موسكو وطهران... أكبر من شراكة وأصغر من تحالف

بتوقيع اتفاقية «الشراكة الاستراتيجية الشاملة» بين موسكو وطهران، تكون العلاقات بين البلدين دخلت مرحلة جديدة تتقارب فيها مصالح الطرفين إلى درجة غير مسبوقة منذ سنوات طويلة، لكن في موسكو ثمة شكوك حول «لهفة» طهران للانفتاح على الغرب.

وتضع الاتفاقية أساساً قانونياً لفتح مجالات واسعة للتعاون، تتخطى بدرجة كبيرة المساحة التي وفَّرتها اتفاقية التعاون المبرمة بين الطرفين في عام 2001، التي جاءت الوثيقة الجديدة لتحل مكانها.

خلال رُبع قرن تطوَّرت العلاقات كثيراً بين موسكو وطهران، وشهدت الأوضاع حول البلدين تحولات كبرى دفعت، وفقاً للطرفين، إلى إعادة النظر بمجمل أسس التعاون، بما يفتح على آفاق جديدة لسنوات طويلة مقبلة. لكن الطريق نحو إبرام الاتفاقية الجديدة لم يكن سالكاً دوماً، ومرت الاتفاقية بعراقيل كثيرة، وشهدت تطورات وضعت علامات استفهام كبرى حول قدرة البلدين على إطلاق تحالف كامل.

على سبيل المثال، فإن الموقف الروسي من التطورات التي رافقت حرب كاراباخ الثانية التي أضرت كثيراً بمكاسب إيران الإقليمية، أثار شكوكاً واسعة لدى أوساط إيرانية بمكانة موسكو بوصفها شريكاً استراتيجياً يمكن الوثوق به. والأمر نفسه انسحب بعد تطورات الوضع في سوريا التي عمل فيها الطرفان بوصفهما شريكين أساسيين.

في المقابل، نظرت أوساط روسية بعين الشك دائماً إلى تلهف دوائر إيرانية لفتح قنوات اتصال مع الغرب، ومحاولات التوصُّل إلى توافقات تطبيع قد تنعكس سلباً على المصالح الروسية.

لذلك، كان اختيار توقيت إبرام الاتفاقية الجديدة لافتاً للأنظار. وقد تمَّ تحديد الموعد بعد تأجيل لأكثر من مرة، وكان محدداً في وقت سابق أن يتم التوقيع خلال أعمال قمة «بريكس» في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قبل الإعلان عن زيارة خاصة سيقوم بها الرئيس مسعود بزشكيان إلى موسكو أواخر العام لهذا الغرض.

لكن الزيارة لم تتم، وسربت أوساط روسية معطيات حول أن الرئيس فلاديمير بوتين قد يكون تعمد إرجاء الموعد لأنه لم يرغب في توقيع اتفاقية بهذا الحجم مع إيران قبل تسلم الرئيس دونالد ترمب مهامه في البيت الأبيض، ورغم ذلك تم لاحقاً اختيار التوقيت في موعد لافت قبل 3 أيام فقط من هذا الاستحقاق.

يقول خبراء إن موسكو وطهران سرّعتا خطواتهما بعد التطورات التي غيَّرت الوضع في سوريا، بما انعكس على مكانة ونفوذ كل من روسيا وإيران في المنطقة. كما أن موسكو، التي انتظرت أن تعلن الإدارة الجديدة في واشنطن خطوات محددة تجاه الملف الأوكراني، لا تبدو واثقة بقدرة الرئيس الذي وعد بإنهاء الحرب سريعاً، على وضع التسوية الأوكرانية بشكل يلبي المصالح الروسية بين أولوياته الأبرز، وبهذا المعنى فقد اختار الطرفان ترتيب أوراقهما بشكل يعزز مواقفهما التفاوضية لاحقاً.

لكن، هناك متغيرات وقعت في نص الوثيقة التي نشر موقع الرئاسة الروسية نسخةً منها، دلَّت على عدم رغبة موسكو في الذهاب بعيداً نحو تحدي الإدارة الأميركية الجديدة.

ومثلاً، كانت موسكو قد أعلنت، قبل أسابيع قليلة، أن الاتفاقية سوف تشتمل بنداً ينص على «الدفاع المشترك» أسوة باتفاقية مماثلة وقَّعتها موسكو مع بيونغ يانغ منتصف العام الماضي. لكن هذا البند غاب عن نص الاتفاقية وحلَّ مكانه بند يؤكد أنه «في حال تعرُّض أحد الطرفين لاعتداء خارجي يلتزم الطرفان بعدم تقديم أي نوع من المساعدة للمعتدي». وبدا واضحاً أن موسكو سعت إلى عدم منح الاتفاقية بعداً يمكن تفسيره بأن الاتفاقية تُشكِّل مقدمةً لتطوير تحالف عسكري كامل.

نص الاتفاقية تغطي الاتفاقية في 47 بنداً نطاق التفاعلات بين البلدين؛ من التجارة والطاقة إلى التعليم والسياحة. وتولي اهتماماً خاصاً للطاقة النووية السلمية، وهو القطاع الذي تستعد طهران لخوض معارك دبلوماسية خطيرة بشأنه قريباً.

وبالإضافة إلى ذلك، وضعت كل من موسكو وطهران خططاً محددة لتحسين طريق التجارة بين الشمال والجنوب. وتبين أيضاً أنه على الرغم من تقارير بعض المصادر بأن القطاع الأمني لن يتأثر بالاتفاق، فإن التعاون في هذا المجال منصوص عليه على نطاق واسع إلى حد ما في نقاط عدة، لكن في الوقت نفسه، لا تحوّل الوثيقة الشراكة بين البلدين إلى تحالف عسكري.

بعد الديباجة الواسعة التي تحدَّثت عن البُعد التاريخي للعلاقات بين البلدين، واستندت إلى اتفاقيتين.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الشرق الأوسط

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الشرق الأوسط

منذ 10 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ ساعتين
منذ 3 ساعات
قناة العربية منذ 7 ساعات
قناة يورونيوز منذ 18 ساعة
قناة العربية منذ 10 ساعات
قناة العربية منذ 21 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 7 ساعات
قناة العربية منذ 6 ساعات
قناة العربية منذ 15 ساعة
قناة يورونيوز منذ 18 ساعة