في رواية شخصية قوية، يتأمل فيرغال كين حياته مع اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب وبحثه عن التوازن في الحياة، وما اكتشفه على طول الطريق هو دراسة أعمق للسعادة يمكن تطبيقها على أولئك الذين يعانون من تحديات خطيرة في الصحة العقلية، وأيضاً على أولئك الذين يحتاجون ببساطة إلى دفعة معنوية.
كانت هناك لحظة، منذ ما يقرب من عامين، عندما ضربني التغيير الداخلي بقوة حيث كنت أسير مع أحد أحبائي على الحافة الشرقية لشاطئ كوراغ في أردمور، بمقاطعة واترفورد، وهو مكان دافئ ألجأ إليه منذ أن كنت طفلاً. توقفنا بجانب نهر يتدفق إلى خليج أردمور، كنت أستمع إلى الأصوات المختلفة التي تصدرها المياه، اندفاع النهر السريع، والأمواج المتلاطمة على الشاطئ.
وفجأة سمعت صوت هواء تضربه عشرات الأجنحة، لقد جاء سرب من الأوز يحلق فوق الجرف، راكباً الرياح نحو السماء، شعرت بخفة في داخلي، وامتنان شديد جعلني أضحك بصوت عالٍ.
فكرت"إذن، هكذا هو الشعور بالسعادة".
وإذا استعرت كلمات الروائي ميلان كونديرا، فقد شعرت بـ"خفة الوجود" الرائعة.
قصص مقترحة نهاية
عادت تلك اللحظة إلى ذهني هذا الأسبوع، كنت أفكر في ظاهرة الاثنين الأزرق، ذلك اليوم من شهر يناير/ كانون الثاني الذي يقال إنه اليوم الأكثر حزناً في العام.
كما سيخبرك أي شخص يعرف الاكتئاب السريري أو اضطراب ما بعد الصدمة، لا توجد أيام محددة في العام للحزن، فقد يكون اليوم الأكثر إشراقاً، وفي أجمل مكان، وما زلت تشعر وكأنّ عقلك محاصر في الجليد.
ولكن يوم الاثنين الأزرق دفعني إلى التفكير في السعادة، فما هي السعادة على أية حال؟ وماذا تعني في حياتي؟
أيام رمادية وليالي مظلمة قبل وقت قصير من ذلك اليوم الذي شاهدت فيه سرب الأوز الجميل، كنت قد خرجت من حالة انهيار عاطفي، كان ذلك في مارس/آذار من عام 2023، وشعرت وكأنني خضت 12 جولة مع ملاكم من الوزن الثقيل، لكن الشخص الذي حاربته كان أنا، كما كنت أفعل لعقود من الزمان.
لقد دخلت المستشفى عدة مرات على مدى عقود من الزمان، منذ أوائل التسعينيات من القرن الماضي، خضت معركة لا هوادة فيها مع الخجل والخوف والغضب والإنكار، وكل هذه الأشياء التي تعبّر عن كل ما هو عكس السعادة.
كانت هناك أيام رمادية مرعبة، حتى في الصيف، والليالي التي استيقظت فيها غارقاً في العرق، فضلاً عن الوسواس القهري والأحلام السيئة.
أضف إلى ذلك التعافي من إدمان الكحول في نهاية التسعينيات من القرن الماضي، وقد قمت بالكثير من الأبحاث حول الليالي "المظلمة للروح".
عند انهياري في عام 2023، كنت قد تجاوزت نقطة "الأمل في السعادة"، وفي تلك الأيام، كنت سأكتفي بقليل من راحة البال، ففي عام 2019، تركت وظيفتي كمحرر لشؤون أفريقيا في بي بي سي بسبب معاناتي من اضطراب ما بعد الصدمة.
وبعد عامين كتبت كتاباً عن هذا الموضوع، كما أعددت فيلماً وثائقياً تلفزيونياً لبي بي سي، ولكن حتى بعد كل ذلك، تعرضت لانهيار عصبي آخر.
علم السعادة يتحدث البروفيسور بروس هود، من جامعة بريستول، عن ميل البشر إلى "تضخيم الأمور والتركيز على إخفاقاتنا أو أوجه القصور لدينا". وهو يدير دورات تدريبية لمدة 10 أسابيع في بريستول حول علم السعادة، ويتحدث عن الحاجة إلى إيجاد التوازن لأن "عقولنا منحازة لتفسير الأشياء بشكل سلبي للغاية"، على حد تعبيره.
ولا شك أنّ كل ذلك يتردد صداه في نفسي، ولكن هناك تحذير وهو أن مجال عمل البروفيسور هود هو معالجة مشاعر انخفاض مستوى الرفاهية بشكل عام، وهو واضح في أن التركيز على علم السعادة لن يكون بالضرورة علاجًا لكل شيء لشخص يعاني من حالة مثل اضطراب ما بعد الصدمة.
لقد تم تشخيص حالتي بشكل محدد، ففي عام 2008 أخبرني الأطباء لأول مرة أنني أعاني من اضطراب ما بعد الصدمة بسبب حالات متعددة من الصدمات التي تعرضت لها كمراسل حربي، وبسبب الظروف التي عشتها في طفولتي في منزل دمره إدمان الكحول، لقد كان الاكتئاب والقلق من بين الأسباب الرئيسية لهذه الحالة، ومع إدمان الكحول، لجأت أيضاً إلى الطاقة المثيرة، والصداقات، والشعور بالهدف الذي جاء مع تغطية النزاعات.
وأود أن أؤكد أيضاً أن ما ينجح معي في محاولتي العثور على السعادة قد لا ينجح بالتأكيد مع أي شخص آخر، فهناك حالات صحية نفسية محددة تتطلب علاجات محددة بنفس القدر، وفي حالة اضطراب ما بعد الصدمة، ساعدتني مجموعة من العلاجات بشكل كبير، إلى جانب زمالة الآخرين الذين مروا بتجارب مماثلة.
كما خففت الأدوية من الأعراض الجسدية للقلق واليقظة المفرطة، فقد كان سقوط لوحة أو ارتطام سيارة من الخلف سبباً في تحولي إلى حطام شاحب يرتجف ويتعرق في ثوانٍ، وعلى نحو مماثل، كانت الكوابيس تجعلني أتقلب في نومي.
أنا محظوظ، فقد حظيت بأفضل علاج، وهناك الكثيرون في مجتمعنا لا يحصلون على هذا العلاج. فوفقاً للجمعية الطبية البريطانية، ينتظر أكثر من مليون شخص الحصول على العلاج. ومن المهم أيضاً أن ندرك أن هناك العديد من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تؤثر على قدرتنا على تجربة السعادة.
فهناك دراسة جارية حول الاستعداد الوراثي للاكتئاب والإدمان، وتقول ذي وورلد ويلبيينغ موفمنت (حركة الرفاهية العالمية)، وهي منظمة خيرية تعمل على تعزيز الرفاهية في مجال الأعمال وصنع القرار السياسي العام، إن واحداً من كل 8 أشخاص في بريطانيا يعيشون تحت ما أسمته خط فقرالسعادة، وهو ما يقاس باستخدام البيانات التي توفرها التقارير السنوية لمكتب الإحصاءات الوطنية، وعلى أساس السؤال على مقياس من 0 إلى 10: "بشكل عام، ما مدى رضاك عن حياتك في الوقت الحاضر؟".
ووصفت منظمة الصحة العالمية الرقم الذي يبلغ واحداً من كل 8 بأنه "مذهل" وتقول إن هناك "قضايا مثيرة للقلق تتعلق بالصحة العقلية والتي لا تزال دون علاج وتعاني نقص التمويل".
وبعد أن أعربت عن تحفظاتي، آمل أن تساعد جوانب في تجربتي والأدوات التي مُنحت لي بسخاء، الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب أو اضطرابات ما بعد الصدمة، أو حتى من يعانون من الألم الطبيعي.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من بي بي سي عربي