بدأت إيران والقوى الأوروبية الرئيسية (فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة) في سويسرا مساء الإثنين ولمدة يومين، محادثات "جدية وصريحة وبناءة" حول البرنامج النووي الإيراني، قبل أسبوع من عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وتجرى هذه المحادثات بعد أقلّ من شهرين على مفاوضات أحيطت بالتكتّم بين إيران وممثلين عن الدول الأوروبية الثلاث في جنيف، في وقت يبدي فيه الغرب مخاوف حيال تقدم برنامج طهران النووي.
وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الطالبية "إيسنا" أنّ "نائب وزير الخارجية الإيراني ماجد تخت روانجي اجتمع مع نظرائه في المجموعة الثلاثية (ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة) مساء الإثنين".
وأضافت أنّ الدبلوماسيين الأربعة "بحثوا في القضايا ذات الاهتمام المشترك وخصوصًا المفاوضات بشأن رفع العقوبات والملف النووي والوضع المقلق في المنطقة" من دون تقديم المزيد من التفاصيل.
مواضيع ذات صلة مفاوضات جادة وصريحة وبناءة وفي وقت لاحق وصف نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون الدولية كاظم غريب آبادي المباحثات بأنها "جادة وصريحة وبناءة".
وقال في منشور على منصة "إكس": "لقد ناقشنا أفكارًا تتضمن تفاصيل معينة في مجالي تخفيف العقوبات والنووي الضرورية للتوصل إلى اتفاق".
وأضاف أنّ "الأطراف اتّفقت على ضرورة استئناف المفاوضات وعلى أنه من أجل التوصل إلى اتفاق، على جميع الأطراف توفير مناخ مناسب والحفاظ عليه. واتّفقنا على مواصلة حوارنا".
من جهتها، أكّدت وزارات خارجية الدول الأوروبية الثلاث في منشور متطابق على حساباتها في منصة "إكس" أنّ "المدراء السياسيين البريطاني والفرنسي والألماني التقوا مجدّدًا مع نظرائهم الإيرانيين في جنيف اليوم الإثنين".
وأضاف المنشور الأوروبي أنّ "المناقشات كانت جادّة وصريحة وبنّاءة بمواجهة سياق صعب، ناقشنا مخاوفنا وأكّدنا التزامنا التوصل إلى حلّ دبلوماسي، واتفقنا على مواصلة حوارنا".
وكانت وزارة الخارجية الألمانية قالت لوكالة فرانس برس أن "هذه ليست مفاوضات"، فيما ذكرت إيران أنها مجرد "مشاورات".
حل دبلوماسي وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية اسماعيل بقائي الإثنين، إنّ المحادثات ستتناول "مجموعة واسعة من المواضيع".
وأضاف أنه بالنسبة لطهران "الهدف الرئيسي لهذه المحادثات هو رفع العقوبات عن إيران"، مشيرًا إلى أن الجمهورية الإسلامية "تستمع إلى المواضيع التي تريد الأطراف الأخرى بحثها".
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية إن اجتماع الاثنين هو "مؤشر إلى أن دول الترويكا الأوروبية تواصل العمل من أجل التوصل إلى حل دبلوماسي للبرنامج النووي الإيراني الذي يطرح مستوى تقدمه مشكلة بالغة".
وأعلنت طهران مطلع ديسمبر البدء بتغذية أجهزة طرد مركزي جديدة في موقع فوردو، "ما من شأنه على المدى الطويل إحداث زيادة كبيرة في معدل انتاج اليورانيوم المخصب عند مستوى 60%"، وفق الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وفي رسالة إلى مجلس الأمن الدولي بتاريخ 6 ديسمبر، أعربت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة عن "قلقها" الكبير وحضت الجمهورية الإسلامية على "وقف تصعيدها النووي على الفور".
وناقشت الدول الثلاث احتمال تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات على إيران "لمنعها من امتلاك السلاح النووي".
ويلحظ الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران عام 2015 مع فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والصين وروسيا والولايات المتحدة، على فرض رقابة دولية على برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الدولية المفروضة عليها، آلية تسمح بإعادة فرض العقوبات.
وتنتهي في أكتوبر 2025 مفاعيل القرار 2231 الذي يعنى بتطبيق اتفاق 2015، بعد 10 سنوات على دخول الاتفاق حيز التنفيذ
التحدي الإستراتيجي الرئيسي
واعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في السادس من يناير أن إيران تشكل "التحدي الإستراتيجي والأمني الرئيسي" في الشرق الأوسط، محذرًا من "تسارع برنامجها النووي".
وأكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قبل فترة قصيرة أن بلاده "ستتخذ تدابير للطمأنة" بشأن برنامجها النووي في مقابل رفع العقوبات.
وبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن إيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي تخصب اليورانيوم بنسبة 60% من دون أن تمتلك سلاحًا ذريًا.
وببلوغها عتبة التخصيب عند مستوى 60% تقترب إيران من نسبة 90% اللازمة لصنع سلاح نووي.
وتؤكد إيران حقها في امتلاك برنامج نووي لأهداف مدنية ولا سيما توليد الطاقة، نافية السعي لحيازة قنبلة ذرية، وهو ما تشكك فيه الدول الغربية.
وتجري المحادثات في فترة حرجة لإيران، إذ ضعف نفوذها في المنطقة مع تعرض حركة "حماس"الفلسطينية المتحالفة معها و"حزب الله" اللبناني الموالي لها، لضربات قاسية جراء الحرب التي اندلعت منذ أكثر من عام مع إسرائيل، وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا الذي كان يشكل حلقة أساسية في "محور المقاومة" الذي تقوده في المنطقة.
وتضاف إلى ذلك عودة دونالد ترامب الذي سيتم تنصيبه في 20 يناير، وهو الذي اعتمد خلال ولايته الأولى (2017-2021) سياسة "ضغوط قصوى" على إيران.
وتصاعد التوتر حول البرنامج النووي الإيراني بشكل كبير في ظل رئاسة ترامب الذي انسحب بصورة أحادية الجانب من الاتفاق في 2018 وأعاد فرض عقوبات مشددة على إيران أضرت باقتصادها.
وردًا على ذلك، كثفت الجمهورية الإسلامية نشاطاتها النووية وتخلت تدريجيًا عن التزاماتها بموجب الاتفاق.
وأعرب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان منذ توليه مهامه في أغسطس عن رغبته في إجراء مفاوضات جديدة لإحياء الاتفاق، ساعيًا إلى تخفيف العقوبات على بلاده لإنعاش اقتصادها.
(أ ف ب)
هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد