يواجه الزعماء الآسيويون قرارات صعبة، إذ تشكل الرسوم الجمركية المتبادلة التي يعتزم الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرضها تحدياً يحدث مرة في العمر أمام منطقة تعتمد اقتصاداتها بشكل أساسي على الصادرات إلى الولايات المتحدة وعالم تقل فيه الحواجز التجارية.
لطالما استهدف ترمب ومسؤولو إدارته الصين، وفرضوا تعريفة جمركية بنسبة 20% على الواردات القادمة من "مصنع العالم" استئنافاً للحرب التجارية التي شنها خلال ولايته الأولى. لكن هذه المرة، اتهم أيضاً فيتنام وكوريا الجنوبية واليابان والهند بفرض رسوم جمركية باهظة أو الحفاظ على الفائض الكبير في الميزان التجاري مع الولايات المتحدة، أو كلاهما معاً.
قال وزير الخزانة الأميركية سكوت بيسنت في مارس إن الرسوم الجمركية المتبادلة المرتقب فرضها اعتباراً من الثاني من أبريل ستستهدف "حفنة الدول الخمس عشرة السيئة" (Dirty 15) التي تتسم علاقتها التجارية مع الولايات المتحدة بالإمدادات الكبيرة والحواجز التجارية الضخمة.
آسيا في قلب عاصفة الرسوم الأميركية
رغم أن بيسنت لم يحدد دولاً بعينها، فهذا بالتحديد عدد الدول المسؤولة عن أكثر من ثلاثة أرباع عجز الميزان التجاري الأميركي، ومنها تسع دول في آسيا، وفق تقرير لـ"بلومبرغ إيكونوميكس". لذلك، يبدو أن التعريفات المتبادلة ستؤثر بشدة على اقتصاد المنطقة البالغ حجمه 41 تريليون دولار بشكل خاص.
إلى جانب المكسيك وكندا والاتحاد الأوروبي، استهدفت إجراءات ترمب الحمائية آسيا بشكل مُباشر منذ عودته إلى البيت الأبيض في 20 يناير. ففرضه تعريفة جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب سيؤثر على المنتجين في آسيا، إذ يمثلون ستة من أكبر عشر دول مُصدرة لسبائك المعدن إلى الولايات المتحدة. كما سينعكس تأثير فرض 25% تعريفة جمركية على واردات السيارات الأسبوع الماضي على أرباح شركات صنع السيارات، ومن بينها "هيونداي موتور" (Hyundai Motor) الكورية الجنوبية و"تويوتا موتور" اليابانية.
اضطربت الأسواق في أنحاء العالم مع عدم إعفاء حلفاء الولايات المتحدة من الرسوم الجمركية والخطاب الصارم من قبل ترمب ومسؤوليه الذي يشير إلى الاستعداد لتحمل قدر من المعاناة الاقتصادية قصيرة الأجل. وقال ترمب في مقابلة مع "إن بي سي نيوز" السبت: "لا يهمني على الإطلاق" إذا رفعت شركات صنع السيارات الأسعار رداً على الرسوم الجمركية التي فُرضت الأسبوع الماضي.
نوّه رولاند راجاه، كبير المحللين الاقتصاديين لدى مركز "لوي إنستيتيوت" (Lowey Institiute) للبحوث، إلى أن فرض الرسوم الجمركية المتبادلة يُشكل تهديداً خطيراً على نموذج النمو في آسيا ما بعد الحرب المعتمد على تنمية الصادرات.
وأضاف راجاه متحدثاً من سيدني أن "الوضع مختلف تماماً عن الأزمة الآسيوية في 1998 أو الأزمة المالية العالمية التي وقعت بعدها بعقد، إذ كانتا صدمتين دوريتين أو ماليتين، لكن هذه المرة، فإنها صدمة هيكلية أكبر بكثير".
تبعات الرسوم الجمركية تطال النمو الاقتصادي
يرى المحللون الاقتصاديون لدى "غولدمان ساكس غروب" أن فرض الرسوم الجمركية المتبادلة، إضافة إلى التعريفات التي أُعلن عنها هذا العام، قد يؤدي إلى خفض معدل نمو الاقتصادي لدول المنطقة 1.3 نقطة مئوية، ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى اعتمادها على المشتريات الأميركية المباشرة وغير المباشرة.
بالنظر إلى الاعتماد على التجارة مع الولايات المتحدة، لم يعد أمام صناع السياسات في آسيا إلا قليل من الخيارات المناسبة. فيسعون حتى الآن بشكل كبير إلى استرضاء ترمب، ويسافرون إلى واشنطن في رحلات مكوكية، ويتعهدون بشراء السلع والبضائع، ويشيدون بفوائد التجارة الحرة. فيما أعلنت شركات عن استثمارات جديدة في الولايات المتحدة، من بينها خطة "هيونداي" للتوسع بتكلفة 21 مليار دولار.
أشارت ويندي كاتلر، نائبة رئيس "معهد جمعية آسيا للسياسة" (Asia Society Policy Institute)- ومقره في واشنطن- إلى أن "كل العواصم في آسيا- وفي أنحاء العالم- تحاول استكشاف ما سيجدي مع ترمب. ما سينفع وما سيفشل وما يمكننا تقديمه. كما تتردد الدول الآسيوية في الرد بالمثل".
شغلت كاتلر عدة مناصب خلال ثلاثة عقود أمضتها في مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة، منها نائب الممثل التجاري.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اقتصاد الشرق مع Bloomberg