من عبارات عالم الشركات المألوفة مقولة "الوقت يعني المال". ومثل ذلك من العبارات الشائعة، فهي غالباً ما تُستخدم رغم أنها نادراً ما تؤخذ على محمل الجد. لكن في سياق الذكاء الاصطناعي وتأثيره على الإنتاجية الاقتصادية، أصبح الوقت، وتحديداً توفير الوقت، أحد أهم معايير الحكم على جدوى الاستثمارات الضخمة في هذه التقنية.
تأخر تأثير التقدم التقني على الإنتاجية
تعتمد قدرة أي تقنية على تحسين مستويات المعيشة على مدى إسهامها في تعزيز ما يُعرف اقتصادياً بإنتاجية إجمالي العوامل، أي إتاحتها الحصول على قيمة أكبر من جميع الموارد المستخدمة في إنتاج السلع أو الخدمات. وقد باتت الإنتاجية الشغل الشاغل لقادة الأعمال وصنّاع القرار، نظراً لتباطؤ نموها بشكل ملحوظ في العقود الماضية، رغم التقدم التقني بالغ السرعة.
فيما تظهر نماذج ذكاء اصطناعي جديدة ذات قدرات مذهلة كل أسبوع تقريباً، واعدة بمساعدة الشركات على تحسين أدائها أو خدماتها، إلا أن ما تروّج له من مكاسب على صعيد تحسين الكفاءة لم ينعكس بعد عبر الأرقام الاقتصادية.
:
تشير الاستطلاعات إلى أن شركات كثيرة بدأت بتجريب الذكاء الاصطناعي. إذ أظهر استطلاع جديد لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أن ما يتراوح بين 20% و40% من موظفي الشركات يستخدمون الذكاء الاصطناعي، فيما أظهرت دراسة أخرى أن نسبة استخدام الذكاء الاصطناعي في الشركات الأوروبية بلغت 13.5%.
حين تُنشأ ما كانت تسمى تقنيات الأغراض العامة فيما مضى، دائماً ما كانت الفوائد الإنتاجية تستغرق وقتاً لتنعكس في الإحصاءات الوطنية. ومن الأمثلة على ذلك، وجدت دراسة معروفة أن التأثير الإنتاجي لإمداد المصانع الأميركية بالكهرباء في بداية القرن العشرين تأخر نحو خمسين عاماً ليظهر. وذلك نظراً إلى حاجة الشركات للاستثمار ليس فقط في المعدات الكهربائية، بل أيضاً في إعادة تصميم مصانعها. إذ أن المصانع التي تعمل بدفع البخار تبنى على عدة طوابق لضمان كفاءة استخدامها الطاقة، بينما يتطلّب خط التجميع الكهربائي تصميماً مسطحاً.
وصف فريق من الاقتصاديين، بقيادة إريك برينجولفسون من جامعة ستانفورد، هذه الظاهرة بـ"منحنى الإنتاجية على شكل حرف (J)"، إذ تنخفض الإنتاجية عند تبني تقنية جديدة قبل أن تباشر الارتفاع.
أهمية الابتكار في أساليب العمل
من الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى تأخر انعكاس المكاسب الإنتاجية في البيانات هو صعوبة قياسها، لا سيما في قطاعات لا تنتج سلعاً عادية سهلة الإحصاء، مثل الغسالات وقطع السيارات. لننظر مثلاً إلى الاستشارات الإدارية أو الخدمات القانونية. يمكن لوكالات الإحصاء أن تجمع بسهولة البيانات حول إيرادات هذه الشركات، لكن ما هو حجم إنتاجها؟
لا يمكن قياس الإنتاج بعدد شرائح العروض التقديمية أو صفحات نصوص المرافعات القانونية. صحيح أن أسعار هذه الخدمات تعكس جودتها إلى حد ما، لكن كيف يمكن للإحصائيين قياس جودة الاستشارات الإدارية أو القانونية؟
تجني "جوجل" مليارات الدولارات من خدمة البحث التي تقدمها مجاناً من خلال تلقي المال عن الإعلانات التي ترونها إلى جانب النتائج. مع ذلك، فإن قياس القيمة الاقتصادية الناتجة عن ذلك- وهو ما تسعى الإنتاجية إلى تحديده- ليس بمثل بساطة حساب إيرادات "جوجل". فما هو دور مزودي خدمات الإنترنت، ومشغلي مراكز البيانات، ومنتجي المحتوى في هذه المعادلة؟
اقر أ أيضاً: الذكاء الاصطناعي سيحفّز الإنتاجية.. فهل سيستفيد العمال؟
قياس الوقت المستغرق، أي كمية الوقت ومن يستخدمه، مؤشر أدق في تتبّع تأثير الذكاء.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اقتصاد الشرق مع Bloomberg