من موظف بنك إلى مؤسس عملة مشفرة تفوق قيمتها اليوم 4 مليارات دولار، رحلة طويلة مر بها جون باتريك مولين، المؤسس والرئيس التنفيذي لعملة "مانترا" المشفرة، في عالم المال. فقد بدأت مسيرته المهنية في مجال الخدمات المصرفية في شنغهاي، حيث عمل في البحث في التقنيات الناشئة في شنغهاي بالصين، وتحديداً لدى بنك استثماري مملوك للدولة يسمى «غيوتاي جونان سيكيوريتيز» استمر فيه لمدة عامين تقريباً، وقبلها كان من أوائل المستكشفين لتكنولوجيا البلوك تشين منذ عام 2013، حين اشترى أول عملة بيتكوين آنذاك، متأثراً بصديق له شغوف بعالم الهندسة الحاسوبية.
من موظف مصرفي انطلق حلم تأسيس مانترا
مانترا هي عملة مشفرة تنتمي للطبقة الأولى للبلوك تشين «لاير وان»، هدفها جلب جميع أنواع الأصول والأدوات المختلفة في العالم الحقيقي إلى مشروع البلوك تشين الخاص بها.
وقال مولين في مقابلة خاصة أجرتها معه CNN الاقتصادية إنه اكتشف بسرعة كبيرة أن هذا النوع من الوظائف المؤسسية لم يكن حقاً ما يريد القيام به، إذ أراد أن يدخل في ريادة الأعمال ما يمنحه القليل من القدرة على القيام بأهدافه الخاصة أو أن يكون مديراً لنفسه إذا جاز التعبير.. لذلك ترك وظيفته في البنك وانضم إلى شركة ناشئة في مجال العملات المشفرة في مرحلة مبكرة، ثم انتقل إلى هونغ كونغ.
وأضاف «عملت وأسهمت في إعداد كل شيء من الصفر، ومثلي كمثل أي موظف مبتدئ في شركة ناشئة وفي مرحلة مبكرة كنت أدير مكتب هونغ كونغ كله، كنت المدير الرئيسي في هونغ كونغ، لذا كانت هذه هي المرة الأولى التي أقوم فيها بتأسيس شركة من الصفر واجتذاب حسابات مصرفية، لقد قمت بالفعل بكل شيء وأعترف أنني أخطأت في الكثير من الأحيان، مثل أي شخص يعيش تجربته الأولى في ريادة الأعمال ارتكبت الكثير من الأخطاء».
وتابع مولين «في الحقيقة جميعنا نرتكب أخطاءً طوال الوقت، هذا ما أستمتع به شخصياً في مجال الأعمال الناشئة التي تتطلب دوماً حصد النمو باستمرار ومواجهة تحديات جديدة باستمرار والتغلب عليها باستمرار إذا كنت فعلاً تريد ذلك، لذا أعتقد أنه على مدار السنوات الخمس التي تم فيها تأسيس (مانترا) -وربما دعنا نقل سبع سنوات أو أكثر لو عدنا إلى البدايات- أيقنت أنني أستمتع بالأوقات الصعبة لأنها تجعلني مضطراً إلى تقديم أفضل ما لدي، وفي الأساس فإن هذا هو ما خُلقنا من أجله».
التبني المؤسساتي للعملات المشفرة.. لم يعد عائقاً
قال مولين «أعتقد أن روّاد الأعمال في مجال التشفير ظلوا يقولون لفترة طويلة إن التبني المؤسساتي قادم والمؤسسات قادمة، وحتى وقت قريب نسبياً لم يكن الأمر كذلك أو على الأقل ليس بصوت عالٍ وواضح، لكن حتى لو بشكل غير معلن بما فيه الكفاية، نرى لدى (جي بي مورغان( فريق أصول رقمية، ولدى (غولدمان ساكس) الشيء نفسه، وكل هذه المؤسسات المصرفية وكل هذه الشركات المالية والصناديق التحوطية وهذه الجهات الفاعلة الرئيسية تسير نحو التبني».
وتابع أنه «لا يزال الطريق طويلاً لكن مجتمع العملات المشفرة اليوم يحرز الكثير من التقدم، وبسبب كل هذه الأشياء التي تضافرت معاً وبسبب قناعتنا وعملنا الجاد وجهود الجميع في البناء المستمر على مدار السنوات الأخيرة نحن الآن في وضع رائد في السوق، إذ نعتبر رائدين في قطاع بات ينمو شيئاً فشيئاً، وهذا وضع جيد في الحقيقة رغم أنه لا يعني بالضرورة أننا راضون عمّا نحن عليه حتى اليوم، لأننا نعتقد أيضاً اعتقاداً راسخاً أن هذا السوق ما زال في بداياته والتبني المؤسساتي بدأ ولكن ليس بالشكل الذي نطمح إليه».
هل كل الأصول يجب ترميزها؟
تشير التوقعات إلى أن قيمة الأصول المرمزة قد تصل إلى 16 تريليون دولار بحلول عام 2030، وهو الأمر الذي يدفعنا للسؤال حول: ما هي الأصول التي من الجدوى ترميزها؟ وما هي الأصول التي بالفعل قد تخلق قيمة إضافية لو نقلها إلى عالم الترميز؟
قال مولين «في الوقت الحاضر لا أرى أنه بالضرورة ترميز كل شيء، وعندما يتعلق الأمر بذلك أعتقد أنه يجب أن يكون هناك بضعة أمور علينا التحقق منها قبل أن نفكر في الأمر، وبالدرجة الأولى علينا معرفة هل الترميز سيخلق قيمة لصاحب هذه الأصول؟ أعني بذلك أنه بالنسبة للشخص الذي يقوم بعملية الترميز هذه هل منفعة تعود عليه جراء هذه العملية؟ ثانياً هل الترميز في هذه الحالة أفضل للمستثمر؟ وأيضاً ما السبب الذي يدفعنا لترميز شيء ما؟».
وأضاف «هل الترميز سيجعله أكثر سهولة في الوصول إلى المستثمرين غير القادرين على الحصول عليه في بلدهم الأصلي مثلاً؟ لذا هل بذلك نحن نحسّن عملية الوصول لهذه الأصول؟ ثالثاً هل هذا شيء قانوني ويمكن القيام به بالفعل أو يمكن القيام به وفقاً للقانون؟ وإذا لم تُستوفَ هذه الأشياء الثلاثة فإننا لا نعتقد حقاً أنه من المنطقي أن يرمز، لذا فهناك أشياء معينة قد لا تستوفي هذه المعايير».
شراكات ضخمة في الإمارات
وسط نمو تجاوز 6000 في المئة خلال 2024، ارتفع سعر مانترا من نحو 30 سنتاً إلى أكثر من 4.5 دولار خلال سنة واحدة، بعد شراكات ضخمة في ترميز العقارات كان أهمها مع «ماج العقارية» و«داماك» التي أعلنت مؤخراً عن شراكة مع مانترا بالحد الأدنى قيمتها مليار دولار.
هل من تفاؤل بشأن التشريعات بعد وصول ترامب؟
قال مولين «من الواضح جداً أن الرئيس ترامب يريد أن يكون رئيساً مناصراً للعملات المشفرة وأعتقد أنه سيربط الكثير من نجاحه بجعل الولايات المتحدة مركزاً للعملات المشفرة مرة أخرى».
وأضاف «ليس فقط جعل أميركا عظيمة مرة أخرى، بل وجعل أميركا مركزاً للعملات المشفرة مرة أخرى، وهو ما سنراه»، مشيراً إلى أنه أجرى محادثات مع العديد من اللاعبين المؤسسيين من الولايات المتحدة في وول ستريت والخارج وأيضاً مع صناع السياسات، وقال «الناس متحمسون للغاية للفرصة المتاحة عبر الأصول الرقمية بشكل عام والأطر التنظيمية الأكثر تقدماً وكذلك الترميز».
كما لفت إلى أن تحرير القيود بشكل عام عبر القطاع المالي والذي أعتقد أنه ما يتوقعه الناس من الإدارة الجديدة، وربما التنظيم الجديد الذي يكون أكثر ملاءمة وتقدمية في ما يتعلق بالأصول الرقمية سيكون أمراً من شأنه أن يفيد صناعة الترميز عموماً وترميز العقارات خصوصاً بشكل بديهي.
ولفت إلى أن مانترا اليوم تتطلع بشكل أساسي إلى السوق الأميركي للانتشار هناك، قائلاً «أعتقد أنه لا يزال هناك طريق طويل لنقطعه لكن هذا النشاط الذي نراه من مستخدمي العملات المشفرة والأصول الرقمية في الولايات المتحدة وكيف كان لها تأثير حقيقي على الانتخابات الأميركية، أعني، هذا جنون.. بالعودة إلى بضع سنوات مضت لم يكن الجميع ليصدقوا أن هذا كان احتمالاً».
هل ستصل بيتكوين إلى مستوى 200 ألف دولار بحلول نهاية عام 2025؟
قال مولين رداً على سؤال بشأن إمكانية وصول
بيتكوين إلى 200 ألف دولار بنهاية 2025 إنه ليس متأكداً من أنها ستصل إلى هذا السعر هذا العام، مشيراً إلى أن هذا سيحدث حتماً وهو أمر لا مفر منه أيضاً، لكن 200 ألف دولار في هذا الإطار الزمني ليس مستحيلاً".
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية