عمَّان - الدستور - عمر أبو الهيجاء
يمثل كتاب "العودة إلى الناي" للكاتبة اللبنانية جنان خشوف متتالية بوح تجمع بين السرد والشعر والاعتراف.
ويأتي الكتاب الصادر حديثًا عن "الآن ناشرون وموزعون" بالأردن 2025، في 262 صفحة من القطع المتوسط، ويضم بوحاً على مدار مائة يوم، في حالة أقرب إلى العلاج بالكتابة، أو هي كذلك بالفعل، حتى إن الكاتبة أهدت نصوصها ضمن قائمة الإهداء إلى التشافي.
وأخذت الكاتبة على عاتقها أن تنتهي من بوح الأيام المائة دون أن تخبر أحداً بمغامرتها في الالتزام بالكتابة اليومية كل تلك المدة.
تبدأ خشوف يومياتها باليوم الأول عيد الأم، قائلة: "كنت كلما أُلهِمت أن أكتب أي شيء عن الأمومة، أخجل، لا شيء قد يكون بمستوى الأم. وعدت نفسي أني يوماً ما سأكتب كتاباً كاملاً عن أمي، لكني طبعاً لا أجرؤ، ربما! بل حتماً جبران خليل جبران لم يكن ليجرؤ، لكني سأتحدث اليوم عن الأولاد، وعن كوني أمّاً!".
وتؤكد في تعبيرها عن مواقف ابنها وابنتها في ذلك اليوم قائلة: "هذا هو الحب، من أين أتى كل هذا الحب؟".
وفي اليوم العاشر تبوح جنان خشوف بمكنون مشاعرها حول غزة والمأساوات التي عاشها أهلها بعدد سنوات الاحتلال وموجات التهجير القسري، قائلة:
"قصص غزة قصص أخرى، قصص ليتها من الخيال العلمي، بل إنها واقع جيران منسيين. مع بداية العدوان كانت "أمل تدخل شهرها السادس، رضيعة، "لولا" تدليل أمل التي كانت أمها تطابق فساتينها مع بكلات الشعر، والجوارب، أصبحت سريعاً لاجئة. عشت رعب أبيها من قلة الحليب، وتدهور إنتاج حليب أمها بسبب ندرة المياه والتغذية والجنون المستعر. عشت إصابة أمها وهي تحملها بين يديها، عشت موت جدتها، أمل التي تحمل اسمها، عشت وعشت".
وتقول خشوف في اليوم الواحد والعشرين في حديث مرسل عن الدموع:
"الفرق بين دموع الفرح ودموع الحزن هو من أي عين تسقط أولى الدموع، فإذا سقطت الدمعة الأولى من العين اليمنى فهذا يعني أنها دموع فرح، بينما إذا سقطت أول دمعة من العين اليسرى فهذا يعني أنها دموع حزن".
أما اليوم التاسع والثلاثون فيشهد اعتراف جنان خشوف حول علاقتها بالكتابة، إذ تقول:
"أنا أيضاً أصبحت كاتبة بالصدفة البحتة، أنا أيضاً اختير لي قدري الجميل. كنت كما كل شهر أزور مكتبة صغيرة في شارع الحمرا، صاحبها يعرف كتبها حرفاً حرفاً، ويعرف زبائنه رأساً رأساً، ويعرف ماذا يصف لك من رفوف مكتبته، ولم يخذلني يوماً في توصياته... تنزل إلى مكتبته بثلاث درجات، مدخلها ضيق لكنها عميقة، وودودة بشكل كبير، بعكس المكتبات التي يملؤها معطر الجو بدلاً من رائحة الورق... يومها كانت لديه رزمة من الروايات لم يفرزها بعد، استفزني عنوان إحداها "366" عنوان رقميّ، غريب واستفزازي، ولماذا 366 وليس 400؟ كما استفزني طريق الشجر في الغلاف، وأنا مُغرمة بطرقات الشجر منذ طفولتي".
ولكي نفهم لمَ اختارت الكاتبة هذا العنوان فإنها تضبط نفسها متلبسة في اليوم الخمسين باعتراف تقول فيه:
"هنا منتصف الطريق، منتصف الحلم، منتصف التحدي. كنت أحتفظ بفكرتي الأعزّ لليوم الخمسين، المنتصف، الذروة، محطة الاستحقاق الأولى.. العودة إلى الناي، العودة إلى أناي".
وتضيف: "لم يكن الناي يوماً قراراً، للحقيقة، أنا اخترت الناي بالصدفة. لم يكن أبي يحب الموسيقى بقدر ما كان يحب أن يعرض علينا الاحتمالات التي يراها مناسبة، وكان قد اشترى لي ولأختي بيانو من خشب الجوز، ألماني الصنع، حتى أزراره من العاج، بيانو شديد الروعة، شديد الرهبة، شديد البعد... واستحضر لنا، أنا وأختي أستاذاً مهيباً يعطينا دروساً خصوصية في البيت. لا أذكر اسمه الآن، لكني أذكر أن رائحته كانت كالنفتالين، وأنه كان يكره عشقي للخواتم، وكنت أرتدي الكثير منها حينها،.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الدستور الأردنية