دعم البنك المركزي التركي قيمة الليرة، بما يقرب من 12 مليار دولار، في تدخل قياسي بعد أن أدى احتجاز رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو، إلى أزمة سياسية أفزعت المستثمرين، وأدت إلى تراجع العملة.
وأنفق البنك 11.5 مليار دولار لدعم العملة، يوم الأربعاء الماضي، حسبما قال شخص مطلع على الأمر، وحسابات تستند إلى بيانات رسمية من شركة «بورومجيكشي» للأبحاث والاستشارات.
ووفق تقرير لصحيفة «فاينينشال تايمز» كان هذا التدخل أكبر بأربع مرات تقريباً من أي خطوة مماثلة سابقة في السجلات الرسمية للبنك.
وجاء ذلك بعد أن هبطت الليرة بنسبة 11% مقابل الدولار الأميركي إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق يوم الأربعاء، بعد أن أشعلت الاضطرابات السياسية موجة بيع شرسة في الأسواق التركية.
وقال أحد المصرفيين الأتراك إن المسؤولين «فقدوا السيطرة» على السوق في وقت مبكر من يوم الأربعاء، مضيفاً أن ذلك ترك أثره في ثقة المستثمرين، وفق ما نقلت «فاينينشال تايمز».
وأشار بنك «جي بي مورغان تشيس»، وهو لاعب مهم في تمويل الأسواق الناشئة، إلى أن سيولة الليرة تضررت وسط تدفقات خارجية كبيرة يوم الأربعاء.
تدخل البنك المركزي
ويقول المحللون إن البنك المركزي واصل، على الأرجح، التدخل في السوق يومي الخميس والجمعة، واتخذ صناع السياسات خطوات أخرى لتهدئة الأسواق هذا الأسبوع، بما في ذلك عقد اجتماع طارئ للبنك المركزي يوم الخميس، حيث رُفِع سعر الفائدة الرئيس لليلة واحدة في محاولة لإبقاء المدخرين المحليين في حسابات الليرة بدلاً من التحول إلى الدولار.
وأدت هذه الإجراءات إلى تخفيف تراجع الليرة، مما أدى إلى انخفاض العملة بنسبة 3% خلال الأسبوع، على الرغم من أن مؤشر أسهم «بيست 100» في إسطنبول انخفض بنحو 8%، يوم الجمعة، في أسوأ أسبوع له منذ العام 2008.
أثار اعتقال المعارض الأبرز للرئيس التركي رجب طيب أردوغان اضطرابات استمرت لأيام، ودعا حزب الشعب الجمهوري إلى مزيد من الاحتجاجات نهاية الأسبوع. وندد أردوغان، الجمعة، بالمظاهرات ووصفها بـ«إرهاب الشارع».
وبحسب وكالة بلومبرغ، باعت البنوك التركية نحو 8 مليارات دولار حتى منتصف الأربعاء في محاولة لدعم الليرة، التي شهدت انخفاضاً بنسبة 11% في بعض الأوقات، قبل أن تقلّص خسائرها إلى 5.5% عند مستوى 38.8565 ليرة مقابل الدولار الأميركي.
انتكاسة لبرنامج الإصلاح
ووفق التقرير تمثل الاضطرابات السياسية بتركيا انتكاسة كبرى لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل الذي بدأ بعد إعادة انتخاب أردوغان في العام 2023. ويهدف البرنامج الذي يقوده وزير المالية محمد شيمشك، المصرفي السابق، إلى تهدئة أزمة التضخم المستمرة منذ فترة طويلة في تركيا، وجذب المستثمرين الذين فروا على مدى العقد الماضي.
وتضمن برنامج شيمشك زيادات هائلة في أسعار الفائدة، وهو ما يعكس إصرار أردوغان السابق على إبقاء أسعار الفائدة منخفضة، على الرغم من التضخم الجامح، وزيادات في الضرائب.
وظهرت بعض بوادر النجاح، إذ انخفض التضخم إلى 39% من أكثر من 85% أواخر العام 2022. كما أعادت تركيا بناء احتياطياتها من العملات الأجنبية بسرعة بعد أن استُنفدت بسبب دعم الاقتصاد والليرة قبل انتخابات العام 2023.
وارتفع إجمالي احتياطيات النقد الأجنبي إلى ما يقرب من 100 مليار دولار، قبل تدخلات هذا الأسبوع، من حوالي 57 مليار دولار في منتصف العام 2023.
ظل المستثمرون على المدى الطويل حذرين بشأن الاستثمار في الأصول التركية، ولكن صناديق التحوط والمستثمرين الآخرين الذين يتطلعون إلى الاستفادة من أسعار الفائدة التي تزيد على 40% وضعوا نحو 35 مليار دولار فيما يسمى بعمليات التداول بالفائدة، عندما يقترض المتداولون بالعملات ذات العائد المنخفض للمراهنة على العملات ذات العائد المرتفع، وفقاً لبنك «جي بي مورغان».
هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس