أعلن البيت الأبيض عن أولى رحلات ترحيل المهاجرين في عهد الرئيس دونالد ترامب، والذين دخلوا الولايات المتحدة بشكل غير قانوني، مشيراً إلى أنه تم تنفيذها هذا الأسبوع، بعدما وعد ترامب بحملة ترحيل جماعية بمساعدة عسكرية. وأكدت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، أولى الرحلات الجوية صباح الجمعة، ونشرت صوراً لأشخاص مقيدين على متن طائرات تابعة للقوات الجوية من طراز C-17 Globemaster III. وقالت ليفيت عبر حسابها على منصة إكس «الرئيس ترامب يبعث برسالة قوية وواضحة إلى العالم أجمع: إذا دخلتم الولايات المتحدة الأميركية بشكل غير قانوني، فسوف تواجهون عواقب وخيمة». وأوضحت أن الإدارة ألقت القبض على أكثر من 500 مهاجر غير شرعي، مشيرة إلى أنه تم ترحيل مئات آخرين بالطائرات العسكرية، وكتبت «إن أكبر عملية ترحيل جماعية في التاريخ تجري الآن على قدم وساق».
ترحيل المهاجرين في الولايات المتحدة وقع ترامب على العديد من الأوامر التنفيذية المتعلقة بالحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك والهجرة في اليوم الأول من توليه منصبه. وقبل إعادة انتخابه، ركزت حملة ترامب بشكل كبير على قضية الهجرة غير الشرعية، وانتقدت إدارة بايدن لفشلها في حماية حدود الولايات المتحدة ووعدت مراراً وتكراراً بحملة ترحيل جماعية. وارتفعت عمليات الترحيل في عهد الرئيس السابق جو بايدن ولكن بضجة أقل، إذ تتبعت بيانات إدارة الهجرة والجمارك الأميركية ما يقرب من 300 ألف عملية ترحيل للمهاجرين في الفترة من أكتوبر 2023 إلى سبتمبر 2024، وهو أعلى مستوى منذ عام 2014. وبشكل عام، تمت إعادة 1.1 مليون شخص من الولايات المتحدة في عام 2023. وخلال خطاب تنصيبه يوم الاثنين، تطرق ترامب إلى هذه القضية مرة أخرى، قائلاً إن «كل الدخول غير القانوني سيتم إيقافه على الفور، وسنبدأ عملية إعادة الملايين والملايين من الأجانب المجرمين إلى الأماكن التي أتوا منها». وفي أول يوم له في منصبه، وقع الرئيس على أمر تنفيذي يعلن حالة الطوارئ الوطنية على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك. تكلفة ترحيل المهاجرين على الاقتصاد الأميركي كان هناك ما يقرب من 11 مليون مهاجر بغير وثائق في الولايات المتحدة أو مع وضع مؤقت في بداية عام 2022، وفقاً لتقدير الحكومة الأميركية. وقال ترامب في خطابه الافتتاحي في 20 يناير: «بصفتي القائد الأعلى، ليس لدي مسؤولية أعلى من الدفاع عن بلدنا من التهديدات والغزوات، وهذا هو بالضبط ما سأفعله». لكن الأبحاث الاقتصادية تشير إلى أن خطة الترحيل الجماعية الخاصة به ستأتي بتكلفة عالية، إذ أظهر البحث أن ترحيل جماهير العمال من شأنه أن يحد من إيرادات الإنتاج والضرائب، ويصل إلى الصناعات الرئيسية، والاقتصادات الحكومية، والنمو الكلي. ويقدر معهد بيترسون للاقتصاد الدولي أن الاقتصاد الأميركي قد يتقلص بنسبة 1.2 في المئة بحلول عام 2028 إذا كانت الحكومة تعمل على ترحيل 1.3 مليون شخص، بالإضافة إلى أن الناتج المحلي الإجمالي قد ينخفض بنسبة 7.4 في المئة، على هذا الإطار الزمني إذا كان سيرحل جميع المهاجرين الذين لا يحملون وثائق 8.3 مليون شخص الذين يعملون في الولايات المتحدة. ومن بين 11 مليون مهاجر غير الشرعيين الذين يعيشون في الولايات المتحدة في عام 2022، كان 8.3 مليون من القوى العاملة في تلك السنة، وفقاً لمركز بيو للأبحاث. في حين أن المهاجرين غير الموثقين لا يمثلون سوى حصة صغيرة من القوى العاملة الأميركية -أي 4.8 في المئة في عام 2022- ما يقرب من 90 في المئة تتراوح أعمارهم بين 16 و64 عاماً، ولديهم مشاركة عالية في القوى العاملة. ويُظهر تحليل عمليات الترحيل الجماعي السابقة أن العمال المولودين في الولايات المتحدة يتأثرون -أيضاً- بفقدان العمال غير الموثقين بسبب انخفاض الإنتاج والاستثمار في الأعمال. ولقد أظهرت دراسة نشرتها مجلة اقتصاد العمل أن السياسات المتعلقة بالهجرة، والتي أدت إلى ترحيل أكثر من 400,000 شخص بين عامي 2010 و2015، ساهمت في انخفاض بنسبة 2.5% في معدلات التوظيف للعمال المولودين في الولايات المتحدة.
وسيكون لخطة الترحيل الجماعية لترامب التأثير الأكبر على كاليفورنيا وتكساس وفلوريدا، حيث يكون واحد من كل 20 من السكان مهاجرين غير موثقين، وبالتالي يمكن ترحيلهم، وفقاً لتقديرات مجلس الهجرة الأميركي. ما الصناعات التي ستتأثر؟ يعد توظيف المهاجرين غير الشرعيين ضرورياً للعديد من الصناعات، مثل التصنيع والزراعة، حيث يشكلون نسبة كبيرة من عمال البناء. كما يمثل المهاجرون غير الموثقين واحداً من كل 14 عاملاً في صناعة الضيافة، ورابع أكبر فئة في قطاع النظافة. وفقاً للبحث الذي أجرته مجلس الهجرة الأميركي، فإن 14 في المئة من العمال في صناعة البناء هم مهاجرون غير شرعيين الذين سيصل ترحيلهم مباشرة إلى بناء المنازل ومشاريع البنية التحتية العامة والشركات. ويمكن أن يؤدي فقدان العمال المهاجرين غير الشرعيين إلى تفاقم نقص العمالة في صناعة البناء، والذي كان لديه 288000 وظيفة شاغرة غير معبأة في سبتمبر، وتقلل من الإسكان في الإمدادات وسط نقص في السكن في الولايات المتحدة. ونظراً لأن المهاجرين غير الموثقين يمثلون واحداً من بين كل ثمانية عمال في صناعة الزراعة، فإن عمليات الترحيل الجماعي ستؤدي إلى نقص في العمالة وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وفقاً لمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي. وسيكون لهذا تأثير فوري على التضخم، حيث إن الأسعار سترتفع إلى 9 في المئة، في سيناريو حيث يتم ترحيل أكبر عدد من العمال، ونفس تقديرات البحث. أهمية العمال غير القانونيين للاقتصاد الأميركي يمثل إجمالي المهاجرين -القانونيين وغير القانونيين- خمس النمو الحقيقي في البلاد منذ عام 2019، وفقاً لتحليل أجرته إرني تيديشي، مدير الاقتصاد في مختبر السياسات الاقتصادية في جامعة ييل. وأسهموا بمبلغ 4.6 مليار دولار في الإنفاق الاستهلاكي و48 مليار دولار من الدخل الشخصي - أو الأرباح الإجمالية - في عام 2023، وفقاً لمبادرة هاملتون للسياسة الاقتصادية.
ووجد تحليل تيديشي أيضاً أن القوى العاملة الأميركية كانت ستقلص بمقدار 1.2 مليون بين عامي 2019 و2023 دون وجود مهاجرين، ما يجعلهم مصدراً مهماً من إيرادات الضرائب. وأيضاً يمكن أن يؤدي الترحيل الجماعي إلى خسارة هائلة في إيرادات الضرائب والمساهمات في الفوائد الاجتماعية، وفقاً للبحث الذي أجرته معهد الضرائب والسياسة الاقتصادية، وخاصة في الولايات التي لديها أعداد كبيرة من العمال غير الموثقين مثل كاليفورنيا وتكساس. ودفع المهاجرون غير الموثقين 96.7 مليار دولار من الضرائب الفيدرالية والولائية والمحلية في عام 2022، خاصة أن الضرائب تساعد عموماً على تمويل الإنفاق الفيدرالي مثل برامج الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية والتأمين على البطالة. وأسهم العمال غير الموثقين بمبلغ 25.7 مليار دولار في الضمان الاجتماعي، و6.4 مليار دولار للرعاية الطبية و1.8 مليار دولار للتأمين على البطالة في عام 2022، على الرغم من أنهم ليسوا مؤهلين دائماً لمثل هذه البرامج.
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية
