لا يقتصر الذكاء الاصطناعي على البرمجيات والنماذج والخوارزميات الذكية التي تتفاعل مع طلباتنا وتبهرنا باستمرار بنتائج مبنية على تعلم عميق من ملايين المواد المختلفة، في الواقع، أنظمة الذكاء الاصطناعي تعتمد بشكل أساسي على بنى تحتية من مراكز بيانات عملاقة تتكون من نظم متداخلة تعمل بتناغم تام على احتضان نماذج الذكاء الاصطناعي وتشغيل عقولها.
تماماً كما كانت السكك الحديدية وشبكات الكهرباء ومن بعدها الهاتف والاتصالات هي المحركات التي دفعت الثورات الصناعية السابقة، أصبحت «البنية التحتية للذكاء الاصطناعي»، وعلى رأسها مراكز البيانات، هي أساس الاقتصاد الرقمي اليوم وركيزة تطورنا الجديدة.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
الذكاء الاصطناعي: من مفهوم مستقبلي إلى جزء أساسي من الاقتصاد العالمي
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); }); بسرعة كبيرة، انتقل الذكاء الاصطناعي من مجرد مفهوم مستقبلي إلى واقع أساسي في الاقتصاد العالمي، دافعاً الابتكارات في مختلف القطاعات، ما جعل الاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي أكثر أهمية من كونه مجرد ضرورة تقنية، ليكون ضرورة استراتيجية ذات آثار عميقة متعددة الأبعاد في الاقتصاد والأعمال ودفع عجلة الأبحاث والتطوير والتنمية، ومع استمرار تقدم قدرات نماذج الذكاء الاصطناعي وانتشار استخدامها، سيزداد تأثيرها على الناتج المحلي الإجمالي للدول بشكل ملحوظ.
مراكز البيانات، مصانع الذكاء الاصطناعي
تُعتبر مراكز البيانات بمثابة «مصانع الذكاء الاصطناعي»، فمن خلال معداتها تتم عمليات تدريب النماذج، وتشغيل الأنظمة الذكية، والاستجابة لطلبات المستخدمين المختلفة بشكل تفاعلي، في قلب مراكز البيانات هذه، يكمن عنصر بالغ الأهمية هو «وحدات معالجة الرسومات» (GPUs)، التي تمثل المحرك الأساسي الذي تمر عبره عمليات تدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي.
وحدات معالجة الرسومات وقوة المعالجة المتوازية
في حين يربط الكثيرون وحدات معالجة الرسومات (GPU) بالألعاب أو التصميم الجرافيكي، إلا أنها اليوم قلب البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، وخاصةً في ما يتعلق بتدريب وتشغيل النماذج التوليدية الكبيرة.
على عكس وحدات المعالجة المركزية (CPUs)، التي تُعالج المهام بالتتابع بكفاءة عالية، تتميز وحدات معالجة الرسومات بقدرتها الفائقة على المعالجة المتوازية، حيث تقسم المهام إلى أجزاء صغيرة وتنفذها في وقت واحد، هذه القدرة على تعدد المهام المستمدة من آلاف الأنوية الصغيرة التي تعمل بالتوازي، تجعلها مثالية لمعالجة مليارات نقاط البيانات وحساب العلاقات المعقدة بينها بكفاءة عالية، ما يجعل من وحدات معالجة الرسومات الخيار الأنسب لمهام تدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي.
مَن يمتلك البنية التحتية يمتلك المستقبل
المنطق بسيط، من يمتلك الوصول إلى البنية التحتية الأكثر قوة وكفاءة، يمتلك القدرة على تدريب وتشغيل أكثر منتجات الذكاء الاصطناعي تطوراً، مكتسباً بذلك أفضلية في الكفاءة وسرعة الابتكار، من منظور استراتيجية الأعمال، الشركات التي ستتمكن من الوصول إلى استخدام الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع ستتمتع بميزة تنافسية قوية، حيث ستكون قادرة على تقديم منتجات وخدمات مبتكرة تميّزها عن المنافسين في سوق متزايد التنافسية.
استثمارات واعدة
مع المزيد من الطلب على خدمات الذكاء الاصطناعي من مختلف القطاعات، ستجد المؤسسات التي تمتلك مراكز البيانات المتقدمة فرصاً استثنائية لتحقيق العائدات، فمراكز بياناتها تحتوي على «العقول» اللازمة لتشغيل حلول الذكاء الاصطناعي المتطورة، والتي يتسابق الجميع للوصول إليها لدمجها في خدماته ومنتجاته الجديدة.
الاستثمار في المستقبل
في عالم يتسارع فيه تبني الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، ستكون المؤسسات والدول التي تستثمر بشكل استباقي في البنى التحتية للذكاء الاصطناعي في وضع أفضل للريادة، لهذا لم يعد الاستثمار في البنية التحتية ومراكز البيانات مجرد مسعى تكنولوجي، بل هو خطوة استراتيجية ذات آثار اقتصادية وتنموية عميقة، حيث تُرسي الاستثمارات في البنية التحية ومراكز البيانات وإنشاء «مصانع الذكاء الاصطناعي» أسس الابتكار والتنافسية والنمو الاقتصادي المستدام في عالم على أبواب ثورة صناعية جديدة.
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية