مركز الدستور للدراسات الاقتصادية - عوني الداوود - «أزمة اللاجئين كقضية عالمية كبرى، قضية يعرفها الأردن جيداً».. بهذه الكلمات استهل جلالة الملك عبدالله الثاني كلمته التي ألقاها في المنتدى العالمي للاجئين بجنيف / سويسرا في 13 كانون الأول/ديسمبر 2023.. حيث لخّص جلالته قضية اللاجئين وتداعياتها على الاقتصاد الأردني.. ومن أبرز ما جاء في كلمة جلالته :
- «يستضيف الأردن ما يقارب 4 ملايين لاجئ من جنسيات مختلفة، بما في ذلك حوالي 1.4 مليون سوري. يمثل اللاجئون بالمجمل أكثر من ثلث سكاننا البالغ عددهم نحو 11 مليون نسمة».
- «يضغط الأردن باتجاه استجابة إنسانية أكثر تنسيقا في غزة، ونقدم الدعم للأشقاء الفلسطينيين ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بكل الطرق الممكنة، لكن بلادنا لا تزال تتحمل التكاليف والأعباء الثقيلة الناجمة عن استضافة مجتمعات اللاجئين التي تعيش بيننا «.
- «لتوضيح حجم هذا العبء بشكل أكبر، يبلغ عدد اللاجئين المسجلين في الأونروا في الأردن 2.3 مليون لاجئ، بالإضافة إلى أكثر من 730 ألفا آخرين مسجلين في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وهناك حوالي مليون لاجئ آخر غير مسجل في أي من الوكالتين».
- «لسنوات عديدة، وفرنا نحن وغيرنا من الدول المستضيفة، الملجأ والتعليم والخدمات الصحية وفرص العمل والموارد للاجئين، على الرغم من الكلفة الباهظة التي جاءت على حساب تقدمنا الاقتصادي، لكننا نعي أن هذا التزام طويل المدى نتحمله بالنيابة عن المجتمع الدولي. وبنفس القدر، لا يمكن للمجتمع الدولي أن يلجأ للحلول قصيرة المدى وأن يتجاهل هذه الأزمة ليمضي إلى التعامل مع الأزمة التي تليها.»
ملف اللجوء في الأردن منذ نشأة الدولة الأردنية:
- «مركز الدستور للدراسات الاقتصادية» أعد ورقة مطالعة لملف اللجوء في الأردن عبر تاريخه الطويل ومنذ نشأة الدولة الأردنية والتي دخلت مئويتها الثانية، مسلطا - المركز - الضوء على الجوانب الاقتصادية - المنظورة وغير المنظورة - والتي كان لها التأثير المباشر على كافة الجوانب الاقتصادية من معدلات نمو ومديونية وارتفاع في نسب البطالة، وغير ذلك من ضغوطات على البنى التحتية والتعليم والصحة وكافة الخدمات الاخرى الصحية والنقل وغير ذلك، في دولة لا تمتلك الكثير من الموارد، لكن الدافع الانساني والاخلاقي لقيادتها الهاشمية وشعبها العروبي وعلى مدى مئة عام أبى الا ان يغلّب الجوانب الإنسانية ويقدمها على كل المعطيات الاخرى وان يدفع ثمن إنسانيته واخلاقه ثمناً اقتصادياً تحمله ولا يزال عبر قرن من الزمان.
وهنا لا بد من استحضار واستذكار ما قاله جلالة الملك عبد الله الثاني خلال مقابلة أجرتها مع جلالته محطة (ايه بي سي) التلفزيونية الاسترالية في كانون الاول 2017 قال فيها جلالته ردا على سؤال : جلالة الملك عبدالله الثاني: «واجهت كثيرا تساؤلات من أبناء شعبي المحبطين من وجود 20 بالمئة من السكان من اللاجئين السوريين وما تركوه من آثار سلبية على فرص العمل وقطاع العقار ونسب البطالة، وطلبوا مني أن أوقف استقبال اللاجئين السوريين في الأردن، فقلت لهم «لكن كيف يمكن ذلك؟ كيف يمكن منع امرأة حامل وتمسك بيد طفل آخر من الدخول؟ هل نمنع هؤلاء الهاربين من ظروف، حياتهم فيها مهددة؟» هناك درجة من الإنسانية لا بد أن نلتزم بها تجاه بعضنا البعض، فلا مجال لفعل ذلك لأن هناك مسؤوليات أخلاقية علينا تحملها « - انتهى الاقتباس -..
- الآثار الاقتصادية لموجات اللجوء والنزوح عبر تاريخ الدولة الأردنية يقدر بمئات المليارات من الدولارات، دفعها الأردن من اموال خزينته طوعا وحبا وكرامة، ولم يصله من دعم المجتمع الدولي الا النزر اليسير، ليتحمل الأردن باقي الكلف والتبعات التي تسببت عبر سنوات بتراجع معدلات النمو الاقتصادي وبتراجع فرص العمل للاردنيين واضطراره لمزيد من الاستدانة والاقتراض مما زاد من معدلات المديونية نسبة للناتج العام.
- «مركز الدستور للدراسات الاقتصادية» (منذ نحو ثلاث سنوات) أعد ورقة مطالعة سريعة للآثار الاقتصادية للجوء والنزوح على الاقتصاد الوطني خلال مئة عام، مستعيناً بآراء خبراء وباحثين، ومراكز دراسات وابحاث متخصصة، واحصاءات وارقام من مصادر مسؤولة وموثوقة ومعنية تماما بهذا الملف الهام الذي نعيد اليوم فتحه من جديد مستعرضين أبرز محاوره ليضطلع العالم على ما تحمله الأردن جرّاء موجات اللجوء والنجوح القسري، وانكاساتها على الاقتصاد الأردني الذي دفع ثمنا باهضا ولا زال.. وفي ما يلي أبرز ما خلصت إليه ورقة المطالعة من نقاط:
- الأردن و منذ تأسيسه قبل مئة عام وهو يستقبل اللاجئين والباحثين عن الامان، واستقطب الأردن أعداداً كبيرة من السكان نتيجةً للهجرات الخارجية القسرية أو الطوعية، وكانت أوائل هذه الهجرات القسرية منذ زمن إمارة شرق الأردن عام 1921، التي تمثلت بالهجرات الشركسية والشيشانية خلال الفترة بين عامي (1878 1905)، التي حصلت بعد اندلاع الحرب بين روسيا والدولة العثمانية آنذاك، والهجرات الأرمنية عقب الحرب العالمية الأولى.
- مشكلة اللاجئين والنازحين، مستمرة لعقود طويلة و استقبل الأردن منذ استقلاله في عام 1946 المزيد من الهجرات، نتيجة للأحداث التي عصفت بالمنطقة منذ بدأت الموجة الأولى عام 1948 بالهجرة القسرية للفلسطينيين على أثر الاحتلال الإسرائيلي للجزء الأكبر من فلسطين آنذاك.
- تلتها موجة ثانية من النزوح بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967.
- واللبنانيون في السبعينيات.
- ثم حرب الخليج 1990، وتفاقمت الهجرة القسرية بعد احتلال العراق عام 2003 حين اضطر العديد من العراقيين إلى ترك وطنهم نحو بلاد مجاورة أو بلاد بعيدة.
- ثم بلغت مشكلة اللجوء ذروتها في العام 2011 حين أُجبر ملايين السوريين على ترك وطنهم نتيجة الحرب.
- خلال هذه الفترة حدثت هجرات متتالية من بلاد عربية أخرى مثل اليمن وليبيا والسودان والصومال بسبب الحروب الأهلية وغير الأهلية التي ما زالت ساخنة في معظمها.
- بقي أن نشير الى مفهوم « اللجوء» كما يعرفه السياسيون : فاللجوء اصطلاحا هو « الاضطرار إلى هجرة الوطن أمّا اختيارا بسبب تغير نظام الحكم بفضل ثورة أو انقلاب او هربا من الارهاب أو الاضطهاد أو لأسباب دينية أو عقائدية أو عنصرية واختيار دولة أخرى للإقامة فيها بصورة دائمة أومؤقتة لحين زوال سبب اللجوء.»
- أما مفهوم « اللاجئ « فهو من غادر بلده نتيجة لخوف ما أو تعرضه للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو بسبب آرائه السياسية إلى بلاد لا يحمل جنسيتها أو نتيجة لأحداث سياسية وقعت في دولته جعلته يخرج منها طلبا للملاذ والمأوى.
أرقام وإحصائيات:
- الأردن يستضيف نحو 57 جنسية مختلفة من اللاجئين، يشكلون نحو 31 في المائة من عدد السكان.
- بحسب وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين والمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين:
فقد بلغ عدد اللاجئين المسجلين في الأردن 8ر2 مليون لاجئ، مما يجعله من أكبر الدول المستضيفة للاجئين في العالم.
- الأردن كان منذ البداية مستقبلاً لموجات اللجوء، فاستقبل من الفلسطينين بعد عام 1948 لاجئين بلغ عددهم حسب إحصاءات الأنروا أكثر من مليوني لاجئ مسجلين.
- وبعد عام 1967 استقبل الأردن ما يفوق 300,000 نازح من الضفة الغربية وقطاع غزة.
- ويقيم هؤلاء اللاجئون والنازحون في المدن وحولها في القرى، ويستقر حوالي ثلثهم في عشرة مخيمات منتشرة في أرجاء الأردن.
- بعد الحرب اللبنانية عام 1974 استقبل الأردن الوافدين ورجال الاعمال اللبنانيين وانتقلت الكثير من المؤسسات الدولية للعمل من الأردن.
- خلال الحرب الايرانية العراقية في الثمانينيات من القرن الماضي لجأت بعض العائلات العراقية والفلسطينية الى الأردن وكان عددها قليلا.
- بعد حرب الخليج عام 1990 استقبل الأردن نحو 220 ألفاً، (كما أظهرته نتائج التعداد العام للسكان والمساكن عام 1994).
- الأردن صاحب ثاني أكبر نسبة في العالم من نِسب استضافة اللاجئين مقارنةً مع عدد مواطنيه.
- عدد اللاجئين السوريين يبلغ ما يقارب 1,3 مليون لاجىء، نحو 700 ألف منهم مسجلون لدى المفوضية السامية للاجئين، وبيّن «التعداد» أن السوريين يشكلون نحو 13.3 في المائة من إجمالي السكان، ويقيم 89 في المائة منهم في المدن والقرى الأردنية و11 في المائة في مخيمات اللجوء.
- منذ أواخر عام 2011 تدفق العديد من الليبيين للعلاج في الأردن وشغلوا الطاقة الاستيعابية للمستشفيات وولدت ازمة مالية للمستشفيات والفنادق ما زالت متفاعلة.
- بحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين فان عدد الجالية اليمنية المتواجدة في الأردن بلغ 27106 يمنيين مقيمين، علماً أنه وفقا للإحصائيات الصادرة عن المفوضية السامية فإن ما نسبته 79.09 ٪ منهم مقيمون في العاصمة عمّان، ويشكل عدد اليمنيين المسجلين في المفوضية ثاني أكبر عدد للاجئين من مختلف الجنسيات من غير اللاجئين السوريين.
- يسبقهم اللاجئون العراقيون، حيث يبلغ عددهم بالمملكة 66971 لاجئا.
يشكل السوريون نحو 88.1 ٪ من اللاجئين في الأردن، يليهم العراقيون 66.8 ألف وبنسبة 8.9 ٪، ثم اليمنيون 2 ٪، ثم السودانيون 6 آلاف، والصوماليون 742، والجنسيات الأخرى 1551.
الآثار الاقتصادية:
- في خلاصة مطالعات «مركز الدستور للدراسات الاقتصادية» فإن الحديث عن الآثار الاقتصادية لأزمات اللجوء والنزوح القسري على الاقتصاد الأردني منذ نشأة الدولة الأردنية، لا يمكن تحديده بدقة، خصوصا وان هناك آثارا منظورة ومباشرة يمكن قياسها، لكن الآثار غير المنظورة تفوق بكثير شكلا وقيمة الآثار الظاهرة، والتي تمثلت بانعكاسات مباشرة على الاقتصاد الأردني والضغط على موارد الأردن الشحيحة والبنية التحتية جراء موجات هجرة ولجوء ونزوح قسري مفاجئ لم تكن الدولة الأردنية او الحكومات تتوقعها او قادرة على مواءمة احتياجاتها ومتطلباتها الاقتصادية، فبقيت تعاني عبر مئة عام من تلك التداعيات وانعكاساتها السلبية على موازناتها السنوية بكل تفاصيلها.
- الأردن عبر تاريخه استقبل موجات لجوء فاقت قدرته، وزادت موجات اللجوء المتعاقبة الاعباء على الاقتصاد الأردني، وكانت سببا رئيسا في تراجع معدلات النمو الاقتصادي مقابل تزايد معدلات النمو السكاني و أدى ذلك إلى تراجع مستوى معيشة المواطنين.
- في تصريحات سابقة لوزير المالية الاسبق الدكتور محمد ابو حمور يقول : إن النمو الاقتصادي في الأردن كان خلال النصف الأول من عام 2015 نحو 2,2 ٪، أي ما يعادل تقريباً النمو السكاني الطبيعي في الأردن آنذاك، فإذا أخذنا بالحسبان النمو السكاني غير الطبيعي المتمثل باللجوء السوري، والذي يعادل 5 ٪؛ فمعنى ذلك أن النمو الاقتصادي في الأردن ينبغي أن يكون 7٪ تقريباً وهو ما لم يتحقق حتى الآن.!
- إمكانات الأردن المحدودة جعلته يعاني ولا يزال من الضغوط لهذه الموجات من اللجوء على موارده المحدودة من المياه والخدمات الصحية والتعليمية؛ كما تأثر الاقتصاد الكلي بمجمله، وزاد الفقر المطلق بين المواطنين، واستمرت العجوزات في الموازنة وميزان التجارة، كما ارتفعت نسبة البطالة نتيجة التنافس بين المواطنين واللاجئين على الوظائف المحدودة المتاحة.
- وبسبب التنافس على الأرض والمساكن ارتفعت أسعار الأراضي والشقق.
- وتسببت زيادة الطلب الكلي (بما في ذلك الإنفاق الحكومي) في زيادة الأعباء الضريبية والأسعار.
- في كلمة ألقاها نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، في افتتاح جلسة عقدت في المنتدى العالمي للاجئين في جنيف، كانون الاول 2019، قال : إنّ «عبء اللجوء مسؤولية مشتركة للمجتمع الدولي، لا يجوز أن تتحملها الدول المستضيفة وحدها»، مشدداً على ضرورة العمل الجماعي لتلبية احتياجات اللاجئين وتوفير العيش الكريم لهم، مضيفا أن «الأردن أكبر دولة مستضيفة للاجئين نسبة لعدد السكان، نستضيف 13 في المائة من اللاجئين في العالم، من 57 دولة لجأوا إلى المملكة، ورغم التحديات والظروف الاقتصادية الصعبة، يعتزّ الأردنيون بأننا نفعل كل ما نستطيع لخدمتهم».
اللجوء السوري :
- في دراسة سابقة لمركز الدستور للدراسات الاقتصادية بعنوان ((خلال الفترة 2011-2021..ما هي كلفة الاعباء التي تحملها الاقتصاد الأردني في العقد.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الدستور الأردنية