مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وسرعة إعلانه فرض رسوم جمركية «متبادلة» على واردات أميركا، بدأ العالم بالفعل يشعر بارتدادات زلزال اقتصادي جديد، الأسواق تهتز، وسلاسل الإمداد تتعطل، والتضخم يلوح في الأفق من جديد.
لكن التأثير الأعمق ليس فقط على الاقتصاد الأميركي أو شركائه التجاريين، بل على الاقتصاد العالمي ككل، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، التي تخوض واحدة من أجرأ تجارب التحول الاقتصادي في تاريخها عبر رؤية 2030.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
ترامب يصنع اضطراباً عالمياً.. والعالم يدفع الثمن
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); }); الرسوم الجديدة التي فُرضت على الصين وأوروبا، والانكماش المتوقع في التجارة العالمية، يقودان إلى موجة من التباطؤ، وتراجع الاستثمارات، وعودة السياسات الحمائية في العديد من الدول.
وبما أن رؤية 2030 تعتمد بشكل كبير على جذب الاستثمارات الأجنبية، والانفتاح على التجارة العالمية، واستقرار سلاسل التوريد، فإن أي اضطراب عالمي كهذا سيؤثر مباشرة على خطط المملكة التنموية.
فمن المحتمل أن تتأخر المشاريع، أو ترتفع تكاليفها، أو تتراجع شهية المستثمرين العالميين للمشاركة في الخطط الكبرى.
الحل ليس بالانكماش.. بل بالتوسع الذكي
السعودية لا تحتاج إلى الانكماش أو تقليص الطموحات، بل العكس تماماً: تحتاج إلى توسيع نطاق الإنفاق، وزيادة الاقتراض، ولكن بآلية مختلفة عن النمط المعتاد.
ما نطرحه هنا هو تحويل استراتيجية الاقتراض من تمويل مركزي إلى تمويل ميزانيات محلية مستقلة تُدار على مستوى المناطق الإدارية.
تمكين الإدارات المحلية هو المفتاح
لكي تتجاوز المملكة آثار التباطؤ العالمي، وتُسرّع تنفيذ الرؤية، يجب أن يتم:
إنشاء ميزانيات محلية مستقلة
منح الإدارات المحلية صلاحيات أوسع
السماح لها بإدارة مواردها الاستراتيجية
تنفيذ الاستراتيجيات القطاعية (السياحة، والصناعة، والخدمات، والتعليم...) على مستوى كل منطقة
إلزام هذه الإدارات بتقارير أداء وشفافية وربط الميزانيات بنتائج فعلية
النتيجة: تنمية مرنة، وتنفيذ أسرع، وأثر اقتصادي أعمق
هذا التحول سيمكّن المملكة من:
تعويض التباطؤ العالمي بنمو داخلي ناتج عن الإنفاق المحلي الذكي.
خلق وظائف وفرص مباشرة في المناطق الأقل حظاً اقتصادياً.
توزيع النمو الاقتصادي بعدالة بين المناطق، وتقليل الضغط على المدن الكبرى.
تسريع تنفيذ مشاريع الرؤية من خلال أجهزة تنفيذية أقرب للواقع وأكثر مرونة.
الخلاصة: العالم يتجه نحو الانغلاق.. والسعودية يجب أن تتوسع من الداخل
في الوقت الذي تعود فيه الدول الكبرى إلى سياسات الحمائية والانكماش، لدى السعودية فرصة تاريخية أن تستثمر في نفسها، من خلال نفسها.
ليس فقط عبر تمويل مركزي ضخم، بل عبر تمكين الإدارات المحلية لتكون لاعباً رئيسياً في تنفيذ رؤية 2030، من خلال ميزانيات مستقلة، وصلاحيات واسعة، وتمويل ذكي قائم على استدانة موجهة نحو الأثر المحلي.
هذه ليست فقط استجابة للأزمة، بل خطوة استراتيجية لتسريع التحول، وتعزيز المرونة، وخلق نموذج اقتصادي سعودي قادر على الصمود والنمو، في وجه أي اضطرابات عالمية قادمة.
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية