قد تختلف التفاصيل والآليات، لكنّ الجوهر الأساسي للسياسات الأميركية تجاه الشرق الأوسط يبقى هو نفسه: ضمان الهيمنة على المنطقة، والحفاظ على وجود الكيان الصهيوني وتفوقه كحارس لهذه الهيمنة. وهذا يضع فلسطين، بالضرورة، في قلب معادلة العلاقة بين الولايات المتحدة والعالم العربي وبقية الإقليم. إن فلسطين المستوطنة/ القاعدة، التي تنطلق منها العمليات الرامية إلى إخضاع الشرق الأوسط وإبقائه في أفضل وضع يخدم المصالح الأميركية.
على هذا الأساس، عكست السياسات التي انتهجها الرئيسان -القديم الجديد دونالد ترامب، والمنصرف جو بايدن- انحيازًا ثابتًا للكيان الاستعماري وعداءً صريحًا لتطلعات الفلسطينيين. وعلى الرغم من الفروقات في الأسلوب والخطاب بين إدارتيهما، فإنها مجرد تنويعات على الموقف الأميركي التاريخي الداعم للكيان، دائمًا على حساب حقوق الفلسطينيين واستقرار المنطقة بأسرها.
كانت ولاية ترامب الأولى حقبة تحويلية في العلاقات الأميركية مع الكيان، ميزها دعم وصف بأنه غير مسبوق. وقد عززت سياسات إدارته موقف الكيان وألحقت ضررًا بالغًا بتطلعات الفلسطينيين. في العام 2017، كسر ترامب عقودًا من التقاليد الأميركية عندما اعترف بالقدس عاصمة للكيان ونقل السفارة الأميركية إليها. وقد تجاهل ذلك القرار مطالب الفلسطينيين بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية، وقوبل بإدانة واسعة دوليًا.
وفي العام 2020، أعلن ترامب تفاصيل خطة سلام منحازة تماما لصالح الكيان، سمحت بضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية وقدمت للفلسطينيين "دولة" مجزأة ومشروطة، لا تقترب مجرد اقتراب من تطلعاتهم السيادية. وفي الوقت نفسه، أوقفت إدارة ترامب تمويلها لـ(الأونروا) ودعمها المالي للسلطة الفلسطينية، لتضاعف الضغط وتفاقم الأزمات الإنسانية في غزة والضفة الغربية.
وكأنما لم يكن ذلك كافيًا، عملت إدارة ترامب على عزل القضية الفلسطينية من خلال التوسط في "اتفاقيات إبراهيم" التي طبّعت العلاقات بين الكيان وعدد من الدول العربية. وعلى الرغم من وصف هذه الاتفاقيات بأنها تاريخية، فإنها أشرت على ترتيب إقليمي همّش الفلسطينيين وسعى إلى تجاهل القضية الفلسطينية. وقد احتفت قيادة الكيان -خاصة بنيامين نتنياهو- بسياسات ترامب التي أعطت دفعة للطموحات الاستراتيجية والجغرافية للكيان، وخانت الحقوق الإنسانية للفلسطينيين وتطلعاتهم الوطنية.
وكان عهد جو بايدن استمرارًا للشيء نفسه، ولو بنكهة مختلفة. وعلى الرغم من تعهده خلال حملته الانتخابية باستعادة بعض التوازن للتعامل مع الصراع في فلسطين، واصلت رئاسته نهج سياسات ترامب، بتعديلات طفيفة.
حافظ بايدن على الدعم العسكري والدبلوماسي القوي وغير المشروط للكيان، بما في ذلك تقديم 3.8 مليار دولار سنويًا كمساعدات عسكرية. وخلال حملة الإبادة الجماعية في غزة، حالت إدارته في أيار (مايو) 2021 دون صدور بيانات عن مجلس الأمن تدعو إلى وقف إطلاق النار، في اعتناق واضح للرواية الأمنية للكيان.
إذا كان ثمة اختلافات عن سياسة ترامب في عهد بايدن، فإنها كانت شكلية فقط. استأنفت إدارة بايدن تمويل (الأونروا) وقدمت مساعدات إنسانية للفلسطينيين، في افتراق عن نهج ترامب العقابي. ولكن لم تُصاحب هذه الخطوة أي مبادرات سياسية جدية لإحياء محادثات.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الغد الأردنية