وفاء بنت سالم الحنشية
إنها تُمطر هُنا ،تمطر غيثًا من السماء وغيثًا من سكان البسيطة ،إنها تُمطر جمالًا جعلني أعترف أني
منذ فترة طويلة جدًا لم أرى العالم بهذه الجمالية ،إنها الشارقة تبهرني في كلِ مرة أرنو إليها ،تبهرني بالفكرة ومحاورها .
وهذه المرة ابهرتني بجذور البداية ،بداية البذرة ،الفكرة ،النشأة ،اللوحة ،الحكاية ،القصيدة ،الورقة، الزينة،ا لعطر ،المكتبة ،المدرسة ،الموسيقى والخرافة..
ولعل ما يجعلك في دهشة دائمة هو المغامرة التي تعيشها في كل مرة تزور فيها أيام الشارقة التراثية ..
قد تُعيد ترتيب دهشة الأفكار لديك..
لأخذكم إلى ضيوف الأيام هنا ،ستزور عمان تستقبلك رائحة اللبان ،أو صوت الطبول ورائحة الجلود التي لفت بها ستبهرك تفاصيل نماذج السفن الخشبية ،او رائحة الورس المنبعثة من أدوات زينة المرأة، تقترب من البحرين فقطر بعالم البحار الذي تدُهشك بتفاصيله ،السعودية بفنونها الجميلة ،بتمورها وقهوتها الشقراء ،الكويت بحكايات الماضي ،الامارات بقراها الجبلية ،البحرية والزراعية ،بفنونها المشابهة لفنون لفنون عماننا وعاداتها ..
جذور الحكاية لها باب مفتوح لا يغلق ،والعطر روائح لا تُمل ،للقاضي بيت ،بيت له جذور وحكاية ،وللمكتبة كذلك ،وفي مدرسة الحكايات الحكايات تلتقي لتُبث فيها الروح ،ستشم رائحة الحطب المحترق ودلال القهوة النائمة بخفة كعروس خجولة فوق الرماد وبين ممرات الكتب وصوت الموسيقى تجد نفسك حائر بين بقشة الفكرة وطريق الحرير ،بين الأدوية الشعبية وجمال الاثواب ..
أنت في الشارقة حيث يجتمع الحاضر بالماضي بمزيج هو اشبه بلوحة فنية تركت لابن الأرض المنبثق من جذورها بأن يُحيي سقاياها ،لتظل جذورها صلبة متشعبة ،متمسكة بأصولها ،متنقلة بين شعاب الأرض ،بحورها ،وديانها ،صحاريها وريفها بالفكرة الأم ،بأصل النشأة مع اختلاف لغاتها ،تقاليدها ولونها..
إنها الشارقة حيث التراث سلطان كذلك بعرش لا تقتلعه ريح الانفتاح ،ولا تؤده ألوان التقنيات ..
هنا وأنت تتجه للبيت الغربي تشرب القهوة العربية مهد الضيافة وتشارك حضور الندوات والجلسات تُدرك أنه من الرائع حقًا أن تقرأ المشهد،الفكرة ،الصوت،اللوحة ،الرقصة والجذور ..
وكما أن الإنسان هذا الكائن المتغير خلق من حركة ،فإنه بسبب هذه الحركة الدائمة أوجد امم،اصول ،شعوب وثقافات ..غرس جذوره في مشارق الأرض ومغاربها ،لتُظهرها الشارقة بعد أن بسطت لها أرض صلبة بالعلم ،خصبة بالإرث للعالم أجمع ..
مرحبًا بك في عالم تولد فيه الحضارات جميعها ،مرحبًا بك في الشارقة ..
هذا المحتوى مقدم من شؤون عُمانية
