مفاجأة بمعنى الكلمة ما حققه فيلم "هوبال" في شباك التذاكر السعودي، وتصدره للإيرادات بفارق كبير عن كل الأعمال العربية والأجنبية المعروضة، مفاجأة تستحق التوقف عندها، وتأمل منطقها وآلياتها المعقدة، من أجل فهم الكيفية التي تعمل بها بعض الأفلام مع الجمهور.
وليس معنى ذلك أن فيلم "هوبال" لا يستحق أن يكون جماهيرياً، أو أن ذوق الجمهور أقل من مستوى "هوبال"، وإنما يعني أن تلقّي الأفلام مسألة معقدة تتجاوز الحسابات، وربما ليس أغربها أن يكون الفيلم التالي في شباك التذاكر هو "الهنا اللي أنا فيه"، وهو عمل خفيف للغاية، يختلف في كل شيء عن "هوبال"!
بارقة أمل
أكثر ما يلفت النظر في نجاح "هوبال" أنه ينتمي إلى تيار السينما الفنية الجادة، التي تسعى للتقدير النقدي بمستواها الفني ولإحداث تأثير ثقافي بمضمونها، في مقابل الأفلام التي تستهدف إرضاء الجمهور فحسب عن طريق الضحك أو الرعب أو الأكشن.
وقد ثار النقاش في الآونة الأخيرة حول وضع السينما السعودية الوليدة بين هذين التيارين المتعارضين، وما يمكن أن يسفر عنه مستقبلًا من اتساع أو التئام الفجوة بينهما.
نجاح "هوبال" يعطي بارقة أمل لصناع الأفلام الفنية بأن بإمكانهم أيضاً الوصول إلى الجمهور، وإن كان، من ناحية ثانية، يضع عليهم عبئاً جديداً، إذ تُقارن أفلامهم بما حققه "هوبال".
إيرادات شبالك التذاكر السعودي في الأسبوع الأول من يناير 2025- هيئة الأفلام السعودية
وأعتقد أن هذا العبء سيكون ثقيلًا حتى على صناع "هوبال" أنفسهم، إذا لم يحقق فيلمهم التالي نجاحاً مماثلاً، فربما يسود الاعتقاد بأنه أقل شأناً وفناً من "هوبال". ولكن من ناحية ثانية يمكن أن يعطيهم، وزملاءهم، الثقة والأمل دوماً في أن صوتهم وفنهم يمكن أن يصلا إلى الناس.
مسيرة متميزة
"هوبال" هو الفيلم الطويل الثالث لمخرجه الشاب عبد العزيز الشلاحي، بعد "المسافة صفر" و"حد الطار"، وثلاثة من الأفلام القصيرة هي "عطوي"، و"كمان"، و"المغادرون".
هذه المسيرة تمتد لعشر سنوات تقريباً منذ عرض فيلم "عطوي" في مهرجان أفلام السعودية 2015، وفوزه بجائزة أفضل فيلم قصير، وهو ما يعني أن الشلاحي، رغم صغر سنه، أصبح بالفعل واحداً من رواد السينما السعودية الجديدة!
ما بين "عطوي" و"هوبال" تطور أسلوب عبد العزيز الشلاحي كثيراً واكتست موهبته بالمهارة التقنية والخبرة، من التأثر بالسينما الهوليوودية، خاصة نوعي "الرعب" و"أفلام الطريق" في "عطوي"، إلى التعبير الرمزي عن صراع الإنسان السعودي بين التقليد والحداثة والتحريم والحياة في "كمان"، إلى التعبير المباشر عن هذا الصراع في "المغادرون"، أول الأعمال التي شهدت تعاون الشلاحي مع كاتب السيناريو مفرج المجفل، وهو التعاون الذي استمر في أعمال الشلاحي اللاحقة.
ومن الواضح أن هذا التعاون يربطه خيط فكري وفني مشترك، خيط يمكن التعرف عليه والإمساك به عبر الأفلام الأربعة التي شهدت هذا التعاون.
في "المغادرون"، يلتقي على متن طائرة متجهة إلى الولايات المتحدة شاب مسافر لاستكمال دراسته بشاب متجه للقيام بعمل إرهابي، ويدور حوار بينهما يجسد الصراع الهائل الذي انتاب أجيالاً منذ تسعينيات القرن الماضي، هذه التسعينيات التي يعود إليها كل من الشلاحي ومجفل في "هوبال"، ليرصدا بدايتها وتفاقمها.
بين النسيان والتذكر
إذا كان "المسافة صفر" يدور حول رجل يحاول أن ينسى ماضيه الإرهابي، فإن "هوبال" يعود في الزمن ليذكر مشاهديه بالماضي الذي شكل أمثال هذا الرجل.
مع حرب الخليج الثانية التي أعلنت عن انهيار شعارات الوحدة العربية، باحتلال العراق للكويت، ثم احتلال أمريكا للعراق، وسقوط الاتحاد السوفيتي، وبحث "المجاهدين" عن هدف جديد، هو الحليف القديم (أمريكا)، شهدت المنطقة بأسرها، ثم العالم، سلسلة من العمليات الإرهابية، مصحوبة بمد ديني ودعوات انعزالية شديدة التطرف.
هكذا قرر الجد في "هوبال" أن يعتزل.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من الشرق للأخبار
