وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في حوار ل«الشرق الأوسط»: من الخطأ القول إن العراق غير معني بالوضع في سوريا

«كيف نحمي بغداد من النار؟»، ردّد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين هذه العبارة، متذكراً كل ليلة مرّت على بلاده عام 2024، حين التقيناه في مقر إقامته بالعاصمة البريطانية لندن، بعد ساعة واحدة من إعلان وقف النار بين إسرائيل و«حماس»، يوم 15 يناير (كانون الثاني) 2025.

يقول وزير الدبلوماسية إن العراق نجا من الحرب، لكنه ما يزال يواجه مخاطر اشتعالها. يقول أيضاً إن «العالم ينظر إلينا الآن بشكل مختلف»، لكن «العراقيين لديهم مشكلاتهم مع الفصائل المسلحة، ولن يحلها أحد غيرهم»، حتى وإن اختلفت إيران معهم، أو عاد إليهم رئيس أميركي لا يضمر الود لبغداد وطهران.

كانت الأخبار تتدفق عن بنود اتفاق وقف النار في غزة. فؤاد حسين يسأل: «كيف وصلنا إلى هذه اللحظة. تأخرت كثيراً بتكلفة دموية هائلة»، ودون أن يخفي التفاؤل، يعود إلى ما وصفها بـ«النبوءة العراقية» المطروحة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023: «كل حرب ستلد حرباً أخرى، وثمة مزيد».

في هذا التوقيت، إذ يدخل لبنان عهداً جديداً، وتخوض سوريا مرحلة انتقالية بعد بشار الأسد، ترمي بغداد بثقلها في لندن باتفاق واسع فسّره كثيرون بحمولة سياسية تفوق ما أفصحت عنه المواقف الرسمية، إلّا الوزير حسين الذي يقول: «نعم... اتفاق تاريخي، لكن ليس تحسباً لمجيء ترمب».

إطار بريطاني في العراق في 15 يناير، أعلنت بغداد حزمة استثمارية بريطانية بقيمة 12.3 مليار جنيه إسترليني. صفقة غير مسبوقة، يرى الوزير حسين أنها تعكس «التاريخ الطويل للعلاقة بين البلدين».

ثمة صفقة دفاعية بين البلدين. يقول البيان المشترك إنها «تمهّد لاتفاق أمني قادم». يعلق الوزير العراقي: «بدلاً من الاتفاقات الجماعية مع دول التحالف الدولي لمحاربة (داعش)، طرحنا التوصل إلى تفاهمات أمنية منفصلة مع الكثير من الدول. بدأنا مباحثات مع فرنسا وألمانيا، والآن مع بريطانيا، للوصول إلى تفاهمات حول كيفية التعامل في المجال الأمني».

و«في العراق نوعان من القوات البريطانية: الأولى ضمن التحالف الدولي، والأخرى جزء من الناتو. لهذا نحتاج إلى نقاش حول كيفية التعامل مع هذا الوضع من الناحيتين الأمنية والعسكرية».

سألنا الوزير حسين عما يعنيه هذا الكلام، بالقياس مع لحظة فارقة في منطقة الشرق الأوسط، حيث يقول كثيرون إن العراق، ربما، في مرمى عقوبات أو استهدافات، وإذا كان الحضور اللافت في لندن حركة استباقية لرياح آتية.

يقول الوزير حسين: «ليست الغاية ترتيب الأمور قبل وصول الرئيس ترمب إلى البيت الأبيض. كل ما يُطرح يتعلّق بالسياسة العراقية والوضع العراقي والعلاقات الثنائية بين العراق ودول مؤثرة».

كان فؤاد حسين قد وصل إلى لندن قادماً من نيويورك، وهناك تولى العراق رئاسة مجموعة دول الـ77 + الصين، التي يصفها الوزير بمجموعة دول الجنوب العالمي.

«نحن نتحدث عن قيادة العراق لمجموعة دول في إطار الأمم المتحدة، وهي التكتل الأكبر الذي يمثّل الجنوب العالمي. هذه القيادة تفتح المجال لعلاقات دبلوماسية متميزة مع دول الشمال من أجل تعزيز السلم والأمن في العالم. هذا يعزّز موقع العراق إقليمياً ودولياً ويقوي علاقاته، بما في ذلك مع الولايات المتحدة الأميركية».

يعتقد الوزير أن رئاسة هذا التكتل ستكون مهمة للعراق في «اليوم التالي» للحرب، إذ تعكس «كيف بات العالم يقيّم بغداد»، كما يقول.

... وعاد ترمب لا حديث في العراق اليوم سوى عن عودة ترمب. سياق قديم يثير اليوم الاستقطاب والانفعال السياسي، وثمة اشتباك عراقي - إيراني على ذكريات ولايته الأولى في البيت الأبيض. يقترح الوزير حسين مرة أخرى تفهّم مصير الجغرافيا وأقدار السياسة.

«الرئيس الأميركي دونالد ترمب اختيار الشعب الأميركي في عملية ديمقراطية، ونحن نحترمه. أما السياسة الأميركية تجاه إيران، في ظل التوتر بين الطرفين، فإنها تؤثر في عموم المنطقة، والعراق في قلب هذا التأثير، بالنظر إلى أنه جار لإيران وله علاقات تاريخية وجغرافية وثقافية واقتصادية معها، وما يملكه من علاقات قوية مع الأميركيين في الماضي والحاضر، الذين ساعدونا هم أيضاً على محاربة الإرهاب وفق اتفاقات واضحة».

يأمل الوزير حسين في أن تكون العلاقات بين الطرفين حوارية للوصول إلى حلول معينة. لكنه يتخوّف من استمرار التوترات، مع أنه يشعر بالارتياح؛ لأن النقاشات السياسية في المجتمع العراقي بدأت تخوض في مسألة التوازن بين أطراف النزاع، وما يتطلبه هذا القيام بخطوات عديدة، ومثل هذا النقاش لم يكن سهلاً في الماضي.

كيف خاض العراق هذا النقاش الحساس بالطريقة التي يصفها الوزير حسين؟ يقول: «عملنا على حملة إعلامية مكثّفة لإقناع الداخل بأننا في خطر. إذا لم تستطع إقناع الداخل، فلن تستطيع إقناع الخارج. تمكنّا من إيصال الرسالة، رغم أنها لم تكن سهلة. في البداية لم يكن هناك فهم كافٍ من البعض حول هذه المسائل، لكننا نجحنا في تنبيه الجميع إلى أن العراق في خطر ويجب أن يبتعد عن الحرب».

طبخة العراق الصعبة كيف ابتكر العراق هذه الطبخة المعقدة؟ يقول الوزير إنه رغم حساسية هذا الملف؛ لكن «العراقيين باتوا يبحثون علناً فيه». يفكرون في طرقهم الخاصة لمعالجة المجموعات المسلحة خارج سيطرة الدولة، «مدفوعين بما تريده المرجعية الدينية في النجف التي أعلنت ضرورة حصر السلاح».

«هل نبني دولة أو نستمر في حروب ساحات معينة؟ الدولة لا يمكن أن تكون مزيجاً بين الدولة وأي شيء آخر يقوضها. إذن، نحن نحتاج إلى تفاهمات داخلية، أساسها أن أي طرف آخر لا يمكنه أن يفرض حالة العنف أو الحرب. هذا غير ممكن. لقد ناقشنا هذا الأمر حتى قبل هذه الأحداث».

ما يقوله الوزير كان مطروحاً حتى قبل «طوفان الأقصى»، وثمة أطراف دولية تبحث عن نهايات غير مفتوحة للنقاش العراقي.

«الكثير من المراقبين يقولون هذا. لكنني أرى أن هناك نقاشاً جاداً في المجتمع العراقي وبين الأوساط السياسية والقيادات. بدأنا هذه الحالة ونحتاج إلى فترة معينة لكي نصل إلى نتائج. من الواضح أننا ملزمون بآليات معينة وهناك أطروحات مختلفة، مثلاً أن تكون الفصائل جزءاً من الحشد الشعبي الذي يعدّ جزءاً قانونياً من القوات المسلحة. هناك أيضاً أطروحة أخرى تقضي بتسليم الفصائل سلاحها للحشد، وأن تتحول إلى جهات سياسية فقط. هناك أفكار كثيرة، لكن في النهاية يجب أن نصل إلى تفاهمات داخلية ونبتعد عن خلق حالة قد تؤدي، لا سمح الله، إلى قتال داخلي. فهذا غير مقبول».

ويجري الحديث في أوساط سياسية عن معالجة مسألة 3 فصائل انخرطت منذ أكتوبر 2023، في مئات الهجمات المسلحة، في إطار ما كان يُوصف بـ«دعم المقاومة في غزة» ضمن «وحدة الساحات»، وهي على الأغلب حركة «النجباء»، و«كتائب حزب الله»، و«كتائب سيد الشهداء».

العراق ملزم بآليات معينة لحل مسألة الفصائل.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الشرق الأوسط

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الشرق الأوسط

منذ 11 ساعة
منذ 11 ساعة
منذ 6 ساعات
منذ 9 ساعات
منذ ساعتين
منذ ساعتين
قناة العربية منذ 6 ساعات
سي ان ان بالعربية منذ ساعتين
قناة روسيا اليوم منذ 11 ساعة
قناة يورونيوز منذ 21 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 11 ساعة
قناة العربية منذ 8 ساعات
قناة العربية منذ 4 ساعات
قناة العربية منذ ساعتين