شغف المسلمون كثيراً بثنائية العقل والنقل، فلم يكن للمسلمين أن يُردّدوا عبارة أوغسطين «آمن، ثم تعقّل»، بل كانوا يرون أن «أول الواجبات النظر»، وقد أسعفهم كتابهم الكريم بهذه الرؤية التي تجعل العقل دعامة للإيمان.عندما وقف العامري في كتابه «الإعلام بمناقب الإسلام»، على مواقف تزعم بُعْد العلوم الملية عن العقل، قام بتفصيل القول فيما ترجع إليه العلوم الملية من معتقدات وعبادات ومعاملات وزواجر، فأكّد أن ماهيات العلوم الملّية هي عقلية، وأن العقل الصريح لا يستنكف عن عبادة، ولا يحيل معاملة النّاس بعضهم بعضاً بالحسنى، ولا يجيز ترك الأشرار دون زجرهم عن السوء، وهي كلّها من مشمولات الملّة، غير أن عقول الأفراد لما يلحقها من قصور في إدراك الكيفيات والكمّيات في العبادات والمعاملات والزّواجر، كان من الضّروري اللّجوء إلى علم الباري لتقديرها. مؤكداً أنّ كل ما أوجبه العقل يجب قبوله والالتزام به، وما لم يوجبه العقل لا يقبل أبداً.
وما جوّزه العقل فحكمه موقوف في انتظار أن يَردَ أمرٌ ما، ومن هنا أهمية الملّة، وأهمية حاجة العقل الغريزي إلى المسموع الخبري، خاصة أن الملة أكدت حجّة العقل بالسمع في كثير من آيات القرآن الكريم. بل إن عناية المسلمين بتقديم المقدمات العقلية لاستخراج النتائج النظرية فاقت كل التّصورات والتّوقعات، كما يظهر ذلك في كتب المتكلمين على الأقل. مما يظهر المكانة التي احتلها العقل في فضاء أهل الإسلام كما أكد ذلك العامري.
وعندما وقف الكندي، قبله، على الفلسفة اليونانية، وقد كان متشبعاً بعلومه الملية، وجد أنّ علم الرسل الذي هو مصدره الوحي والإلهام، موافق لعلوم الفلسفة التي مصدرها البحث العقلي والفحص النظري، وقد أصبحت هذه الفكرة تخترق المتن الفلسفي الإسلامي، وقد عبّر عنها كل فيلسوف.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الاتحاد الإماراتية