استضافت الحلقة الأولى من «بودكاست كامل»، عبر «الدستور»، وزير الدولة لشؤون الإعلام الأسبق المهندس صخر دودين، وتحدث فيها عن تجربته في مواقع المسؤولية، وعن قضايا عامة وشخصية. وخلال اللقاء، الذي أجراه الزميل كامل النصيرات، قال دودين إن الأردن «ليس دولة عابرة»، مؤكدا أن الدولة الأردنية، التي دخلت مئويتها الثانية، تتميز بتجانس شعبي وتلاحم بين الشعب والقيادة.
وشدد على أن القيادة الهاشمية الأردنية تحظى بحب الشعب ولم تتلطخ أياديها بالدماء، وأن الأردنيين جميعا يلتفون حول وطنهم وقيادتهم على قلب رجل واحد، مؤكدا أنه «لا خوف على الأردن». وتاليا تفاصيل اللقاء..
** لغتك فصيحة.. وقلة من المسؤولين يتحدثون بلغة جيدة، من أين جاءتك هذه اللغة؟
دودين: والدي رحمه الله كان يعمل في شركة «أرامكو» عندما كنا أطفالا، وعندما جئنا إلى الأردن كنت صغيرا في الصف الأول الابتدائي، في ذلك الوقت لم أكن أنا أو إخواني نتكلم العربية على الإطلاق، لأننا كنا في مجموعة جميع من فيها أمريكيون، ووالدي بطبيعته معلم وجدي أيضاً معلم، والاثنان درّسا في مدارس حكومية، فأراد أن يدخلنا في مدرسة، وكنا في ذلك الوقت في جبل اللويبدة، وكنا سندخل إلى مدرسة ضرار بن الأزور، وكانت من أهم المدارس، فلم نقبل لأننا لم نكن نتكلم اللغة العربية، فوجد لنا مدرسة كان اسمها (مدرسة الأطفال)، وهي مدرسة فرنسية تدرّس الفرنسي والإنجليزي والعربي، وبنفس المنهاج الحكومي.
ما حصل معي وأنا في الصف الثاني الابتدائي أنني أصبت بمرض اسمه (الزلال) وهو مرض حاد في الكلى، وفي ذلك الوقت لم تكن العلوم الطبية قد تطورت كما هي اليوم، وكان يجب أن تجلس في المستشفى لمدة عام تقريباً وأن يتم أخذ محاليل بالوريد طيلة العام دون أن تأخذ ملحا على الإطلاق حتى تُنقّى الكلى من الشوائب التي كانت بها.
في تلك الفترة، وأنا صغير في الثاني الابتدائي، ووالدي رحمه الله كان يعمل في شركة «عالية» في ذلك الوقت، ووالدتي ربة بيت ولديها أطفال، فطلب والدي من جدي رحمه الله أن يكون معي في المستشفى. جدي في المستشفى حفّظني القرآن الكريم في ستة أشهر، بدأنا بجزء «عمّ» ومن ثم انتقلنا إلى ربع «يس» وهكذا إلى أن أنهينا القرآن الكريم في ستة أشهر «وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ». سبحان الله القرآن ميسر للذكر وميسر بأن تحفظه خصوصاً أن العلم في الصغر كالنقش في الحجر، ومن بعدها قام بتحفيظي الكثير من الأشعار، وكان عمري وقتها حوالي 8 سنوات، فالحفظ يكون في ذلك العمر، والحفظ يكون أصعب كثيراً في العمر الأكبر، وأنا ولله الحمد في كل عام وفي شهر رمضان تحديداً أقوم بختم القرآن مرات حتى أبقى محتفظا به، لأنه في بعض الأوقات يتفلت من هنا وهناك، ومنذ ذلك الوقت أصبحت لغتي العربية على قدر الإمكان لغة أعلى أو أرفع حتى من أقراني وزملائي في المدرسة في تلك الفترة.
** هل جرى اختيارك لوزارة شؤون الإعلام أم أنك أنت من اخترتها؟
دودين: تم اختياري لها.
** لو كان الأمر بيدك هل تختارها أم تختار غيرها؟
دودين: أعتقد أن كل وزارة هي موقع سياسي. عندما تكون في الوزارة فأنت تؤدي دورك، ولكن بموقع سياسي. بالنسبة لي أرى نفسي مهندساً معمارياً بالدرجة الأولى، وأي خدمة لبلدي أنا أتشرف بالقيام بها.
** عندما طُلبت لتكون وزيرا، وأصبح أمام اسمك كلمة «معالي»، وكنت قبل ذلك «المهندس صخر دودين» فأصبحت معالي المهندس صخر دودين.. هل أسعدتك كلمة معالي؟
دودين: والدي رحمه الله كان وزيراً، وجدي مصطفى رحمه الله كان وزيراً، وخالي عقل بلتاجي رحمه الله كان وزيراً، وعمي والد زوجتي زيد حمزة كان وزيرا، فالأمر ليس كما يظن الناس، خصوصاً في الفترة التي جئت بها للوزارة، وكانت في وقت جائحة كورونا.
الناس جميعا كانوا في المنازل وعلى السوشال ميديا، ووزير الإعلام يومها كان هو الواجهة، فعندما يُطلب من المواطنين الجلوس في المنزل يغضبون منه ويشتمونه، وإذا أخبرهم بالسماح لهم بالخروج الساعة 7 يشتمونه أيضاً، وقد تلقينا شتائم كثيرة.
** ذكرت مجموعة من الوزراء من عائلتك وأقاربك، معنى ذلك أن الوزارة تورث؟
دودين: الناس دائما يتحدثون عن موضوع التوريث. اليوم من تجد أفضل التجار في البلد؟ بالتأكيد أبناء التجار، ومن تجد أفضل الصناعيين في البلد؟ أكيد أبناء الصناعيين، ومن تجد أفضل العسكريين في البلد؟ تجد والده أو جده من العسكريين.
أنا مهندس معماري، لكنني تربيت في بيت سياسي، فنحن رضعنا السياسة رضاعة ولسنا بحاجة لمن يعلمنا السياسة، وهذا الكلام موجود في كل بيوت الأردنيين، وهذه ليست منقصة إطلاقاً. نحن جميعاً في الأردن هكذا، فلا يوجد عائلة في الأردن لا يوجد بها وزراء، أو عائلة واحدة في الأردن لا يوجد فيها أمراء ألوية، أو عائلة في الأردن ليس لها سفراء، أو عائلة في الأردن ليس بها مهندسون أو محامون أو أطباء. والشعب في الأردن هو «معالي الشعب الأردني»، فتقريباً كل الشعب الأردني به «معالي».
** ذكرت موضوع الشتائم.. عندما كنت وزيراً ما هو أصعب تعليق جاء بحقك؟
دودين: أنا لم أتابع السوشال ميديا حينها، بل كانت الناس تحدثنا بما يحدث، لأنه لم يكن لدي الوقت الكافي لذلك بسبب العمل، حيث كنا نتابع الأمور والمجريات أولاً بأول، فكنا ننظر إلى قضايا وترتيبات أخرى.
لكن، أنا قادم من عائلة سياسية، مع أنه لم يكن هناك سوشال ميديا أيام والدي رحمه الله، وإلى حد ما طال خالي عقل بلتاجي كثير من التعليقات على السوشال ميديا، فنحن متعودون أنه يجب أن «تُعرّض أكتافك»، فعندما تعمل في العمل العام يجب أن تتحمل، ولكن يجب أن تعرف أن هؤلاء الذين ينتقدونك هم أهلك.. «وأهلي وإن ضنوا علي كرام»، فهم أهلي وأنا أحترمهم وأعلم بأن هذا تنفيس كان في ذلك الوقت، وإن نالني ما نالني في حينها، وإن كان هذا الأمر يخفف عنهم فأهلاً وسهلاً بذلك.
** حدثنا عن التجربة التي وقعت لك في مجلس الأعيان عندما استقبلت رئيس مجلس الأعيان الياباني؟
دودين: زارنا رئيس مجلس الأعيان الياباني بدعوة من رئيس مجلس الأعيان الأردني دولة فيصل الفايز. أنا عضو لجنة الصداقة اليابانية الأردنية، وقد عينوني لأكون رئيس بعثة الشرف المرافقة للوفد الياباني. ومن ضمن الأمور أن نقرأ عن الوفد القادم، فيجب أن نعلم من الذي جاء وماذا يعمل وما هي دراسته وتعليمه، وكان رئيس مجلس الأعيان الياباني رجلا كبيرا في السن، وقد أتى بصحبة زوجته.
عندما قرأت عنه وجدت أنه فني مختبرات، فتفاجأت كيف يكون فني مختبرات ويصبح رئيس مجلس أعيان. بعد يوم أو يومين من جلوسه في الأردن أصبح بيننا ود، وأنا بعمر أبنائه، فأخبرته أن يتقبل مني السؤال، وقلت: قرأت أنك فني مختبرات، كيف أصبحت رئيس مجلس الأعيان الياباني؟
ضحك، وكان يتحدث اللغة اليابانية، وهناك مترجم، قال: يجب أن تعلم أمراً، أولاً المعيار الحضاري للدول يظهر بقدرة أبنائها على العمل بأيديهم بالحرف تحديداً، كلما كان الشعب قادراً على أن يكون شعباً حرفياً أكثر دل ذلك على أن هناك حضارة أعلى، وكلما كان هناك شيء يعمل باليد وبحرفة يدوية تحديداً يكون أعلى. وقال: نحن في اليابان هذا الأمر نتشربه مع القيم التي نعرفها.
وما قام به هو حسب ما أخبرني - أنه طور في الأجهزة المخبرية لدرجة أنه أخذ براءات اختراع تسببت بأن الشركات التي عمل بها أصبح لديها نقلة نوعية جداً، فهذا شيء يؤدي إلى نهوض البلد كله.
وأضاف أنه من المهم جداً أن تعلموا بأننا ننظر للأردن كدولة صديقة لكن دون أن يكون هناك مهنيون وحرفيون وفنيون يعملون بأيديهم وأن ينتجوا صناعة وأن ينتجوا اختراعات بأيديهم لن تقوم قائمة لهذه الدول.
لذلك ننظر إلى نمور آسيا مثلاً في كوريا أو ماليزيا فنرى المهنيين والحرفيين، ونرى الجامعات لديهم التي يسمونها جامعات تكنولوجية تعلّم العلوم المهنية والعلوم التقنية مثل الخراطة والنجارة وغيرها، التي نحن للأسف أصبح لدينا نوع من ثقافة العيب بالنسبة لها، بينما الثقافة الحقيقية هي الشخص الذي يعمل. وإذا نظرنا إلى تاريخنا الإسلامي نرى أن أعظم رجالات الدين حتى كانت لهم مهن حرفية.
وقد قال لي رئيس مجلس الأعيان الياباني إنه سعيد عندما قرأ أنني مهندس معماري، وقال «معنى هذا الكلام أنك تعمل بيدك وتقوم بأعمال فيها رسم وغيرها».. فكانت هذه مفارقة.
** عودة إلى موضوع الوزارة، هل تتذكر أول قرار قمت بتوقيعه كوزير؟
دودين: أتذكر أن هناك قرارات معظمها إدارية. كان أول قرار لي هو قرار تشكيل لجنة، فقد خدمت قبل ذلك خمس سنوات في مجلس الأعيان، ولكني لم أكن في يوم من الأيام موظفاً حكومياً، فلا أدري بموضوع اللجان هذه، وقد طلب منا أن نقوم بعمل استراتيجية للوزارة، وقد طلب أن يكون معي مجموعة لكي يعملوا في هذا الوقت، وقيل لي إنه لا بد من تشكيل لجنة لهذا الأمر، فقلت: كيف سيحدث هذا؟ فأخبروني، وهكذا كان أول قرار تم اتخاذه هو «تشكيل لجنة من التالية.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الدستور الأردنية