أعلن مجلس الوزراء اللبناني، الخميس، تعيين المصرفي والخبير في إدارة الثروات كريم سعيد حاكماً جديداً لمصرف لبنان، في خطوة من شأنها أن تلعب دوراً محورياً في تنفيذ الإصلاحات المالية التي يطالب بها المجتمع الدولي لإنقاذ البلاد من أزمتها الاقتصادية الخانقة.
وجاء تعيين سعيد بعد تصويت غالبية الوزراء لصالحه، رغم تحفظ رئيس الحكومة الإصلاحي نواف سلام وعدد من الوزراء الآخرين، ونقلت الوكالة الوطنية للإعلام أن «مجلس الوزراء عيّن كريم سعيد حاكماً لمصرف لبنان».
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
خلافة سلامة وفراغ مصرفي
يخلف سعيد رياض سلامة الذي انتهت ولايته في عام 2023 وتم توقيفه على خلفية اتهامات باختلاس أموال عامة، ومنذ ذلك الحين، ظل منصب حاكم المصرف شاغراً، مع تولّي النائب الأول للحاكم وسيم منصوري المسؤولية بالإنابة، في ظل أزمة سياسية عطّلت التوافق على بديل، حتى تم انتخاب جوزيف عون رئيساً للجمهورية في يناير كانون الثاني الماضي.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); });
وفي ختام جلسة الحكومة، أكد نواف سلام تحفظه، مشيراً إلى أن سعيد «لم يكن مرشحه لعدد من الأسباب، خاصة في ظل الحرص على حماية حقوق المودعين والحفاظ على أصول الدولة».
انتقادات واتهامات
اتهمت بعض وسائل الإعلام اللبنانية سعيداً بأنه مقرّب من القطاع المصرفي ويحظى بدعم مباشر من رئيس الجمهورية، وفي هذا السياق، اعتبرت ديانا منعم، المديرة التنفيذية لمنظمة «كلنا إرادة»، أن تعيينه جاء «بدفع من حملة قادتها بعض المصارف التي رفضت أي إصلاح حتى الآن».
وأضافت أن «الخطط التي اقترحها حتى الآن تُظهر مؤشرات مقلقة، خصوصاً في ما يتعلق بخفض الودائع المصرفية، وتحميل الدولة المفلسة أصلاً أعباء مالية إضافية لا يمكنها تحملها على شكل ديون جديدة»، وشددت على ضرورة تقييم أدائه، خاصةً في ما يتعلق بقدرته على التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وإيجاد خطة عادلة لتعويض المودعين.
أزمة مالية مستمرة
منذ عام 2019، يعاني لبنان من أزمة اقتصادية غير مسبوقة، أدت إلى انهيار قيمة الليرة اللبنانية، وفرض قيود صارمة على المودعين، فيما بات معظم السكان تحت خط الفقر، وفق تقارير الأمم المتحدة.
ويشترط المجتمع الدولي على السلطات تنفيذ إصلاحات عاجلة، تشمل إعادة هيكلة القطاع المصرفي، للحصول على مساعدات مالية، وفي هذا السياق، شدد سلام على أن الحاكم الجديد للمصرف المركزي «مطالب بالالتزام بالسياسة المالية الإصلاحية للحكومة، والتفاوض مع صندوق النقد الدولي، وإعداد خطة متكاملة لحماية حقوق المودعين وفق المعايير الدولية».
وفي خطوة متصلة، وافقت الحكومة خلال الجلسة على مشروع قانون لتعديل قانون السرية المصرفية، في محاولة لتعزيز الشفافية المالية.
من هو كريم سعيد؟
وُلد كريم سعيد عام 1964، وهو مؤسس وشريك إداري في شركة «غرووث غيت» للاستثمارات الخاصة، ومقرها الخليج، كما شغل مناصب قيادية في مؤسسات مالية كبرى، منها بنك «إتش إس بي سي»، وشارك في مشروعات خصخصة بعدة دول عربية.
يحمل سعيد شهادة في القانون من جامعة القديس يوسف في لبنان، وأكمل دراسته في كلية الحقوق بجامعة هارفارد، كما عمل محامياً متخصصاً في تمويل الشركات في نيويورك، وهو عضو في نقابة المحامين بولاية نيويورك.
هل ينجح سعيد في كسب ثقة المودعين؟
يواجه الحاكم الجديد تحديات معقدة، أبرزها إعادة هيكلة المصارف وإحياء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وسط مخاوف من أن تؤدي قراراته إلى تفاقم معاناة المودعين بدلاً من حلها، فهل يتمكن من تحقيق اختراق في الملف المالي العالق؟ أم سيكون استمراراً للنهج السابق الذي أفقد اللبنانيين ثقتهم بالنظام المصرفي؟
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية