عُمان تنتهج استراتيجيات مُستدامة لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة
مشاريع الطاقة المُتجددة ركيزة استراتيجية في التحول نحو الاقتصاد الأخضر
نقترح تقديم دعم مالي مباشر للمزارعين والصيادين لاتباع ممارسات صديقة للبيئة
تحسين كفاءة استخدام الطاقة وتدوير المخلفات من أبرز إجراءات استدامة القطاع الصناعي
إعادة التدوير ضمانة أساسية لنمو الاقتصاد الأخضر
ضرورة النهوض بالوعي المجتمعي بأهمية الزراعة المُستدامة
الرؤية- سارة العبرية
أكد السيد رامي بن سالم البوسعيدي الخبير في الشؤون الاقتصادية أن عُمان مؤهلة- بعد سنوات قليلة- لأن تتحول إلى نموذج إقليمي متميز في دمج الحفاظ على البيئة بالتنمية الاقتصادية، ومن ثم تُصبح وجهة رائدة للتنمية المُستدامة والاقتصاد الأخضر في المنطقة والعالم.
وقال البوسعيدي- في حوار خاص مع "الرؤية"- إنه رغم الجهود المبذولة، تواجه السلطنة عدة تحديات للتوسع في الاقتصاد الأخضر؛ من بينها توفير رؤوس الأموال والتكنولوجيا، بجانب تأثيرات التغيُّر المناخي على الموارد المائية والزراعية. وشدد البوسعيدي على ضرورة رفع الوعي العام بأهمية الاقتصاد الأخضر في عُمان، وخاصة في المناطق الريفية، باعتباره خطوة رئيسية لتحقيق التنمية المستدامة، لا سيما وأن سكان المناطق الريفية لهم دور محوري في الحفاظ على الموارد الطبيعية مثل المياه والأراضي الزراعية، مما يجعل توعيتهم بمفاهيم الاقتصاد الأخضر ضرورة لضمان نجاح المبادرات البيئية والاقتصادية في السلطنة.
مفاهيم الاقتصاد الأخضر
وذكر البوسعيدي أنه يُمكن أن يبدأ التعليم والتثقيف البيئي بإدراج مفاهيم الاقتصاد الأخضر في المناهج الدراسية وتعليم الطلاب في المدارس عن أهمية الاستدامة البيئية، وكيفية تطبيقها في حياتهم اليومية، إلى جانب إمكانية تنظيم ورش عمل وتدريب عملي من خلال تنفيذ برامج تدريبية لسكان المناطق الريفية، بهدف تثقيفهم حول الزراعة المستدامة وتقنيات الري الحديثة وإعادة التدوير، ويمكن الاستفادة من المساجد والمجالس الاجتماعية لتقديم محاضرات ودروس توعوية حول حماية البيئة.
وقال البوسعيدي إن وسائل الإعلام والتقنيات الرقمية تؤدي دورًا مؤثرًا في تعزيز الوعي المجتمعي، وذلك من خلال إطلاق حملات إعلامية موجهة في منصات التواصل الاجتماعي والصحف واللوحات الإعلانية؛ لإيصال رسائل واضحة وسهلة وملائمة للمجتمع الريفي حول أهمية الاقتصاد الأخضر. وأضاف أنه يُمكن إنشاء صفحات وتأسيس منصات رقمية تنشر محتوى توعويًا باللهجات المحلية، مع أمثلة عملية من الواقع العُماني، علاوة على إنتاج مقاطع فيديو وأفلام قصيرة بلغة سهلة وبسيطة توضِّح الفوائد الاقتصادية والبيئية لتبني ممارسات الاقتصاد الأخضر.
وشدد البوسعيدي على ضرورة أن تتبنى الحكومة مُبادرات خاصة للمجتمع، مع طرح برامج للدعم المباشر، عبر تقديم حوافز مالية وتقنية للمزارعين والصيادين الذين يتبنون ممارسات صديقة للبيئة، مثل استخدام الطاقة الشمسية أو الزراعة العضوية، ويمكن أيضا إنشاء مزارع أو مصانع صغيرة في المناطق الريفية تُظهر فوائد الاقتصاد الأخضر عمليًا؛ ليقتدي بها السكان المحليون، وهذه الخطوات يمكن أن تتم عبر تأسيس شراكات وتعاون مع الجمعيات الأهلية والمبادرات المحلية لنشر الوعي وتنظيم الأنشطة البيئية، وإقامة فعاليات مثل يوم تنظيف البيئة أو أسبوع الزراعة المستدامة وإشراك المجتمع وخاصة في المناطق الريفية.
التنمية المُستدامة
ويرى الخبير في الشؤون الاقتصادية أن رؤية "عُمان 2040" تمثل خارطة طريق واضحة المعالم لتحقيق التنمية المستدامة، وأن الاقتصاد الأخضر يمثل أحد المحاور الأساسية لهذه الرؤية، كما يمثل فرصة لتحقيق التنويع الاقتصادي في عُمان بعيدًا عن الاعتماد الكبير على النفط، وذلك من خلال الاستثمار في قطاعات الطاقة المتجددة والسياحة البيئية والصناعات الخضراء، وهو ما سيُسهم بدوره في خلق فرص عمل.
وذكر البوسعيدي أن دراسات عالمية أظهرت أن التحول إلى الاقتصاد الأخضر يمكن أن يساهم في خلق ملايين الوظائف عالميًا بحلول عام 2030، ومن المتوقع أن تسهم هذه التحولات في السلطنة على خلق وظائف في مجالات مثل تشغيل وصيانة مشروعات الطاقة الشمسية والرياح وإدارة النفايات وإعادة التدوير، وعلى سبيل المثال مشروع مرآة للطاقة الشمسية وظّف مئات العاملين في مراحله الأولى ويستمر في توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة.
وحول أدوار القطاع الخاص في هذا الجانب، أوضح البوسعيدي أنه "يمكن الاستفادة عبر الاستثمار في التقنيات الخضراء والمشاركة في مبادرات الحكومة لخفض الانبعاثات، ووفقًا لتقرير صادر عن البنك الدولي أشار إلى الشركات التي تعتمد الاستدامة تزداد قدرتها على جذب الاستثمار الدولي بنسبة تصل إلى 40%، وهذا ما نأمله من خلال عرض الفرص للقطاع الخاص وتسهيل الإجراءات لهم وخاصة الشركات العُمانية الناشئة، ولدينا في هذا الوقت الكثير من المشاريع التي يعمل عليها شباب عُمانيين وخاصة في قطاع تدوير النفايات".
المشاريع الطموحة
وقال السيد رامي البوسعيدي الخبير في الشؤون الاقتصادية إن السلطنة أطلقت عدة مشاريع ومبادرات طموحة لدعم التحول نحو الطاقة المتجددة؛ من أبرزها: مشروع "مرآة" للطاقة الشمسية، وهو من أكبر المشاريع في العالم لتوليد الطاقة الشمسية المستخدمة في إنتاج البخار لاستخراج النفط، بقدرة إنتاجية حوالي 1021 ميجاواط من الطاقة الحرارية وفق إحصائية رسمية، إلى جانب مشروع ظفار لطاقة الرياح، وهو أول مشروع من نوعه في دول مجلس التعاون الخليجي بقدرة إنتاجية تصل إلى 50 ميجاواط.
وتابع قائلًا: "تعد السلطنة من أوائل الدول التي تبنّت النقل الكهربائي، خاصة مع العمل على استراتيجية التنقل الكهربائي، وتشمل دعم استخدام السيارات الكهربائية، ووجود خطط لتوسيع شبكة محطات الشحن، كذلك لدينا مشاريع في الطاقة الشمسية المنزلية وتم إطلاق برامج لدعم تركيب الألواح الشمسية في المنازل، مما يُخفّف من الاعتماد على شبكة الكهرباء التقليدية، ووفقًا لتوجهات الحكومة فهي تسعى لزيادة مساهمة الطاقة المتجددة إلى 30% من إجمالي إنتاج الطاقة بحلول عام 2040، وهذه نسبة تعتبر مناسبة جدا ونأمل أن تصل لها قبل الموعد المحدد".
وبالحديث عن التوازن بين التنمية الاقتصادية في عُمان والحفاظ على البيئة، أوضح البوسعيدي أن التوازن يمثل جزءًا أساسيًا من "رؤية عُمان 2040"، والتي تهدف إلى بناء اقتصاد متنوع ومستدام؛ حيث يسهم هذا التوازن في تعزيز رفاهية الأجيال الحالية والمستقبلية. لكنه استدرك بالقول إنه رغم ذلك تواجه السلطنة تحديات كبيرة، بسبب الاعتماد الطويل على الموارد.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الرؤية العمانية