عاشت عالمة الاجتماع الأديغية شولن شانلي حياتها بين تركيا والولايات المتحدة، وهي تنتمي إلى اللامكان. يساورها شعور دائم بالحنين لوطن لم تعش فيه، ولا يمكنها إيجاده.
هذا الوطن، بالنسبة للأكاديمية في جامعات أميركية، تحمله معها أنّى ارتحلت.
وتحاول شانلي الاقتراب من المهاجرين طوعا وقسرا، أينما وُجدوا، بقصتها الشخصية، لتضيء على الإبادة الجماعية التي حلّت بشعب الأديغة على يد الإمبراطورية الروسية.
أديغيه بزيه هي اللغة التي تجمع قبائل الأديغة الـ12، بعد قرار اتخذوه في القرن التاسع عشر للوحدة بوجه طغيان الرّوس.
لكن هذه اللغة اليوم في خطر بحسب اليونسكو. المتحدثون بها لا يصلون بالكاد إلى مليون شخص، أكثرهم يعيشون في روسيا.
تمتد جذور شانلي إلى قبيلة "أوبوخ" في شمال القوقاز، وكانت لهم لغة خاصة انقرضت بوفاة آخر متحدث بها عام 1992.
الأديغة، كما يسمون أنفسهم، هم الشركس، وفق التسمية الأكثر شيوعا في الأوساط غير الأديغية.
من المهم بالنسبة لشانلي اعتراف الدول بأن ما حدث لشعبها خلال 100 سنة بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، إبادة جماعية.
قالت ذلك في 2021 عبر بودكاست أميركي. حينها كانت جورجيا فقط اعترفت بالإبادة (مايو 2011).
لكن يناير الحالي شهد لحظة تاريخية جديدة للأديغة. ففي التاسع منه، اعترفت أوكرانيا بالإبادة التي تعرضوا لها على يد روسيا القيصرية.
مقاومة الطغيان الروسي قبل أيام، نقلت السفيرة الأوكرانية في الأردن، بشارة في التاسع من يناير للأديغة. خاطبتهم "أيها الإخوة بالروح والسلاح".
تشير بذلك إلى التاريخ المشترك في المقاومة المسلحة لواحدة من أعتى القوى في العالم؛ روسيا القيصرية.
وقالت ميروسلافا شيرباتيوك إن "أصوات الشركس التي تم إسكاتها عبر قرون من الظلم، باتت الآن تصدح بقوة في أروقة برلماننا".
فقد اعترف البرلمان الأوكراني (رادا العليا) بوقوع الإبادة الجماعية للشعب القوقازي (1763 1864).
العديد من أديغة الأردن، التي يقيم بها عدد كبير منهم، تلقوا الخبر بفرح وأكدوا على أهميته، وأن تحذو دول أخرى في الأمم المتحدة حذو أوكرانيا وجورجيا.
وأضافت شيرباتيوك أن اعتراف بلادها دليل على التزامها بالتضامن مع الشعوب المضطهدة في الإمبراطورية الروسية السابقة.
كما يعبر عن "الشجاعة الأخلاقية والإنسانية المشتركة وعدالة التاريخ"، وفق تعبيرها.
وتابعت شيرباتيوك "لطالما فهمت أوكرانيا الألم المدمر للكارثة التي تعرض لها الشركس، والقوة الهائلة المطلوبة لمواجهتها حتى يومنا هذا".
واعتبرت أن الإقرار بالإبادة جسر بين الشعبين الأوكراني والشركسي في شتاته. إنه جسر من الأمل والذاكرة والوحدة.
وأكدت شيرباتيوك على أن الفظائع التي ارتكبتها روسيا على مر الزمان لن تُنسى، كذلك ستستمر أوكرانيا بمقاومة العدوان الروسي بأشكاله.
قرار من قلب المأساة مجموعة "العدالة لشمال القوقاز"، احتفت بهذا الاعتراف الأوكراني عبر استذكار أبيات الشاعر التونسي أبي القاسم الشابي الشهيرة "إذا الشعب يوماً أراد الحياة".
وقالت في بيان إن الاعتراف بالإبادة الجماعية للشركس "بادرة أمل" لكنها "ممزوجة بحزن عميق على الأرواح التي فُقدت في الحرب الوحشية".
ولكونه جاء من دولة تقاوم الغزو الروسي منذ ثلاث سنوات، يكتسب الاعتراف بعداً أعمق.
جاء في البيان "رغم أن أوكرانيا واجهت هجمات الغزاة والطغاة. ورغم الخيانة والقتل والدمار الناتج عن الهجمات المستمرة، لا تزال تقاوم محاولات تقويض مكانتها كدولة مستقلة ذات سيادة".
ووصفت اعتراف البرلمان بأنه "شجاع وصادق" تجاه معاناة الأمة الشركسية.
وتأمل المنظمة الشركسية بأن تتخذ دول أخرى خطوة مشابهة.
وأكدت على القاسم المشترك بين الأديغة والأوكران، فكلاهما يقاوم الطموحات الاستعمارية لروسيا منذ العهد الإمبراطوري حتى الآن.
حرب القوقاز كان أحد أسباب التوسع الروسي في القوقاز هو الوصول إلى داغستان ديربنت بعده إلى بحر قزوين.
فقد كتب.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من قناة الحرة