بأية حال عدت يا عيد؟... سؤال يخترق الزمن ويستقر في جراح الأمة

وفاء داري كاتبة/ وباحثة من فلسطين

العيد بين شعر المتنبي والواقع الفلسطيني: «عيدٌ بأية حالٍ عُدتَ يا عيدُ؟ بِما مَضى أمْ بأمرٍ فيكَ تجديدُ؟»، هكذا تساءل المتنبي قبل ألف عام، والذي يرن صداه في أذهاننا كل عام مرتين، يكتسب هذا العام دلالات جديدة، أكثر عمقًا وأشدّ ألمًا، وهو يتردد في شوارع غزة المدمرة، بين أنقاض البيوت التي كانت بالأمس عامرة، وفي قلوب أمهات ثكالى فقدن فلذات أكبادهن. وكأنه يخاطب عيدنا اليوم. فالعيد، بوصفه مناسبةً دينيةً واجتماعية، لم يكن يومًا مجرد طقسٍ عابر، بل هو مرآةٌ تعكس أحوال الأمم. لكن كيف يُحتفى بالعيد حين يُعلَن الموتُ على شعبٍ بأكمله؟ كيف تُرفع التكبيراتُ وتُوزع الحلوى وتُلبس الثياب الجديدة، بينما تُحاصر الروحُ بأسئلة الوجود والعدم؟ كيف يمكن للعيد أن يحافظ على معانيه في زمن الموت والدمار، وكيف يمكن للمسلمين أن يمارسوا شعائر الفرح في ظل هذه المعاناة الإنسانية، عيد في ظل المأساة. هذه التساؤلات التي تُلقي بظلها على الشعب الفلسطيني، الذي يُحيي عيده تحت ركام المنازل، وبين قبور الشهداء الذين حُرموا حتى من شاهدٍ يُخلّد أسماءهم. العيد رمز الفرح والبهجة، يأتي هذا العام محملاً بعبق الدموع ورائحة البارود. تشتت عوائله، وسلبته أبسط مقومات الحياة. كيف يمكن للعيد أن يحتفظ بمعناه في زمن الموت المعلن؟ كيف يمكن لتكبيرات العيد أن تعلو فوق صرخات الثكالى وأنين الجرحى؟ في فلسطين، العيد ليس مجرد مناسبة دينية، بل هو صراع مستمر بين الأمل واليأس، بين الحياة والموت. هو تحدٍّ للظروف القاسية، وإصرار على التمسك بالفرح رغم الألم. هو محاولة لترميم الروح الممزقة، وإحياء الأمل في غدٍ أفضل. العيد في فلسطين هو ذكريات طفولة تملؤها أصوات المراجيح وضحكات الأطفال، هو رائحة الكعك المنزلي الذي كانت تعده الجدات بحب، هو فرحة الثياب الجديدة التي كانت تمنح القلوب بهجة لا تضاهيها بهجة. لكن هذه الذكريات، رغم جمالها، تحمل في طياتها مرارة الواقع، واقع الاحتلال، والحروب، والحصار. في فلسطين، العيد هو صرخة في وجه الظلم، شعبًا يئن تحت وطأة المعاناة، لكنه يرفض الاستسلام. العيد في فلسطين هو إيمان راسخ بأن النصر قادم لا محالة، وأن الظلم لن يدوم، وأن فجر الحرية سيشرق يومًا ما. هو إيمان بأن تكبيرات العيد ستظل تعلو فوق كل الأصوات، وأن الأمل سيظل يضيء دروبنا مهما اشتدت الظلمات. ولا زالت الأذرع مفتوحة لمعانقة العيش بسلام على أرضها.

العيد في الموروث الثقافي... بين الفرض الديني والواقع المأسوي:

الإسلام جعل للعيدين الفطر والأضحى فلسفةً عميقةً؛ فهما مناسبتان لـ «تجديد العهد مع القيم الإنسانية» كالتضامن والمحبة، وفرصةٌ لـتذكير الإنسان بضعفه أمام القدرة الإلهية، خاصةً في الأضحى حيث تُقدَّم الأضحية رمزًا للتسليم. وفرحة عيد الفطر بعد شهر الصيام والقيام والتجليات الروحانية. لكن الفلسطيني اليوم يُقاد إلى سؤالٍ مرير: كيف يُفرَح بالعيد والشعب يُذبح تحت ذرائعَ تتناسل كالسرطان؟ هنا يتحول العيد من طقسٍ ديني إلى فعل مقاومة، حيث تُصبح التكبيراتُ هتافاتٍ ضد الظلم، والزياراتُ العائليةُ تأكيدًا على التماسك الاجتماعي رغم التشريد.  

فالفرح هنا ليس إنكارًا للمعاناة، بل هو «إصرارٌ على الحياة»، كما قال الشاعر محمود درويش: «نحن أحقُّ بالحياةِ إذا ما متْنا... نُقيمُ المواكبَ في جوفِ الليلِ». رغم عدم وجود بيت في فلسطين منذ أكثر من 75 عام؛ لم تمزق الألآم والتنكيل أهله؛ وكانت شاهدة على ذلك جدرانه، لم تخدش وجه أمله أيادي الطغيان؟ لم تُسرق الطفولة من أبنائه، هل هناك بيت خلا من معتقل؟ أسير! من شهيد! من جريح! من مبعد! من مهاجر! من نازح! من مهجر؟

ماذا عن غزةَ، حيث تُحاصر بالأطنان الحديدية والركام، يُعيد الأطفالُ اختراع الفرح: يلعبون بين الأنقاض.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الدستور الأردنية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الدستور الأردنية

انخفاض مؤشرات الأسهم الأميركية الكبرى
منذ 11 ساعة
إندونيسيا تبدي استعدادها لاستقبال جرحى من غزة مؤقناً #الأردن
منذ ساعتين
عاجل. قانون جديد للأصول الافتراضية: ترخيص إجباري أو غرامة تصل لـ100 ألف
منذ ساعة
الأمم المتحدة ترفض خطة إسرائيلية للسيطرة على تسليم المساعدات في غزة #الأردن
منذ ساعتين
تطبيق Seeing AI للمكفوفين - د.ابراهيم بني حمدان
منذ 11 ساعة
عاجل. الحكومة تتخذ مجموعة من القرارات في جلسة الأربعاء
منذ 23 دقيقة
متداول: أذكى وأسهل طريقة عملية لتنام بسرعة خلال 60 ثانية حتى لو كل هموم الدنيا فوق رأسك ! #سوشال_الوكيل
موقع الوكيل الإخباري منذ 19 ساعة
بشارة لقصار القامة
خبرني منذ 13 ساعة
المتحدثة باسم البيت الأبيض: العمود الفقري للرئيس ترامب مصنوع من الفولاذ ولن ينكسر
خبرني منذ 11 ساعة
تخلص من الحموضة والسكري وارفع مناعتك
خبرني منذ 13 ساعة
رجل الأعمال الأردني علي الجمل في ذمة الله
موقع الوكيل الإخباري منذ 3 ساعات
تجديد دفتر خدمة العلم الكترونيا في الأردن #عمون
وكالة عمون الإخبارية منذ 16 ساعة
للتخلص من الكحه و البلغم
خبرني منذ 13 ساعة
افيخاي ادرعي يوجه رسالة من جنوب سوريا
رؤيا الإخباري منذ 7 ساعات