتصرين، رغم أننى أعتبر نفسى من بين مَن كانوا فى صفوفها الأولى بما كتبت وكشفت.. وانتصارها انتصار لى.

ولم أنسج ما نسجت من باب المنحازين إليها.. رغم أن الانحياز إلى قرار الشعب شرف يجب ألا نخفيه، أو نتهرب منه، أو الاعتذار عنه بسبب ضغوط المشككين أصحاب المصالح فيه.

ولم أجمع أطراف الحكاية من أرضية الكيد لخصم واضح وصريح يريد أن يعيد الأيام إلى سيرتها الأولى، ولا يفقد أبدًا الشغف فى ذلك، رغم الضربات الكثيرة التى وُجهت ولا تزال توجه إليه، وهى ضربات ليست سياسية أو أمنية فقط.. ولكنها ضربات شعبية يقف خلفها مَن اكتشفوا أن الجماعة الإرهابية لم تكن سوى وَهم كبير.

كتبت ولا زلت أكتب وسأواصل الكتابة لوجه وطن يملكه مَن يعملون مِن أجله.. بعيدًا عن لغة المصالح وصفقات البيزنس وأجندات المنتفعين فى الداخل والخارج.

فى كل مرة أبحث عن زاوية جديدة.. أضع كلماتى على جناح تفسير مختلف.

فالثورة التى أعتبرها لا تزال مستمرة بوجهها الإصلاحى، بعد أن أدت دورها فى مهمة استرداد الوطن من بين أنياب مختطفيه، تحتاج إلى قراءات متجددة، تحفظ لها حيويتها وتمدها بقدرة على تأكيد أهدافها وصحة مسارها.

بعد سنوات من الفعل الثورى الأهم فى تاريخنا الحديث، نجد من يطعن فيه، ينثر بذور الشك ليحصد ثمار الخديعة.. يُهين من قاموا بالمهمة المقدسة، وينتقص من قدرهم ويتوعدهم بالويل المقيم، ولأن هناك من يضعف فيخضع، كان واجبًا علينا أن نضع خريطة الأحداث أمامنا من جديد.. نقرأ ونتأمل ونفكر سعيًا وراء فهم صحيح.. فدونَ الفهم تتحول الحياة إلى غابة من الألغاز.

زاويتى الجديدة لقراءة أحداث ٣٠ يونيو هذه المرة تأتى على جناح المهمة الكبرى التى قامت بها وأنجزتها بالفعل.. وهى مهمة رغم نجاحها الكبير فإنها لا تزال تلقى مقاومة ومحاولة لإفسادها، والعودة بنا جميعًا إلى نقطة الصفر مرة أخرى.

وقبل أن تسألنى عن هذه المهمة الكبرى التى أقصدها، سأقول لك إن ٣٠ يونيو كان لها الفضل الأكبر فى تفكيك جماعة مخادعة استطاعت أن تصوغ وعى المصريين بالكذب لصالحها.

قالوا للناس إنهم جماعة تعمل من أجل الإسلام ونصرته وإعلاء شأنه، وصاغت لذلك هتافات براقة دغدغت بها مشاعر العامة، ولعبت بعواطف البسطاء من أهلنا الطيبين.. فقالوا للناس إن الله غايتهم، والرسول زعيمهم، والقرآن دستورهم، والموت فى سبيل الله أسمى أمانيهم.

وقالوا للناس إنهم يملكون برنامجًا شاملًا لإصلاح الحياة، وحاولوا أن يكون الإغراء كاملًا، فأسندوا الحديث عن برنامجهم إلى أنهم يسعون إلى تطبيق شرع الله.

وقالوا للناس إنهم لا يريدون السلطة لينعموا بملذاتها، ولكن لأنها مسئولية من خلال مباشرتها يستطيعون أن يخدموا الناس وتيسير حياتهم.

وقالوا للناس إنهم لا يعارضون النظام من أجل أنفسهم.. ولكن من أجل تحرير الناس من بطشه واستبداده وطغيانه وفساده.

وقالوا للناس إنهم يملكون الكوادر اللازمة لإدارة الدولة، واحتجوا على ذلك بأنهم يحملون درجات الماجستير والدكتوراه، وأنهم يستطيعون التصدى لمواجهة الأزمات والمشكلات الكبرى.

وقالوا للناس إنهم سيكونون خدمًا تحت أقدامهم.. وسارعوا فى الخداع عندما بدأوا فى تقديم خدمات متهافتة لهم، وتواجدوا بينهم فى مناسباتهم الاجتماعية.. فخدع فيهم الناس وانخدعوا لهم.

كانت الخدعة الكبرى التى مارستها جماعة الإخوان الإرهابية ضد الشعب المصرى أنها جماعة عانت كثيرًا وضحت كثيرًا، وأن أعضاءها دخلوا السجون ونالوا قسطًا وافرًا من التعذيب، وتمت مصادرة أموالهم، ودخل أولادهم فى موجات عاتية من التشريد.. وأنهم ما فعلوا ذلك إلا من أجل الناس ومصالحهم.

هذه الدعاية الساقطة كانت أكبر دليل على انحطاط جماعة الإخوان وسقوطها.

فلم يكن حديثهم عن السجون والتعذيب ومصادرة الأموال وتشريد الجموع حديث التضحية بقدر ما كان حديث الابتزاز السياسى والنفسى للمصريين، فقد أرادت الجماعة أن تحصل على ثمن ما تدّعى أنها قدمته، وهو ما جعلها تبالغ إلى حد الإفك فيما تعرضت له، وتصل إلى أعلى درجات الكذب بخصوص ما عانته.

لقد تعرضت فئات سياسية كثيرة لأكثر مما تعرضت له جماعة الإخوان، لكن هذه الفئات لم تتعامل مع الشعب المصرى كما تعاملت الإخوان، لم تجعل من سجنها وتعذيبها حجة للابتزاز أو البحث عن الحصول على مكاسب وتعويضات.. بل لم تَسع إلى الوصول إلى الحكم فقط من أجل أن تنتقم ممن سجنها وعذبه.

لم يكن هتاف «يسقط يسقط حكم المرشد» الذى رفعه المصريون فى مظاهراتهم ومسيراتهم، ضمن ثورة ٣٠ يونيو، موجهًا لنظام حكم فقط، بقدر ما كان موجهًا وبقوة إلى جماعة كان عمرها وقت الثورة ٨٥ عامًا.

لم تقم الثورة لتفكيك نظام سياسى ثبت فشله من طلته الأولى علينا.. عندما خرج رئيسه يعلن أنه جاء من أجل أهله وعشيرته فقط.

عملت الثورة من اللحظة الأولى، التى أعلن المشاركون فيها التمرد، على تفكيك كيان عصابى تكوَّن عبر عقود، وكان ينتظر الفرصة لينقض ويفتت ويهدم تمهيدًا لإعادة بناء وطن كبير على هواه وطبقًا لمصالحه، غير مهتم ولا ملتفت إلى قيمة هذا الوطن وقدره ومكانته وتاريخه ودوره.

كانت الجماعة الإرهابية مجرد ورم سرطانى فى جسد الوطن.. غريب عليه.. لا يعرفه ولا يعترف به.. لا يحترم ثوابته ولا يقدره.. ينظر إلى مصالحه وحده حتى لو تضاربت مع مصالح الوطن الكبير.

حصل هذا الورم السرطانى على شرعية وجوده فى عصر الرئيس السادات، عندما أقدم الرئيس على منحه فرصة العمل والوجود لمواجهة خصومه وكسر شوكتهم، وتمكن من الانتشار فى جسد الوطن كله فى عصر الرئيس مبارك، الذى تعامل مع الجماعة على أنها أداة من أدوات الحكم، بعد أن حولها إلى فزاعة يخيف.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الدستور المصرية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الدستور المصرية

منذ 4 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ ساعتين
منذ 4 ساعات
صحيفة الوطن المصرية منذ 16 ساعة
صحيفة الوطن المصرية منذ 12 ساعة
صحيفة اليوم السابع منذ 6 ساعات
قناة العربية - مصر منذ 14 ساعة
صحيفة المصري اليوم منذ 9 ساعات
صحيفة الوطن المصرية منذ 16 ساعة
صحيفة الوطن المصرية منذ 14 ساعة
صحيفة اليوم السابع منذ 10 ساعات