أطلق الجيش الإسرائيلي عملية "السور الحديدي" في مخيم جنين، في وقت تعهد فيه وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس "بتغيير مفهوم الأمن في الضفة الغربية"، والقضاء على من وصفهم بـ"الإرهابيين وبناهم التحتية". واعتبر كاتس أن العملية العسكرية الإسرائيلية في جنين تدخل في إطار "ضرب أذرع الأخطبوط الإيراني والإسلام السني المتطرف".
وتُعد الفصائل المسلحة المنظمة في الحالة الفلسطينية امتداداً لسياقات تاريخية مرت بها القضية الفلسطينية؛ هي من وجة نظر فلسطينيّة "مقاومة" ضد إسرائيل، التي تعتبر هذه الفصائل "إرهابية" و"تستهدف المدنيين الإسرائيليين".
وفي داخل الضفة الغربية تحديداً، ارتبطت المجموعات المسلحة تنظيمياً وسياسياً بالفصائل الفلسطينية وخصوصاً الكبرى منها.
فماذا نعرف عنها؟ وما التغيّرات التي مرّت بها؟
تشكيلات عسكريّة تقليديّة في نهايات ما يُعرف بالانتفاضة الأولى عام 1987، ظهرت تشكيلات عسكرية مسلحة مثل "الجيش الشعبي" و"الفهد الأسود" و"صقور فتح" وجميعها كان يتبع حركة التحرير الوطنية الفلسطينية (فتح).
قصص مقترحة نهاية
ومع اندلاع ما يُعرف بالانتفاضة الفلسطينية الثانية (28 سبتمبر/أيلول 2000)، عقب دخول السياسي الإسرائيلي أرييل شارون باحات المسجد الأقصى، انضوت كلّ التشكيلات تحت اسم كتائب شهداء الأقصى كجناح عسكري موحّد لحركة فتح.
ومع تأسيس الشيخ أحمد ياسين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عام 1987، طورت الحركة أول جهاز عسكري لها، بعد أن كانت عبارة عن مجموعة من الخلايا السرية، واطلقت عليه اسم "المجاهدون الفلسطينيون"، وبحلول عام 1991 غيرت الحركة الاسم إلى "كتائب عزالدين القسام"، التي اتخذت من اسم الشيخ عز الدين القسام، الذي تصفه حماس بأنه "رمز من رموز المقاومة الفلسطينية".
ونشأت كذلك في عام 1987 كتائب "النسر الأحمر"، والتي كانت تعد أحد الأجنحة العسكرية التابعة لـ "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وبرز اسم "سرايا القدس" في قطاع غزة ثم الضفة الغربية، كجناح عسكري لحركة الجهاد الإسلامي، التي تأسست في عام 1982 تحت اسم كتائب "سيف الإسلام"، ومع مطلع التسعينيات، غيّرت قيادة "الجهاد الإسلامي" حينها بقيادة محمود عرفات الخواجا، اسم الجناح العسكري إلى "القوى الإسلامية المجاهدة" التي عُرفت اختصاراً باسم (قسم)، وصولاً إلى اسمها الحالي في مطلع التسعينيات.
أنماط جديد للعمليات والتشكيلات المسلحة منذ عام 2022 احتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة بعد حرب عام 1967. ورغم انسحابها من القطاع عام 2005 الذي تسيطر عليه حماس، إلا أن إسرائيل أبقت على قوات عسكرية في مدن وقرى الضفة الغربية وزادت من عمليات الاستيطان، رغم أن السلطة الفلسطينية تتمتع بعلاقات دبلوماسية وأمنية توصف بالجيدة مع إسرائيل.
وقالت محكمة العدل الدولية، في يوليو/ تموز 2024، إن سياسة "الاستيطان الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية تنتهك القانون الدولي".
وشهد عام 2022 ارتفاعاً ملحوظاً في الاشتباكات المسلحة في مدن الضفة، ونشر مركز "معطى" للمعلومات الفلسطينية إحصائيات حول "أعمال المقاومة" في النصف الأول من عام 2023.
ووفق هذه المعلومات نفذت 6704 عملية في مدن الضفة الغربية.
لوحظ في الضفة الغربية في العام 2022، نمط جديد من أنماط المواجهة المسلحة؛ حيث ظهرت المجموعات المسلحة المصغرة، التي بدأت في شمال الضفة، وتكررت اشتباكاتها مع الجيش الإسرائيلي، وانتقلت بوتيرة أقل إلى جنوبها ووسطها.
وبرزت هذه المجموعات بالتزامن مع عمليات قتل نفذتها إسرائيل ضد "قادة ميدانيين" من الفصائل الفلسطينية، وتصاعد المواجهة الفردية في الضفة أو ما يُعرف بـ"الذئاب المنفردة".
ويقول الخبير الأمني إيهاب الحباشنة لبي بي سي عربي نيوز "إن المجموعات المسلحة الجديدة تباينت في مسار تشكّلها وتطورها، فشهدت بعض نماذجها تطوراً ملحوظاً وتراكماً عملياتياً، انعكس على الخبرة، والقدرة على الصمود، والتنسيق المشترك في المواجهة في ظل التحديات التي تتعرض لها، فيما تراجعت بعض المجموعات على الرغم من البداية الفاعلة لظهورها، بينما ظهر بعضها إعلامياً ثم اختفى".
ويضيف: "استطاعت المجموعات المسلحة الجديدة، البارزة منذ العام 2022، خلق نمط يختلف عن البنية التنظيمية للأحزاب الفلسطينية التقليدية، وشكّلت قيادة مستمدة من الميدان (القائد الميداني)، واكتسبت حاضنة شعبية واسعة، على الرغم من حداثة نشأتها وطابعها الشبابي".
لكن الصحفي الإسرائيلي، يوآف شتيرن يرى في حديثه لبي بي سي أن" ظهور مثل هذه الفصائل المسلحة -وإن لو لم تكن مرتبطة بشكل مباشر بالتنظيمات الفلسطينية التقليدية مثل فتح وحماس والجهاد- فإن تنفيذها للعمليات المسلحة واستهداف الجيش والشرطة الإسرائيلية، وربما المدنيين، أمر يشترك فيه الجميع".
وظهر نمط جديد للعمل الميداني المشترك في العام 2023؛ إذ ازداد عدد التشكيلات المسلّحة، وازداد تنسيق عناصرها دون إلغاء ارتباطها بتنظيماتها الأصلية، رغم انتماءاتها الفكرية المختلفة. والتي تتنوع بين الفكر اليساري الاشتراكي والشيوعي، والعلماني ذي البعد القومي العربي، وأيضاً هناك فصائل تنتمي إلى الفكر الإسلامي مع اختلافات فكرية فيما بينها.
وكان هذا الظهور جلياً من خلال البيانات التي تنشرها المجموعات، سواء كانت بيانات نعي لمقاتليها أو إعلان عن عمليات مشتركة وغيرها من الأمور.
كما أشار موقع واللا العبري نقلاً عن ضباط إسرائيليين "عن تشابه العبوات الناسفة التي تزرع لاستهداف قواته في جنين ونابلس، ما قد يعني نقل هذه العبوات الناسفة بين جنين ونابلس".
ووفقا لشتيرن فإن هذه الفصائل" تتلقى دعماً من إيران وحزب الله، وأنها تنسق وبشكل كبير مع القيادات الفلسطينية المقيمة في الخارج وخصوصا في لبنان وسوريا وقطر وتركيا"، مضيفا أنها تحصل على أسلحتها وعتادها "عن طريق عمليات تهريب الأسلحة من كل من الأردن ومصر".
وتتهم حركة فتح إيران بـ"محاولة إشاعة الفوضى في الضفة الغربية"، وفق بيان للحركة في أبريل/نيسان الماضي. ولا تنفي إيران هذه الاتهامات بشكل رسمي كما أنها لا.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من بي بي سي عربي