انطلقت يوم الثلاثاء في أبوظبي فعاليات الملتقى الدولي للاستمطار، والتي تستمر حتى الخميس 30 يناير 2025 بتنظيم برنامج «الإمارات لبحوث علوم الاستمطار»، ويتميز الملتقى في نسخته السابعة هذا العام بتثبيت نفسه كمنصة تفاعلية تتيح للأجيال المقبلة من الباحثين والمبتكرين استكشاف أحدث التطورات في مجال تعزيز هطول الأمطار، وكمنصة نقاش علمية عالمية تعزز التعاون والابتكار في مجال علوم الاستمطار وأمن المياه. وقال الشيخ منصور بن زايد آل نهيان عبر كلمة ألقاها عبد الله المندوس مدير عام المركز الوطني للأرصاد رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية «نؤمن في دولة الإمارات بأن البحث العلمي والابتكار هما أساس التعامل مع الواقع وتحديات المستقبل، وانطلاقاً من كوننا دولة تؤمن بالمصير المشترك لكل المجتمعات الإنسانية على هذا الكوكب، كنا دوماً حريصين على التعاون مع الجميع لتحقيق الازدهار العالمي». وأضاف المندوس «نسعى من خلال تطوير التقنيات المتقدمة في مجال الاستمطار ومشاركتها مع المجتمع العلمي حول العالم، إلى توسيع حدود المعرفة العلمية والابتكار التقني، وسد الفجوات المعرفية بين الدول، ما يفتح آفاقاً جديدة لإدارة الموارد المائية المستدامة على مستوى العالم، وأصبحت دولة الإمارات بفضل هذه الجهود مركزاً عالمياً رائداً في مجال بحوث علوم الاستمطار». جلسات الملتقى
واللافت هذا العام كان التركيز على البحث والتطوير والذكاء الاصطناعي كداعم أساسي للابتكار، مع التشديد على ضرورة التعاون الدولي في هذا الإطار، لدعم الجهود في استكشاف آخر ما توصلت إليه هذه التقنيات. وانصب اهتمام المشاركين من المتحدثين، الذين وصل عددهم إلى نحو 50 متحدثاً رفيع المستوى من حول العالم، والحضور -الذي تنوع بين خبراء عالميين وصناع القرار وباحثين- على ضرورة إيلاء موضوع أمن المياه الأولوية القصوى من خلال تكثيف التعاون الدولي وتسريع المبادرات عبر تعزيز قنوات التمويل والاستثمارات وتبني الابتكار كرافعة أساسية لأمن المياه كما قالت عائشة العتيقي المديرة التنفيذية لمبادرة محمد بن زايد للمياه. ومن المتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2050 ببعض الدول في العالم بنسبة تتراوح بين 6 و8% بسبب الخسائر المرتبطة بالمياه في قطاع الزراعة والصحة والدخل والممتلكات وفق منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وتصل قيمة الخسائر الاقتصادية السنوية بسبب عدم كفاية إمدادات المياه والصرف الصحي إلى نحو 260 مليار دولار، هذا مع وجود نحو 4.5 مليار شخص يفتقرون إلى خدمات الصرف الصحي المتوافقة مع أهداف التنمية المستدامة SDG6، ونحو 2.1 مليار شخص يفتقرون إلى الوصول إلى مياه الشرب الآمنة. وتسلط هذه الأرقام الضوء على الحاجة الملحة لحلول مبتكرة مثل إعادة تدوير المياه، وتحلية المياه، وتحسين سياسات إدارة المياه لضمان الأمن المائي عالمياً، ومع التزايد المستمر في الطلب على المياه بسبب النمو السكاني والتغيرات المناخية، أصبح تأمين الموارد المائية المستدامة تحدياً عالمياً. في هذا السياق، تُعد تقنيات الاستمطار واحدة من الأدوات المبتكرة التي تسهم في تعزيز الأمن المائي، حيث تعمل على زيادة هطول الأمطار في المناطق التي تعاني من شح المياه أو انخفاض معدلات الهطول كحال منطقة الشرق الأوسط التي تعتبر الأكثر عرضة لتحديات الجفاف.
برنامج تكاملي تزامن الملتقى الدولي السابع للاستمطار مع الذكرى السنوية العاشرة لتأسيس برنامج الإمارات لبحوث الاستمطار التي تعد إحدى الحلول المستدامة لتحديات شح المياه وتحقيق الأمن المائي والغذائي محلياً وعالمياً. وقالت علياء المزروعي، مديرة برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار إن البرنامج استطاع خلال فترة وجيزة أن يحقق إنجازات ملموسة على صعيد تطوير تقنيات جديدة في مجال الاستمطار، وحصول براءات اختراع عالمية عديدة. وأفادت المزروعي بأن استثمارات البرنامج التي وصلت إلى 82.6 مليون درهم حتى الآن مع استكمال تطوير 11 مشروعاً بحثياً وتسجيل 8 براءات اختراع، منها 3 قيد التسجيل، في حين يُجرى حالياً استكمال 3 مشاريع بحثية أخرى، الأمر الذي عزز مكانة دولة الإمارات كمركز عالمي رائد للابتكار في هذا المجال الحيوي. وأعلن برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار، خلال مؤتمر صحفي عقده البرنامج على هامش الملتقى الدولي السابع للاستمطار عن فتح باب استقبال مقترحات الأبحاث ضمن الدورة السادسة والمخصصة للمشاريع البحثية المبتكرة في مجال علوم وتقنيات الاستمطار، والتي تقدم ما يصل إلى ثلاثة مشاريع بحثية مختلفة وبقيمة 1.5 مليون دولار أميركي (5.511 مليون درهم إماراتي) موزعة على ثلاث سنوات، بواقع 550 ألف دولار كحد أقصى سنوياً. هذا ويتطلع البرنامج في دورته السادسة إلى استقطاب أبرز المشاريع البحثية ضمن 5 مجالات بحثية ذات الأولوية لأبحاث الاستمطار في الفترة المقبلة، والتي تشمل مواد التلقيح المحسنة، وأنظمة تعزيز الاستمطار، والأنظمة الجوية المستقلة، والتدخل المناخي المحدود، إضافة إلى النماذج والبرمجيات والبيانات المتقدمة. الذكاء الاصطناعي فضلاً عن مناقشة قضايا الأمن المائي على المستويين الإقليمي والعالمي، إضافة إلى تناول أحدث الأساليب والتطورات العلمية والتكنولوجية في مجالات تعديل الطقس وعلوم الاستمطار وأبحاث الأمن المائي، تصدرت حلول الذكاء الاصطناعي في مجال تحسين الطقس أجندة نقاشات اليوم الأول من الملتقى والذي شهد عقد سلسلة من الجلسات الحوارية رفيعة المستوى بمشاركة خبراء وصناع قرار بارزين من دولة الإمارات وخارجها. وتناول الخبراء المشاركون في الجلسة الإمكانات الكبيرة للذكاء الاصطناعي في إحداث نقلة نوعية في مجال التنبؤ بالمناخ والطقس والأنشطة الأخرى ذات الصلة بالتدخل المناخي، والقدرات المتعددة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، ودورها في دعم استراتيجيات التكيف المناخي وجهود تعديل الطقس، كما ناقشوا سبل تعزيز التعاون بين العلماء وصناع السياسات وقادة الصناعة لمعالجة التحديات الملحة لأمن المياه، والمساهمة في تعزيز الجهود العالمية الهادفة إلى الحد من آثار التغير المناخي. كما تطرق الملتقى إلى عدد من المحاور الرئيسية كالتنبؤ بالطقس والمناخ باستخدام الذكاء الاصطناعي، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي المبتكرة واستخدامها في النمذجة عالية الدقة والنمذجة السحابية، وحالات استخدام محتملة لتقييم تأثير تعديل الطقس، إضافة إلى الاعتبارات الأخلاقية والتنظيمية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تطبيقات المناخ والطقس. كما شهدت الفعاليات تقديم عدد من العروض التقديمية من قبل الخبراء المشاركين حيث تناول العرض الأول من تقديم بيورن ستيفنز «تحدي التنبؤ بتغير أشكال هطول الأمطار باستخدام محرك افتراضية الأرض»، فيما ناقش العرض الثاني من تقديم مروان تميّمي «دمج البرامج العددية الفيزيائية والقائمة على الذكاء الاصطناعي مع تقنيات الاستشعار المتقدمة لدعم أبحاث الطقس»، والعرض الثالث من تقديم لوكا ديلي موناكي «إطار عمل هجين للتعلم الآلي لتحسين التنبؤ الآني بهطول الأمطار». يذكر أن الملتقى كرم كوكبة من الشخصيات البارزة والمؤسسات المحلية والدولية ذات الإسهامات البارزة، ومنها د. سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، ومريم المهيري، رئيس مكتب الشؤون الدولية في ديوان الرئاسة، وأحمد جمعة الزعابي، مستشار رئيس الدولة في ديوان الرئاسة، وعبدالله المنقوش، مدير إدارة دراسات مصادر المياه بمكتب رئيس الدولة سابقاً، والذي كان له دور رائد في إطلاق عمليات تلقيح السحب في دولة الإمارات في تسعينيات القرن الماضي.
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية