صغيران كانا، يتلمسان طريقهما في حياة ظنّا أنها ستكون رحيمة بهما، وستمنحهما كل ما يطاردانه من أحلام لم تكن قد تبرعمت بعد.
صغيران يتدربان على دروب حياة لم يكونا يعرفانها. لم يختارا والديهما، لكن فطرة الطفولة جعلتهما يؤمنان أن الأب هو الحصن المنيع والسند، وأن الأمان يزهر من بين ذراعيه. لم يخطر ببالهما أن العالم مليء بالغدر، وأن أكثر ما قد يدمرنا ربما يأتي على يد أولئك الذين نمنحهم ثقتنا المطلقة، ونظنهم مصدر الحماية والدفء.
وهكذا كان، فقد خبأت لهما الحياة أبشع ما تدّخره من مفاجآت، وأرتهما وجهها البشع القبيح، وجانبها الغادر، فانطفأ الوهج في العيون الحالمة، وماتت الأحلام على يد أب تجرد من إنسانيته، ليتحول إلى وحش بشري لا يعرف معنى الرحمة.
لا شيء يصف فداحة الجريمة التي ارتكبها هذا الأب، حين ضحى بطفليه البريئين؛ طفلة لم تكمل ربيعها الخامس ورضيع لم يتجاوز عمره الأشهر، وقام برميهما في سيل الزرقاء، من ثم سلم نفسه للأجهزة الأمنية!
جريمة تهتز لها الأبدان، ولا يمكن فهم سياقاتها في السلوك البشري السويّ، فتحول الأب إلى قاتل متوحش لا يمكن تفسيره بأنه يتأتى بدوافع الانتقام من زوجته، ولكن يمكن أن يتعدى ذلك نحو محاولة إرضاء رغبة مريضة ومشوهة في قهر الآخر، والتسبب في حجم آلام غير مسبوق.
نحن نعلم أننا لا نعيش في مدينة فاضلة، فالجرائم المروعة تحدث بيننا في سياق متواصل. لكن، هناك أنواع من تلك الجرائم عصية على الفهم، كما هي عصية على النسيان، وآثارها الكارثية تزلزل المجتمع بأكمله.
في الجانب الآخر من التفكير الذي تفرضه هذه الحادثة، وغيرها من الجرائم، هو حجم المسكوت عنه أو المخفي.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الغد الأردنية