في ظلِّ تسارع الحضارة وتراكم المعلومات، بات من المألوف أن نرى العِلم وقد تحوّل إلى معادلات محفوظة، ومسائل تُنسخ وتُلصق، بدلاً من أن يكون أداة لإحياء الفكر وتنمية الإنسان. وبينما تتسارع الأمم في ميادين التكنولوجيا والبحث، قد ينسى البعض أن العِلم لا يُقاس بعدد الكتب التي قُرئت، ولا بعدد الامتحانات التي اجتازها الإنسان، بل بروحٍ تُنفخ في العقل فيصحو، وفي القلب فينير، وفي السلوك فيُثمر.
القرآن الكريم لا ينظر إلى العِلم بوصفه تراكماً معرفياً جامداً، بل بوصفه طريقاً للهداية، وسبيلاً للارتقاء الإنساني. تأمل قوله تعالى: «عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ» [العلق: 5]، تجد أن التعليم الإلهي في بدايات الوحي ارتبط بالكرامة الإنسانية وبالرسالة الربانية. فالعلم الذي لا يُفضي إلى معرفة الله، ولا ينعكس أثره في حياة الإنسان، هو علم ناقص مهما بلغت دقته. فشتّان بين علمٍ يحيي النفوس، وعلمٍ يكدّس في الرفوف.
ولأن العِلم لا ينفصل عن القيم، جاءت دعوة القرآن إلى العلم مقرونة بالإيمان، مثلما في قوله تعالى: «يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ» [المجادلة: 11]، فرفعة الإنسان لا تكون بالإيمان وحده ولا بالعلم وحده، بل بتكاملهما في قلبه وسلوكه ومنهجه.
لكن المفارقة المؤلمة، أن العِلم في كثير من البيئات، لم يَعد يُغذِّي الروح، بل أضحى قالباً من التكرار، واختباراً لقياس قدرة الإنسان على الحفظ لا على الفهم. وهذا ما جعل الكثير من العقول تُصاب بالخمول، رغم الشهادات العالية. العلم الحقيقي هو الذي يوقظ التساؤل، ويزرع في الإنسان حُبّ البحث، ويجعله يرى في كل ظاهرةٍ آية، وفي كل معلومةٍ بابًا إلى مزيد من الإدراك.
وإن كان العلم قد حُوصر في قوالب جامدة، فإن الدين كذلك لم يسلم من التحوير والتقليد. أصبح كثير من الناس يُمارسون الدين على أنه منظومة عادات ورثوها، لا رسالة وعيٍ عاشوها. يربطون الدين بالمظهر والشكليات، ويغفلون عن أن جوهر الدين هو تزكية النفس وتهذيب السلوك. يقول الله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الدستور الأردنية