نشر موقع "روسيا في السياسة الدولية" مقالا لسيرغي كاراغانوف* تناول تطور السياسة الروسية تجاه الغرب في ظل عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السلطة.
لقد أدى انتخاب ترامب إلى إيقاف مؤقت لتطور سياساتنا تجاه الغرب، بما في ذلك حربنا في أوكرانيا. ولم نرد بقوة (وهو أمر صحيح) على استفزازات مؤخرة الجيش التي قامت بها إدارة بايدن، لكن جنودنا واصلوا العمليات الهجومية وسحق قوات المرتزقة الغربيين في أوكرانيا. والآن نستمع إلى أصداء من جميع الجهات عن إمكانية التوصل إلى حل وسط وعن معالم هذا الحل. وهنا على الأقل، في وسائل الإعلام الروسية، بدأت مناقشة مثل هذه الخيارات بقوة.
الآن، وبالتعاون مع زملائي، نقوم بإعداد دراسة واسعة النطاق وتحليل للوضع مخصص لتطوير التوصيات فيما يتعلق بالسياسة الروسية تجاه الغرب. لن أتوقع نتائج المناقشة، بل سأشارك فقط ببعض الأفكار الأولية، وقد تكون هذه التوصيات مفيدة خلال الفترة التي يتم فيها إعداد التقرير، هادفة في نهاية المطاف لإنشاء أساس لمناقشة أوسع نطاقا.
ولم يعد لدى إدارة ترامب الآن سبب جدي للتفاوض معنا على الشروط التي وضعناها. فالحرب مفيدة اقتصاديا للولايات المتحدة، لأنها تسمح لها بسرقة الطاقة المضاعفة من حلفائها، وتجديد مجمعها الصناعي العسكري، وفرض مصالحها الاقتصادية من خلال العقوبات المنهجية على عشرات الدول في جميع أنحاء العالم. وبطبيعة الحال، فإن الاستمرار في إلحاق الضرر بروسيا على أمل استنزافها، وفي أفضل السيناريوهات بالنسبة للولايات المتحدة، إسقاطها أو إقصائها من اللعبة، يمثل جوهرا عسكريا استراتيجيا للصراع المتصاعد. وتحرير أغلبية العالم يشكل داعما استراتيجيا قويا لمنافستها الرئيسية: الصين. ورغم أن هذه الحرب من وجهة النظر الرئيسية لترامب كما نفترضه، المستندة إلى السياسة الداخلية، ليست ضرورية وحتى ضارة بعض الشيء، فإن ميزان المصالح يميل لصالح استمرارها.
وإذا كنت سأضع نفسي مكان ترامب، القومي الأمريكي الذي يحمل عناصر التبشير من المسيحية التقليدية، بعيدا عن رواسب الليبرالية العالمية المتكلسة خلال العقود الثلاثة أو الأربعة الماضية وتورط بايدن في مخططات الفساد الأوكرانية، فهناك ثلاثة أشياء فقط يمكنها دفع ترامب الافتراضي نحو اتفاقيات تنسبنا: الأول- تهديد أفغانستان-2 والهزيمة الكاملة والهروب المخزي لنظام كييف والفشل الواضح للغرب بقيادة الولايات المتحدة. الثاني- هو خروج روسيا عن تحالفها الفعلي مع الصين. الثالث- هو التهديد بانتقال العمل العسكري إلى أراضي الولايات المتحدة وممتلكاتها الحيوية، وهو ما سيصاحبه مقتل أعداد كبيرة من الأمريكيين (بما في ذلك تدمير القواعد العسكرية).
إن الهزيمة الكاملة ضرورية، ولكن ذلك سيكون باهظ التكلفة للغاية، إن لم يكن باهظ التكلفة للحد غير المسموح، من دون استخدام أكثر نشاطا لعامل الردع النووي، وسيتطلب موت الآلاف والآلاف من خيرة أبناء وطننا. وخيانة الصين هو أمر غير مثمر بالنسبة لنا على الإطلاق. وإذا كان أنصار ترامب في ولايتهم الأولى قد حاولوا إقناعنا بفعل هذا، فيببدو الآن أنهم يدركون أن روسيا لن توافق على ذلك. وسأورد مزيدا من التفاصيل حول العامل النووي لاحقا.
بالنسبة للنخب الأوروبية الحالية، والمتكاملين مع أوروبا، فإن الحرب ضرورية بشكل ملح. وليس فقط بسبب الأمل في تقويض منافس جيوسياسي تقليدي والانتقام من هزائم القرون الثلاثة الماضية، بل وأيضا بسبب "الروسوفوبيا" رهاب روسيا. فهذه النخب، وبيروقراطيتها الأوروبية تفشل في كل الاتجاهات تقريبا، ويبدو أن المشروع الأوروبي أصبح في مهب الريح.
واستخدام روسيا كفزاعة، والآن عدو حقيقي، الأمر الذي استمر لأكثر من عقد من الزمان، هو الأداة الرئيسية لإضفاء الشرعية على مشروعهم والحفاظ على سلطة النخب الأوروبية. وعلاوة على ذلك، أصبحت "الطفيلية الاستراتيجية"، وغياب الخوف من الحرب، في أوروبا أقوى بكثير مما هو عليه في الولايات المتحدة. ولا يريد الأوروبيون ليس التفكير فيما قد يعنيه هذا الأمر بالنسبة لهم فحسب، بل إنهم لم يعودوا يعرفون أصلا كيف يفكرون فيه. فمنذ العهد السوفيتي، واستنادا إلى خبرنا في العمل مع ديغول وميتران وبراندت وشرودر وآخرين من عينتهم، اعتدنا على اعتبار الأمريكيين المحرضين الرئيسيين على المواجهة وعسكرة السياسة في الغرب. ليس ذلك صحيحا تماما، ولم يعد صحيحا على الإطلاق. وكان تشرشل هو الذي جرّ الولايات المتحدة إلى الحرب الباردة عندما بدا له أن هذا مفيد. وكان الاستراتيجيون الأوروبيون (كانوا لا يزالوا موجودين آنذاك)، وليس الأمريكيون، هم الذين بدأوا أزمة الصواريخ في سبعينيات القرن العشرين، وقائمة الأمثلة طويلة.
والآن أصبحت النخب الأوروبية هم الرعاة الرئيسيين للمجلس العسكري في كييف، وينسون أن أسلافهم هم من أشعلوا حربين عالميتين ويدفعون أوروبا والعالم نحو حرب ثالثة.
وفي الوقت الذي يرسلون فيه علف المدافع الأوكراني إلى المذابح، فإنهم يجهزون وقودا جديدا للحرب ممثلا في الأوروبيين الشرقيين من العديد من دول البلقان ورومانيا وبولندا. وقد بدأوا بالفعل في نشر قواعد متنقلة حيث يقومون بتدريب فرق من جنود Landcknechte "اللاندسكنيخته" (المرتزقة) المحتملين. وسيحاولون مواصلة الحرب ليس فقط "حتى آخر أوكراني" وإنما قريبا "حتى آخر أوروبي شرقي".
والدعاية المعادية لروسيا التي يشنها حلف "الناتو" وبروكسل تتجاوز بالفعل الدعاية الهتلرية. وحتى العلاقات الإنسانية الشخصية مع روسيا يتم قطعها بشكل منهجي. أولئك الذين يدافعون على العلاقات الطبيعية يتعرضون للتسميم المعنوي والطرد من العمل. ويتم في الأساس فرض أيديولوجية ليبرالية شمولية، حتى أنهم نسوا كافة ادعاءاتهم بالديمقراطية، برغم أنهم لا زالوا يصرخون بشأنها. وأحدث مثال على ذلك هو إلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية في رومانيا،.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من قناة روسيا اليوم