رد البريطانيون على منع الإمبراطور الصيني داوغوانغ في 18 مارس 1839 الشركات الأجنبية من توريد الأفيون إلى بلاده، بإشعال حربين طاحنتين ووضعوا الصينيين أمام خيارين "أن تشتري أو تموت".
شهد منتصف القرن التاسع عشر نوعاً جديداً من المواجهات الاستعمارية في المنطقة، حيث قاتلت الإمبراطورية البريطانية ليس فقط للاستيلاء على الأراضي والموارد، بل لإجبار "الأجانب" على فتح أسواقهم أمام تجارتها، حتى وإن كانت سلعها مميتة كالأفيون.
كانت أوروبا في تلك الحقبة مفتونة بالمنتجات الصينية لدرجة الإدمان. لم يستطع المواطن البريطاني من الطبقة الوسطى تخيل حياته دون أكواب الشاي الصيني، بينما لم يستغن الأثرياء عن الأكواب المصنوعة من الخزف الصيني الفاخر.
وتنوعت واردات الأوروبيين من الصين لتشمل الحرير والخزف والتحف الشرقية المتنوعة والمراوح والمخطوطات الهيروغليفية والرسومات والحبر وعناصر الديكور الداخلي، وحتى الكلاب النادرة.
في ذلك الوقت، كانت عبارة "صنع في الصين" مرادفة للجودة العالية في أذهان الأوروبيين، في مفارقة تاريخية لافتة مع الصورة النمطية التي سادت لاحقاً.
في الوقت الذي كانت فيه بريطانيا تسعى لفرض سيطرتها على أسواق الصين، كانت تواجه تحديات اقتصادية خطيرة في جنوب آسيا. فقد غزت الأقمشة القطنية الأمريكية الرخيصة السوق الهندية بكميات هائلة، مما جعل زراعة القطن في الهند نفسها غير مجدية اقتصادياً. نتيجة لهذا الوضع، أصبحت الهند تعتمد بشكل متزايد على بريطانيا اقتصادياً، حيث باتت في حاجة ماسة للأموال لسداد ما تدفعه للبريطانيين مقابل مشاريع البنية التحتية كالسكك الحديدية والمنتجات الصناعية المختلفة. وأمام هذه المعضلة المزدوجة، ابتكر البريطانيون استراتيجية ذكية لضرب عصفورين بحجر واحد: حل المشكلات الاقتصادية مع الهند، وفي الوقت نفسه إجبار الصين على فتح أسواقها أمام التجارة البريطانية بالقوة العسكرية، مما مهد الطريق لحروب الأفيون التي غيرت مسار التاريخ الصيني والعلاقات الدولية في المنطقة.
في ذلك الحين كان الخشخاش يزرع منذ فترة طويلة في مقاطعة البنغال الهندية، وكانت المواد المخدرة تستعمل في الطقوس الدينية. البريطانيون كانوا على معرفة بآثار الأفيون المدمرة منذ عام 1683 حين وصل إليهم مع شحنات الشاي المرسلة من قبل شركة الهند الشرقية. في البداية لم تكن الحكومة البريطانية مهتمة بتجارة الأفيون بشكل مباشر، إلى أن ازدادت الحاجة إلى فتح أسواق الصين المتمردة وقتها.
أقامت في البداية شركة الهند الشرقية، ذراع بريطانيا اقتصادية والعسكرية في المنطقة، ما يعرف بالبعثات الداخلية ومهمتها جعل الفلاحين الصينيين مدمنين على الأفيون من خلال الدعاية لتعاطيه بالتدخين. انتشر سريعا الإدمان على الأفيون في البلاد كالوباء، ما أدى إلى القضاء ببطء على السكان. تقارير تقول إن عدد المدمنين زاد في شنغهاي وحدها بين عامي 1791 و1794، من 87 إلى 663.
كان.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من قناة روسيا اليوم