من بين الأسرى الفلسطينيين الذين أفرج عنهم في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، خرجت خالدة جرّار، القيادية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (يسار)، التي يعدّها كثيرون من أساطير الكفاح الفلسطيني.
وبحسب صور بثّتها الفضائيات العربية، ظهرت خالدة جرار، سيدةً كبيرةً في السن، بطيئة الحركة، نحيلة الوجه والقامة، بشعر أبيض، على خلاف صورها قبل الاعتقال، حيث كانت تبدو عفية الجسم، قوية البنية، ونضرة الوجه، وعلى جمال لافت.
وكان واضحًا للمشاهد أن جرّار لا تُعنى بصورتها بل بحريتها، وأن للمقاتلة من أجل حرية شعبها مشاغل مختلفة، وبدا واضحًا أنها متعجلة للقيام بها، فثمة شابة جميلة تنتظرها في إحدى مقابر مدينة رام الله، وعليها ألا تتأخر كثيرًا عن مواعيد الأمهات.
فجيعة خالدة جرّار الشخصية
في يوليو/ تموز 2021 كانت فجيعة جرّار الشخصية الكبرى.
لقد توفيت ابنتها الصغرى سهى إثر نوبة قلبية. كانت جرّار معتقلة آنذاك، ورفضت قوات الاحتلال منحها ساعات قليلة للخروج والمشاركة في وداع ابنتها، فدُفنت في غيابها.
اعتقلتها إسرائيل 4 مرات.. ماذا نعرف عن الأسيرة المحررة خالدة جرار؟
كانت تجربة مؤلمة لمناضلة توصف بالصلبة. كتبت جرّار من سجن الدامون (يقع في مدينة حيفا الساحلية) تقول إنها كانت تريد أن تودّع ابنتها بقبلة على جبينها، وتقول لها "أحبك بحجم حبي لفلسطين"، لكن "هذا لا يحصل إلا في فلسطين" ألا تتمكن الأم من إلقاء النظرة الأخيرة على ابنتها.
"نحن موجوعون بالاشتياق"، قالت خالدة في كلمة أُلقيت بالنيابة عنها في وداع ابنتها آنذاك، "محرومون من مجرد الاشتياق لضم أحبابنا".
زيارة قبر الابنة الصغرى
بعد الإفراج عنها ليل الأحد/الإثنين، كان أول ما فعلته خالدة جرّار التوجه على الفور إلى مقبرة رام الله الجديدة، لتزور ضريح ابنتها، فعلى الأمهات ألا يخلفن مواعيدهن مع فتياتهن الصغيرات، فما بالك لو كنّ نائمات في قبر صغير في بلاد ما زالت ترزح تحت الاحتلال.
جرار وعائلتها أمام قبر ابتها الصغرى في مقبرة رام الله الجديدة-غيتي
ولجرّار التي تبلغ من 62 من العمر، ابنة أخرى اسمها يافا.
وعندما خرجت جرّار من سجن عوفر كانت بشعر أبيض وعلى نحو لافت، كأنها في الثمانين من عمرها، فقد كان على صورة المناضلة الصلبة أن تتراجع هذه المرة أيضًا لصالح الإنسانة/ الأم المكلومة، مثل عشرات آلاف الفلسطينيات اللواتي فقدن أولادهن أو بناتهن.
ظهرت خالدة جرار، سيدةً كبيرةً في السن، بطيئة الحركة، نحيلة الوجه والقامة، بشعر أبيض، على خلاف صورها قبل الاعتقال، حيث كانت تبدو عفية الجسم، قوية البنية، ونضرة الوجه، وعلى جمال لافت
ولدت جرّار في مدينة نابلس لعائلة من الطبقة الوسطى، فوالدها ولاحقًا زوجها (غسان جرّار) من تجار المدينة.
التحقت الشابة التي تُظهرها الصور القديمة ببشرة نضرة وعلى جمال لافت، مبكرًا بالحركة الوطنية الفلسطينية، وخلال دراستها العلوم السياسية في جامعة بيرزيت منتصف ثمانينيات القرن الماضي، انخرطت في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
من بيرزيت كانت البداية
حازت جرّار على درجة الماجستير في العلوم السياسية من جامعة بيرزيت التي كانت معقلًا للحركة الوطنية الفلسطينية، وخصوصًا اليسار، منذ سبعينيات القرن الماضي، وفي الجامعة شاركت في مظاهرات الطلاب ومسيراتهم في المناسبات الوطنية، وفي الجامعة تعرفت أيضًا إلى زميلها الناشط غسان جرّار الذي ستقترن به لاحقًا.
جرار في أعقاب الإفراج عنها عام 2019-غيتي
أما أولى تجاربها في الاعتقال عام 1989، فكانت في مارس/ آذار من ذلك العام، حين قادت جرّار مسيرة نسوية ضخمة بمناسبة يوم المرأة العالمي، من مدينة البيرة باتجاه رام الله، وتعرضت المسيرة لهجوم من قوات الاحتلال التي اعتقلت العديد من المشاركات، ومن بينهن كانت جرّار التي وجّهت لها تهمة مقاومة الاحتلال والتحريض عليه.
ومنذ ذلك الوقت أصبحت حياة جرّار ما بين الاعتقال والعودة إليه، ففي عام 1998 فرضت عليها السلطات الإسرائيلية الإقامة الجبرية ومنعتها من السفر، وفي عام 2015 اعتقلت بتهمة الانتماء إلى تنظيم محظور.
ماذا قال جدعون ليفي عن جرّار؟
ووصف الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي المحكمة التي مثُلت جرار أمامها في ذلك العام بأنها "مهزلة"، وكتب في صحيفة هآرتس مقالًا عن جرار قال فيه إنها "ناشطة سياسية قديمة. تم انتخابها بانتخابات ديمقراطية، وتدافع عن حقوق المرأة، وتعمل من أجل إطلاق سراح الأسرى، ولذلك وجهت لها تهم غريبة، أو ما يمكن تسميته بالمهزلة".
وتساءل ليفي ما إذا تبقت تهمة لم تسندها إليها المحكمة العسكرية، "وبماذا لم تتهمها النيابة العسكرية؟ تتهمها بمقاومة الاحتلال؟ وزيارة أسير محرر؟ وإنها طالبت بإطلاق سراح الأمين العام للجبهة الشعبية؟ والمشاركة في معارض كتب؟ وبالسؤال عن سلامة النشطاء وعن نجاح المعارض؟ وأنها ألقت.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من التلفزيون العربي