يشهد الذهب تدفقات غير مسبوقة، حيث بلغت الاستثمارات في الأصول المدعومة بالمعدن النفيس خلال الربع الأول من العام 19.2 مليار دولار، في أكبر موجة منذ جائحة كورونا. يأتي هذا الاندفاع في ظل تصاعد المخاوف بشأن التأثير الاقتصادي لتعريفات جمركية جديدة يعتزم الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرضها.

سجلت أسعار الذهب مستوى قياسياً عند 3,148.88 دولاراً للأونصة يوم الثلاثاء، بارتفاع نسبته 19% منذ بداية العام، مدفوعاً بزيادة الطلب على الأصول الآمنة. ويأتي هذا الارتفاع بعد أقوى أداء ربع سنوي للذهب منذ عام 1986، وفقاً لصحيفة «فاينانشال تايمز»، وسط توجه المستثمرين نحو السندات الأميركية والسيولة النقدية.

وتتزايد المخاوف مع ترقب إعلان ترامب عن تعريفات جديدة يوم الأربعاء، ما دفع المستثمرين إلى تعزيز مراكزهم في الذهب كملاذ آمن. ويرى الاقتصاديون أن هذه التعريفات قد تعرقل النمو العالمي، مما يزيد الإقبال على الأصول التحوطية.

وقال كريشان جوبول، كبير المحللين في مجلس الذهب العالمي: «حالة عدم اليقين هي أحد العوامل الرئيسة التي تدفع إلى تجدد الاهتمام بالذهب»، مضيفاً «هناك شعور عام بتجنب المخاطر في السوق في الوقت الحالي». كما ساهمت هذه المخاوف في تعزيز الطلب على سندات الخزانة الأميركية، حيث انخفض العائد على السندات لأجل 10 سنوات إلى 4.16%، مقترباً من أدنى مستوياته لهذا العام. وفي أوروبا، تراجعت عوائد السندات الألمانية إلى أقل من 2.7% لأول مرة منذ مارس.

وفقاً لبنك «ستاندرد تشارترد»، فإن تدفق الاستثمارات إلى صناديق الذهب المتداولة يعكس تحولاً في معنويات المستثمرين الذين يسعون للحماية من تقلبات الأسواق. في الوقت نفسه، ارتفعت السيولة النقدية في المحافظ الاستثمارية بأكبر زيادة شهرية منذ خمس سنوات، بحسب مسح لـ«بنك أوف أميركا»، في مؤشر على تزايد الحذر بالسوق.

في حين كانت مشتريات البنوك المركزية المحرك الرئيسي للطلب على الذهب في السنوات الأخيرة، فإن التدفق الأخير في صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب يبرز تحولاً أوسع في معنويات المستثمرين.

من جانبها، قالت سوكي كوبر، محللة المعادن الثمينة في «ستاندرد تشارترد»: «كان الانتعاش في صناديق الاستثمار المتداولة هو التغيير الأكثر بروزاً في ديناميكيات الذهب في الأسابيع الأخيرة». وأرجعت هذا الاتجاه إلى توقعات انخفاض العوائد في فئات الأصول الأخرى والمخاوف بشأن التداعيات الاقتصادية للقيود التجارية الجديدة.

أما في أسواق الأسهم، فقد تفوقت القطاعات الدفاعية، حيث ارتفعت أسهم شركات الرعاية الصحية مثل «يونايتد هيلث» و«إتش سي إيه هيلث كير» بنسبة 10% خلال الشهر الماضي، مقارنة بتراجع مؤشر «إس آند بي 500» بنسبة 5%.

مع استمرار التوترات الاقتصادية، تتجه المؤسسات المالية إلى مراجعة توقعاتها لأسعار الذهب. حيث يتوقع بنك «ماكواري» أن يصل الذهب إلى 3,500 دولار للأونصة قبل نهاية العام، في ظل الطلب المتزايد على الأصول الآمنة والتحوط ضد التضخم.

كما أدى الطلب المتزايد على السبائك إلى تدفق كبير لسبائك المادي إلى نيويورك، مما أدى إلى مستويات قياسية من المخزون في بورصة «كومكس»، رغم أن هذا التدفق بدأ في التباطؤ مؤخراً.

وأكد التقرير أنه مع استمرار الاقتصاد العالمي في مواجهة حالة عدم اليقين، يظل الذهب أحد الأصول الآمنة المفضلة للمستثمرين الباحثين عن الحماية من المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية المتزايدة.

هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس