منذ أن أعلن الرئيس الأميركي المعاد انتخابه دونالد ترمب يوم تنصيبه عن رغبته في الاستحواذ على جزيرة غرينلاند التابعة للدنمارك منذ ثلاثة قرون، تجد الحكومة الدنماركية نفسها في وضع حرج للغاية وهي تأخذ تهديدات ترمب على مأخذ الجد. ولذا؛ أطلقت رئيسة حكومتها ميت فريدريكسن حملة أوروبية - أطلسية واسعة للحصول على دعم شركائها في الاتحاد الأوروبي وفي الحلف الأطلسي.
مشكلة كوبنهاغن أن الطامع بجزيرتها الواقعة في القطب الشمالي وذات الأهمية الاستراتيجية الكبرى والجدوى الاقتصادية البينة ليس عدواً تاريخياً لها، بل حليفها العسكري الرئيسي في إطار النادي الأطلسي الذي تنتمي إليه وشريكها الاقتصادي الأول.
وترمب الذي أظهرت رئاسته الأولى (2016 - 2020} صعوبة توقع الخطوات التي يمكن أن يقدم عليها، وضع الدنمارك أمام ثلاثة خيارات بشأن مستقبل غرينلاند: إما أن تقبل الدنمارك ببيعها لبلاده، وهو مقترح طرحه للمرة الأولى في عام 2019، وإما، في حال الرفض، سيعمد إلى فرض رسوم باهظة على الصادرات الدنماركية لبلاده بشكل يدفعها للتخلي عن الجزيرة التي تتمتع بإدارة ذاتية. أما الخيار الأخير (والأخطر)، فهو اللجوء إلى القوة العسكرية، علماً أن لواشنطن قاعدة عسكرية رئيسية فيها. وذهب ترمب السبت إلى التأكيد أمام مجموعة صحافية أنه «سيحصل» على غرينلاند.
البحث عن الدعم الأوروبي منذ الأحد الماضي بدأت ميت فريدريكسن حملة حشد الدعم لبلادها انطلاقاً من جيرانها الشماليين: النرويج، والسويد وفنلندا؛ إذ دعت زعماءها إلى عشاء في منزلها. وفي اليوم التالي، زارت ألمانيا والتقت المستشار أولاف شولتس، وعقبها زارت باريس للاجتماع بالرئيس إيمانويل ماكرون. ومحطتها الثلاثاء كانت بروكسل للقاء أمين عام الحلف الأطلسي مارك روته.
شولتس كان حازماً برسالة وجهها بالإنجليزية: «لمن يهمه الأمر» في إشارة إلى الرئيس ترمب، وفيها أنه «لا ينبغي تغيير الحدود باللجوء إلى القوة». وأردف شولتس قائلاً إن الدنمارك وألمانيا صديقتان مقربتان «ولديهما رؤية متشابهة للغاية للعالم».
وأفاد بيان صادر عن الرئاسة الفرنسية بأن ماكرون وفريدريكسن ناقشا «الأجندة الأوروبية؛ بهدف تعزيز اتحاد أوروبي موحد وقوي وذي سيادة، متمسك بالروابط بين ضفتي الأطلسي ويعرف كيف يؤكد ويدافع عن قيمه ومصالحه» بوجه ترمب.
بيد أن البيان لم يشر تحديداً إلى ملف غرينلاند. وفي أعقاب جولتها، أكدت فريدريكسن، الثلاثاء، أنها تلقت «دعماً قوياً للغاية» من الأوروبيين، مشددة على أن «الرسالة واضحة للغاية» ومضمونها «ضرورة الاحترام الكامل لأراضي الدول وسيادتها لأنها عنصر أساسي في المجتمع الدولي».
وفي تغريدة على منصة «إكس»، كتبت: «لقد وقفت دول الشمال الأوروبي دائماً معاً. وفي الواقع الجديد الأكثر تقلباً الذي نواجهه، أصبحت التحالفات والصداقات القوية والوثيقة أكثر أهمية».
غرينلاند ليست للبيع تؤكد السلطات الدنماركية وسلطات الجزيرة نفسها أن غرينلاند «ليست للبيع». وقال لارس لوكي راسموسن، وزير خارجيتها، إن «ترمب لن يحصل على غرينلاند. غرينلاند هي غرينلاند وشعبها يتمتع بحماية القانون الدولي. لذا؛ قلنا أكثر من مرّة إن غرينلاند هي من تقرّر في نهاية المطاف بشأن وضعها».
وغداة تنصيب دونالد ترمب، شدد رئيس وزراء غرينلاند ميوت إيغده على أن الجزيرة «لا» تريد أن تكون أميركية، لكنها «منفتحة على تعاون أوثق» مع الولايات المتحدة، مضيفاً خلال مؤتمر صحافي يوم 21 من الشهر الحالي أن «مصير غرينلاند يتقرر في غرينلاند». لكنه اعترف بأن «الوضع صعب».
ما يصرّ عليه المسؤولون في الدنمارك وغرينلاند يستند إلى رأي عام متمسك بدنماركية الجزيرة التي يربط دستور البلاد وضعها الراهن بحصول استفتاء لسكانها. والحال أن استطلاعاً للرأي أُجري لصالح صحيفة «بيرلينجسكي» ونُشرت نتائجه الأربعاء أن 85 في المائة من سكان الجزيرة يرفضون أن تصبح الجزيرة جزءاً من الولايات المتحدة، في حين الرأي المعاكس لا يتخطى نسبة 6 في المائة، والمتبقون ليس لديهم رأي حاسم.
وعلقت على النتائج قائلة: «يسعدني أن يكون الاستطلاع تعبيراً عن أن الكثير من سكان غرينلاند يرغبون في استمرار التعاون الوثيق مع الدنمارك. ربما في شكل مختلف عما نعرفه اليوم؛ لأن كل شيء يتغير بمرور الوقت». وتعني الفقرة الأخيرة أن كوبنهاغن مستعدة لمنح.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الشرق الأوسط