الشارقة: علاء الدين محمود
ما بين عوالم الحب والجريمة والجنون تتجول رواية «المدعوة غريس»، للكاتبة الكندية مارغريت آتوود، التي صدرت في نسختها العربية عن دار «روايات» في طبعتها الأولى عام 2021، بترجمة: نوف السعيدي، وهي من الأعمال السردية التي تعالج العديد من القضايا الاجتماعية والمتعلقة بوضعية النساء كذلك ونضالهن من أجل التحرر، غير أن اللافت في هذا العمل هو تلك الحبكة التي بنتها المؤلفة ببراعة بحيث أنها حشدت الرواية بمواقف فكرية وفلسفية حول الحياة والوجود والمجتمع، ليأتي العمل بشكل مبتكر في بنائه وسردياته المتنوعة.
في الرواية يجد القارئ نفسه في تشويق مستمر وتأمل دائم طوال متابعة أحداث العمل المتشعبة، فالعمل يحتاج بالفعل إلى قارئ ذكي يجيد قراءة ما بين السطور والتقاط التفاصيل الصغيرة والعلامات والرموز التي وضعتها الكاتبة بعناية فائقة كدلالات تضيء عوالم النص وتفسر خباياه.
*قصة حقيقية
وما يميز هذه القطعة السردية أنها بنيت على أحداث ووقائع حقيقية جرت في القرن التاسع عشر، وهي عبارة عن جريمة قتل شغلت الرأي العام في كندا والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا لفترة طويلة، وهي الجريمة التي وصفتها الصحافة آنذاك بوصف غريب وهو «الانحطاط اليائس في الطبقة الدنيا»، في إشارة للجرم الكبير الذي وقع وكان له تأثيره في حياة بعض البشر، كما تحمل دلالة أخرى على أن من قام أو قامت بالجريمة تنتمي إلى الطبقة الفقيرة من المجتمع، وهي القوى الاجتماعية التي دائماً ما ترمي بالشرور، وذلك نسبة لحياة البؤس التي تولد النزوع نحو الجريمة، وهنا يندلع جدل من نوع آخر، وهو إلى أي مدى يكون الإنسان ضحية البيئة والظروف التي تحيط به؟ وذلك هو السؤال الذي تتناوله الرواية.
*تفاصيل
تبدأ تفاصيل الحكاية مع العاملة غريس ماركس، بطلة الرواية، وهي شابة صغيرة غدت من أشهر النساء في كندا وأمريكا، وذلك بسبب كونها قد دينت بقضية قتل في عام 1843 عندما كانت في السادسة عشرة من عمرها، إذ تُتهم غريس بقتل سيد المنزل وعشيقته، وذلك بالتعاون مع الخادم الآخر، جيمس مكدرموت، وفي حين يصدر حكم بإعدام شريك غريس في الجُرم، تُتهم غريس بالجنون وتودع في مصحة عقلية وفقاً لادعائها أنها لا تتذكر وقائع الجريمة. وتبدأ غريس في رحلة طويلة مؤلمة متنقلةً بين السجون، والمصحات العقلية وجلسات العلاج النفسي. وتزداد وتيرة الأحداث عندما يوفد الطبيب الأمريكي النفسي سايمون جوردان بهدف الاطلاع على سلامة غريس العقلية والنفسية قبل الإفراج عنها تأكيداً على قابليتها للانخراط في المجتمع من جديد.
*تنقيب
ويأخذنا السرد نحو منعطف جديد عندما تبدأ جلسات غريس للعلاج النفسي مع د. سايمون جوردان، ومن هنا تبدأ تفاصيل مختلفة من خلال الغوص العميق في دواخل عقل غريس، حيث يعود السرد بالقارئ إلى نقطة ما قبل وقوع تلك الجريمة، وصولاً إلى مرحلة ارتكابها والظروف التي تشكلت وتكونت وقادت إلى تلك الواقعة، أي الجريمة النكراء، حيث يأخذنا السرد في رحلة عن حياة بطلة الرواية منذ ولادتها في إيرلندا لعائلة فقيرة تُعاني الجوع وغياب الحاجات الأساسية، والذي يدفع العائلة للهجرة إلى كندا، وتتوالى بعدها الأحداث عندما تروي غريس تفاصيل عملها كخادمة، وهي لا تكاد تبلغ الثالثة عشرة من عمرها، وكم الأهوال والصعوبات التي تتعرض لها حتى وصلت إلى بيت أ. كينير حيث تلتقي هناك بمدبرة المنزل، نانسي مونتغمري، وهو المنزل الذي وقعت فيه جريمة القتل الشهيرة.
تثير.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الخليج الإماراتية