عبد الغني صدوق/ الجزائر ما أتعسها، تلك الكتابة البائسة التي لا زال الكُتّاب يخنقونها برغباتهم وتأويلاتهم المريضة.فلنسع جميعًا إلى تخليص كتاباتنا منّا، كدليل دامغ على إثبات حريتنا نحن أيضًا. ولنناضل من أجل تحرير الكتابات الأخرى من ربقة المستثقفين والكَتَبة.هذا اقتباس من كتاب الهوامش الكونية لصاحبه الأستاذ شرف الدين شكري الصادر عن دار ميم – الجزائر- من جزئه الأول العام 2014.في عالم صاخب يتقدمّ بإيقاع سريع مولدًا في تقدّمه أفكارًا خبيثة وأخرى حميدة، تحنّ النّفس المفطورة على السلم والسلام إلى طبيعتها المجبولة عليها في غياهب الملكوت، في ذهنية المثقف العربي رؤى تجيز له أن يمدّ هذا العالم بالجمال النابع من الحنين إلى عيشة التنّعم بالجمال الموجود في الذاكرة والخيال، ولأنّ قوّة الأفكار المندفقة من الآخر قد ترغم الضعيف على الذوبان فيها إلى حد التّخلي عن الأفكار المطروحة في محيطه وهي الأولى بامتطاء ظُهور سُروده كلّها، نرى النتاج المحسوب على الثقافة في المحيط بدعامة الإعلام النائم في الشقاء يزداد تدهورًا، لأنّ المغلوب مولع بتقليد الغالب على قول عالم الاجتماع ابن خلدون، ولكننا نتوسّم الخير في هذا التدهور الذي سيعيش أوّج أيامه ليُعدم بسرعة، لإيماننا المطلق أنّ العُملة الغالية تبيد العُملة الرخيصة، ولإيماننا أنّ عامل الوقت هو الحَكم.برغم القرف بمجرد الإطلالة على صفحة من إصدار مجدّه الإعلام الشقي، إلاّ أنّ التجربة جعلتنا نمضي إلى ما لا يمجدّه، فنجد في المسرودات المهمشّة ما يستحق القراءة.وعندما نقول الاستحقاق، فنحن لا نلغي الآخر، كلّا، إنّما لكلّ عمل محاسنه ومساوئه، ثمّ أن المساوئ إنْ غيص فيها بمشرط لطيف، يمكن استئصالها بالمرّة، ولولا المساوئ ما ظلّ الجدل قائمًا، وهذا ما يلبس النّقد شرفًا والقراءة حرّية.وإن كنّا قد أطلنا في الاستهلال، فلتعذرونا، لأنّ الرئة مملوءة، إذ لا بُدّ من تنفيسها كلمّا وجدنا فسحةً ومنصتين يستحملون بعض نفثاتنا.في المنتصف رواية لـأسماء سنجاسني، صادرة عن دار أحلام بالجزائر في طبعتها الأولى العام 2024، ولأن العيش مرغوب لا يكرهه إلّا يائس، يصارع الأبطال الزمن للفوز عليه دومًا، يبتغون الكمال، والكمال مستحيل، ولكن النفس خُلقتْ مريضة تظنّ شفاها في هواها، يستضعفها الزمن بأنواع الكدمات لعلّها تستفيق حينًا لترى النور الفاني المؤدي إلى النّور الأبدي، الأبطال في المنتصف شخوص مثلك ومثلي يجري عليهم القلم حتى النهاية، لذا تجدني أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر، زكريا، أمينة، أحلام، فؤاد، الحاجة أمباركة المشعوذة، إيمان، الشخصية المحورية التي لا مفر من تعلق الذاكرة بها بعد القراءة. إنّ هؤلاء الأبطال يسلكون طرائق قددا باحثين عن ذواتهم القريبة من أوردتهم، ولكنّ القدر سابق لإرادتهم، يعيثون في مضارب الأنا طويلًا لينتهوا إلى اليقين، بعد التقديم وتخطي عتبة النّص يلقي بنا الراوي في الفكرة الرئيسة، إنّها تقنية الاستباق، وهي تقنية جميلة مصيدة لعديمي الصبر على التلقي، إذ يقول» في نظره ملء البطون يكفي لمنح المحبّة والاهتمام، لكن ملء البطون نصف حياة، والنصف لن يوصلنا إلى شيء».في بعض المحاولات يوفق كُتّاب في عرض مادتهم من الوهلة الأولى ويخفق آخرون، يعود السبب إمّا إلى الخبرة وإمّا إلى الصدفة، ولا أظنني هنا أمام الصدفة، لأن الراوي مثخن بأعباء الشخوص، يريد أن يتخلّص من بعضها، يريد أن يشتبك قارئه مع نّصه باكرًا، يختار الأسئلة طمعًا وطُعمًا واستعطافًا؛ ليفوز بمتلقٍ يثمّن نصّه ويكتب أجوبة باطنية توسّع الآفاق، الرواية لم تكن أبدًا خلاصًا من العُقد المزمنة، إنما ستظل وظيفتها تفتيق الفكر والسعي نحو الامتلاء باليقين» متى تُدرك يا والدي أنّك بالنِصف تُعجِزُنا وتمنحُنا نصف فرحة... وأنصاف المباهج أحزان؟ إلى متى ستبقى غيمتُكَ الأنانية.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الدستور الأردنية