ماذا يريد ترامب من مهاجمة حلفائه؟

كان من المتوقع أن يهاجم دونالد ترامب روسيا أو الصين أو أي دولة ترتبط بهما بعلاقات صداقة، لكن قِلة من المحللين توقعوا أن يلمح ترامب إلى استخدام القوة العسكرية لتوسيع الأراضي الأميركية لتشمل غرينلاند وقناة بنما، في حين يستخدم القوة الاقتصادية للهجوم على كندا، وهذا حتى قبل أن يؤدي اليمين الدستورية رسمياً، ولم يتوقع الكثيرون أيضاً أن يهاجم إيلون ماسك السياسة الأوروبية.

أغنى رجل في العالم، بعد أن تبرع بمبلغ 259 مليون دولار لدعم إعادة انتخاب ترامب، يصف رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، بأنه «شرير» ويدعم حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي يعارض الوحدة الأوروبية والمساعدات العسكرية لأوكرانيا.

حتى لو لم تتجاوز التهديدات مجرد الخطب الرنانة دون تحويلها إلى سياسات واقعية، فإن هذا الهجوم المستمر على الحلفاء من شأنه أن يضعف التحالف الغربي بثلاث طرق: أولاً، سوف يؤدي ترهيب ترامب لغرينلاند وكندا، وكلاهما عضو في حلف شمال الأطلسي، إلى خلق حالة من انعدام الثقة داخل التحالف الذي كان حجر الأساس للأمن الغربي منذ الحرب العالمية الثانية.

ثانياً، تعمل تهديدات ترامب بالقوة العسكرية، حتى لو لم يكن يقصدها بجدية، على تقويض الدوافع الأخلاقية ضد الحرب الروسية الأوكرانية، حيث لا يحق الأن للولايات المتحدة وحلفائها أن يدّعوا أن القوى الكبرى ليس لها الحق في السيطرة على أجزاء من أراضي جيرانها، فإذا كانت الولايات المتحدة ستستولي على غرينلاند أو بنما، فكيف ستعارض توسع إمبراطورية بوتين أو الغزو الصيني المحتمل لتايوان؟

ثالثاً، تساعد تصريحات ماسك حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي يكتسب أرضية في استطلاعات الرأي قبل الانتخابات العامة الألمانية الشهر المقبل، ولن يكون من المستغرب أن تلفت فرنسا، حيث الوضع السياسي غير مستقر، انتباه الملياردير أيضاً.

لا يستمد ماسك قوته من ثروته وسيطرته على منصة التواصل الاجتماعي (إكس) فحسب، بل وأيضاً من نفوذه في إدارة ترامب ودوره في الإدارة القادمة كرئيس مشارك لوزارة ستتخصص في خفض الإنفاق الحكومي، وإذا نجح في استغلال هذا النفوذ في تقويض الكتلة الأوروبية فستصبح القارة أكثر انقساماً في الوقت الذي تحتاج فيه إلى التكاتف لتعزيز دفاعاتها وتحسين قدراتها التنافسية.

أجندة ترامب

لن تصبح كندا الولاية رقم 51، ومن غير المرجح أيضاً أن يغزو ترامب بنما أو غرينلاند، ولكن الرئيس الأميركي القادم يريد إعادة التفاوض على علاقة بلاده مع الجيران الرئيسيين.

يطالب ترامب بثلاثة مطالب رئيسية من كندا: زيادة الإنفاق الدفاعي، والذي يبلغ 1.4 في المئة من الناتج الاقتصادي، أي أقل من هدف الناتو البالغ 2 في المئة؛ وتشديد ضوابط الحدود لمنع الاتجار بالمخدرات؛ وإنهاء الفائض التجاري الكندي مع الولايات المتحدة، والذي بلغ 8.2 مليار دولار في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني وحده.

بعد استقالة رئيس الوزراء، جاستن ترودو، الأسبوع الماضي، أصبح ترامب في وضع جيد لتحقيق هدفيه الأولين على الأقل، فقد وعد زعيم المعارضة المحافظ، بيير بواليفير، المرشح للفوز بالانتخابات، بمزيد من الإنفاق العسكري والإنفاق على تأمين الحدود.

وفيما يخص قناة بنما قد يكتفي ترامب بأمور أقل من السيطرة الكاملة، حيث يهدف إلى تهديد سيطرة شركة سي كيه هاتشيسون، التي تتخذ من هونغ كونغ مقراً لها، على الموانئ القريبة من مدخلي الممر المائي في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ، لتجنب أي خطر من أن تؤثر الصين على كيفية عمل القناة، كما يسعى ترامب إلى خفض الرسوم التي تدفعها السفن الأميركية مقابل العبور.

بالمثل قد يقبل ترامب توسيع القواعد العسكرية الأميركية في غرينلاند وزيادة الوصول إلى الموارد الطبيعية في الإقليم، بما في ذلك المعادن النادرة، كبديل لضم الجزيرة إلى الأراضي الأميركية.

لقد أوضحت الدنمارك، التي تتمتع بالسيادة على أكبر جزيرة في العالم، أنها سترحب بوجود أميركي أقوى بسبب النشاط الروسي والصيني المتزايد في القطب الشمالي.

أجندة ماسك

تبدو رغبة ماسك في تغيير الخريطة السياسية لأوروبا حقيقية، فهو يريد استخدام نفوذه السياسي للترويج لأعماله ونشر نفوذه الاقتصادي عبر القارة لتعزيز قوته.

ويبدو أن كلاً من ترامب وماسك يستمتعان بقوتهما، حيث يمكنهما إحداث موجات ضخمة من التغيير عبر التجاوز العنيف للأعراف الدولية والدبلوماسية، ويجدون أنه من الأسهل ترهيب أصدقاء أميركا بدلاً من مواجهة منافسيها التقليديين، وهذا من شأنه أن يلحق الضرر بقوة الولايات المتحدة في الأمد البعيد، فقد كانت شبكة تحالفاتها مصدر قوة مستداماً.

من ناحية أخرى يجب أن يبذل حلفاء أميركا قصارى جهدهم لإقناع ترامب بخطر مهاجمة أصدقائه وتذكيره بأن التهديد الرئيسي للولايات المتحدة يظل الصين وأن السماح لروسيا بالانتصار في أوكرانيا من شأنه أن يشكل ضربة للقوة والهيبة الأميركية، ولا نعرف على وجه اليقين احتمالات إنصات ترامب لهم، ولكن في الوقت الحالي ينبغي لبكين وموسكو أن تكونا مسرورتين بالطريقة التي تتشكل بها فترة رئاسة ترامب الثانية.


هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من منصة CNN الاقتصادية

منذ 3 ساعات
منذ 37 دقيقة
منذ ساعة
منذ 11 ساعة
منذ ساعتين
منذ 12 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 11 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 6 ساعات
قناة CNBC عربية منذ ساعة
صحيفة الاقتصادية منذ 27 دقيقة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ ساعتين
قناة CNBC عربية منذ 3 ساعات
صحيفة الاقتصادية منذ 16 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 30 دقيقة