تتجه العلاقات الاقتصادية بين دولة الإمارات وجمهورية الهند إلى آفاق واسعة من التعاون في كافة القطاعات التجارية والاستثمارية، مدعومة برؤية مشتركة لتعزيز الشراكة الاستراتيجية طويلة المدى بين البلدين.
وتؤكد جميع المؤشرات أن التعاون الاقتصادي بين الإمارات والهند سيستمر في النمو، مما يعزز من مكانة البلدين كلاعبين رئيسيين على مستوى خريطة الاقتصاد العالمي. وتشهد العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والهند تطورات إيجابية كبيرة، حيث تشهد تبادلاً تجارياً واستثمارياً متزايداً، مع وجود عدد كبير من الشركات الهندية في الإمارات ودبي.
يُعد التعاون الاقتصادي بين الإمارات والهند نموذجاً عالمياً في تعزيز الاستثمارات والتجارة، بدعم اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين الصديقين والتي عززت من فرص النمو الاقتصادي المستدام بين البلدين.
وتتمتع دولة الإمارات ببيئة مستقرة اقتصادياً وسياسياً، مما يجعلها وجهة آمنة وجاذبة للاستثمارات الهندية في مختلف القطاعات، كما أن السياسات الحكومية في الإمارات تشجع على جذب الاستثمارات الأجنبية وتوفير تسهيلات في بيئة الأعمال.
أهمية استراتيجية
انعكس مسار العلاقات الإماراتية الهندية المتنامية على النشاط الاقتصادي بين البلدين في جميع القطاعات، وتُعد اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات والهند، التي تم توقيعها في 18 فبراير/ شباط 2022، أول اتفاقية ثنائية تبرمها الدولة، ضمن برنامج الاتفاقيات الاقتصادية العالمية الهادف إلى توسيع شبكة الشركاء التجاريين للدولة مع أسواق ذات أهمية استراتيجية إقليمية وعالمية على خريطة التجارة الدولية، كما كانت الأولى من نوعها التي تبرمها الهند مع دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ويشهد التعاون الاقتصادي بين دولة الإمارات والهند زخماً متواصلاً، في مجالات وأنشطة الاقتصاد الدائري والسياحة والطيران وريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والطاقة المتجددة والتكنولوجيا والتحول الرقمي والنقل وذلك في ضوء شراكتهما الاقتصادية والإمكانات، التي تتمتع بها البلدان ورغبتهما المتبادلة في تعزيز أواصر التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك، بما أسهم في تحفيز النمو الاقتصادي للبلدين وخلق فرص جديدة وواعدة لمجتمعي الأعمال الإماراتي والهندي.
وتبنت الإمارات والهند عدداً من المبادرات وخطط العمل المشتركة، لدعم التوسع بقطاعات الاقتصاد الجديد في أسواقهما وتحفيز نمو أعمال الشركات الناشئة الإماراتية والهندية وتقديم المزيد من المزايا والحوافز لها، بما يضمن زيادة نسبة مساهمتها في دعم نمو الناتج المحلي الإجمالي للدولتين. وتجسّد الاتفاقية التاريخية إيمان البلدين المشترك بقوة الانفتاح والتكامل الاقتصادي، بما يسهم في تحسين وصول الصادرات الخدمية إلى الأسواق وتسهيل التدفقات الاستثمارية إلى القطاعات الحيوية وتوفير منصة للشركات الصغيرة والمتوسطة تتيح لها التعاون والتوسع.
وتضمن الشراكة الإماراتية الهندية قدرة البلدين على الاستفادة من الخارطة الاقتصادية العالمية لا سيما الدور المحوري، الذي تلعبه قارة آسيا في الخارطة الاقتصادية العالمية.
83 ألف شركة
تحتضن أسواق الإمارات أكثر من 83 ألف شركة هندية، تعمل في مجالات متنوعة، فيما تشهد الهند زيادة مستمرة في عدد الشركات الإماراتية، التي تنشط في العديد من القطاعات الاستراتيجية، ونستهدف خلال المرحلة المقبلة زيادة أعداد الشركات في أسواق البلدين خاصة، التي تركز أنشطتها على قطاعات الاقتصاد الجديد، للمساهمة في توفير الآلاف من الوظائف المستدامة ودعم جهود التنمية الشاملة.
ويشكل انضمام الإمارات إلى تحالف «بريكس» والتي تعد الهند أحد مؤسسيه إضافة إلى موقع الدولة المحوري في الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا والذي لعبت أبوظبي دوراً مهماً في تدشينه سيسهم في صياغة رؤية جديدة لمستقبل التعاون الثنائي بين البلدين، بما يواكب حجم الزخم الكبير والفرص الاقتصادية المتوقعة التي ستحملها هذه التطورات وستعود بالإيجاب على نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلدين.
وتواصل الإمارات والهند تعزيز التعاون تحت مظلة اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بينهما والتي توفر العديد من المزايا والحوافز التي يمكن لمجتمعات الأعمال الاستفادة منها لمواصلة النمو والازدهار، وخلق مسارات جديدة للشراكة لاسيما في قطاعات التكنولوجيا الصحية والزراعية والتعليمية والمناخية وغيرها من قطاعات الاقتصاد الجديد.
وتعتبر دولة الإمارات شريكاً تجارياً استراتيجياً للهند، حيث موقع الدولة المثالي الذي يربط بين أسواق الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا، مما يجعلها مركزاً رئيسياً لتجارة الهند مع هذه المناطق وتشكل الإمارات بوابة للتجارة الهندية إلى الأسواق العالمية ويعزز من فرص التبادل التجاري بين البلدين.
وتعتبر الإمارات أحد أكبر المستثمرين في الهند، حيث وصلت الاستثمارات الإماراتية إلى أكثر من 18 مليار دولار في السنوات الأخيرة.
قطاع الطاقة
تتمتع الإمارات بمكانة رائدة في قطاع الطاقة، حيث تصدّر النفط والغاز إلى الهند علاوة على ذلك، يواصل البلدان التعاون في مشاريع الطاقة المتجددة، حيث تعكف الإمارات على تطوير مشاريع في الهند لتوليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وتُعد الهند من أكبر الأسواق المصدّرة للسياحة إلى الإمارات، حيث يسافر ملايين السياح الهنود سنوياً للاستمتاع بالعروض السياحية الفاخرة، بالإضافة إلى ذلك، هناك تعاون متزايد في التجارة الإلكترونية، حيث تُستخدم الإمارات كمركز لتوزيع المنتجات الهندية إلى مختلف أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا.
وتتعاون الإمارات والهند بشكل وثيق في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، البلوكتشين والتكنولوجيا المالية. الإمارات توفر بيئة مثالية لتطوير هذه التقنيات، مما يسهم في الابتكار المشترك بين الشركات الهندية والإماراتية.
وبناءً على هذه العوامل، تظل الإمارات شريكاً تجارياً استراتيجياً للهند، حيث يعكس التعاون المستمر بين البلدين نمواً مستداماً ومتزايداً في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية.
وتُعد دولة الإمارات واحدة من أكبر المستثمرين في الهند، حيث تشير التقديرات إلى أن إجمالي الاستثمارات الإماراتية في الهند 2024 تجاوز 18 مليار دولار، مقارنة بنحو 3.35 مليارات دولار العام 2023، مما يجعل الإمارات رابع أكبر مستثمر أجنبي في الهند.
وتشهد المجالات الاستثمارات بين البلدين معدلات نمو متزايدة في قطاعات أبرزها الطاقة المتجددة والنقل البحري والتكنولوجيا، كما تعد الهند واحدة من أكبر مصادر الاستثمارات في الإمارات، خصوصاً في القطاعات العقارية والتجارية.
وتهدف الإمارات والهند إلى تعزيز التعاون في مجالات التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، البلوكتشين والتكنولوجيا المالية وتسعى دبي، على وجه الخصوص، لتكون مركزاً رائداً للابتكار التكنولوجي في المنطقة، مما يجعلها وجهة مثالية للمشاريع الهندية في هذه المجالات.
وتتجه العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والهند نحو مزيد من التنوع والتعمق، ومن المتوقع أن يستمر التوسع في التعاون في قطاعات جديدة مثل الزراعة، التكنولوجيا النظيفة والتصنيع المتقدم، إضافة إلى تعميق العلاقات في مجالات مثل الأمن السيبراني والفضاء.
وعكست العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والهند تحسناً كبيراً في مجالات، مثل التجارة، الاستثمار، الطاقة، والتكنولوجيا.
ومن المتوقع أن يستمر نمو هذه العلاقات، خاصة مع الاتجاه نحو تعزيز التعاون في مجالات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، مما يجعل العلاقة بين الإمارات والهند نموذجاً يحتذى به في التعاون الاقتصادي على الصعيدين الإقليمي وتُعَدُّ العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين الإمارات وجمهورية الهند نموذجاً للتعاون المثمر والمتنامي، حيث شهدت هذه العلاقات تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، معززةً بشراكات استراتيجية واتفاقيات تعاون متعددة.
وأعلنت الهند والإمارات في أبريل/ نيسان 2025، عن اتفاقية لتطوير مركز طاقة في ترينكومالي، سريلانكا، يشمل إنشاء خط أنابيب متعدد المنتجات، مما يعكس التعاون الاستراتيجي في قطاع الطاقة.
تسهيل الاستثمارات
تواصل البلدان العمل على تسهيل الاستثمارات المتبادلة وتطوير البنية التحتية، مع التركيز على تعزيز الابتكار والتكنولوجيا، مما يعزز من مكانة العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والهند ويدفعها نحو مزيد من الازدهار.
وتُعد العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والهند قديمة للغاية، حيث كانت التجارة البحرية بين الهند والخليج قائمة منذ العصور القديمة. كانت السفن التجارية تسافر بين الهند والخليج العربي عبر البحر العربي، حيث كانت الإمارات مركزاً تجارياً مهماً لتصدير السلع مثل اللؤلؤ والتوابل والحرير والذهب.
و بدأ التعاون بين الإمارات والهند بقطاع النفط، في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، كانت الهند أحد أكبر مستوردي النفط من الإمارات ما أسهم في تعميق العلاقات بين البلدين على مستوى الطاقة.
ومن المتوقع أن تستمر العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والهند في التوسع، خاصة في المجالات التي تتعلق بالتكنولوجيا، التجارة الإلكترونية والاقتصاد الرقمي.
كما أن هناك اهتماماً متزايداً من الجانبين في تطوير قطاعات مثل الصحة والطاقة المتجددة، مما يجعل التعاون في هذه المجالات أحد العناصر الرئيسية، التي ستسهم في تعزيز العلاقات المستقبلية بين البلدين.
مشاريع استثمارية
قامت العديد من المؤسسات والشركات الإماراتية بتنفيذ العديد من المشاريع الاستثمارية الكبيرة في قطاعات متنوعة في الهند، ما عزز الشراكة الاقتصادية بين البلدين، كما أسهمت في تحقيق النمو المستدام في مجالات حيوية مثل الطاقة المتجددة، النقل، التكنولوجيا، القطاع المالي، العقارات والرعاية الصحية ومن أبرز هذه المشاريع في الهند:
1. مشاريع الطاقة المتجددة:
شركة «مبادلة» للطاقة: تعتبر مبادلة للاستثمار، من أبرز اللاعبين الإماراتيين في قطاع الطاقة في الهند، حيث قامت بالاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة، بما في ذلك مشاريع توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، كما تعمل مبادلة بشكل مستمر على توسيع محفظتها في هذا القطاع في الهند، بالتعاون مع شركاء محليين ودوليين.
2. شركة «مصدر» للطاقة المتجددة والتي تعتبر واحدة من أبرز الشركات العاملة في قطاع الطاقة المتجددة وقد استثمرت بشكل كبير في مشاريع الطاقة الشمسية في الهند. 3. مشاريع البنية التحتية: قامت شركة «إعمار» العقارية، بالاستثمار في مشاريع عقارية ضخمة في الهند، تشمل هذه المشاريع تطوير مناطق سكنية وتجارية في مدن رئيسية مثل مومباي وبنغالور.
4. استثمرت شركة «الدار العقارية» في مشاريع سكنية وتجارية في الهند، وخصوصاً في قطاع العقارات التجارية، مما يعكس الثقة الكبيرة في سوق العقارات الهندي.
5. قطاع النقل والخدمات اللوجستية: قامت شركة «موانئ دبي العالمية» بتطوير وتشغيل العديد من الموانئ البحرية في الهند، بما في ذلك ميناء موندرا في ولاية كوجرات ويعد ميناء موندرا واحداً من أكبر الموانئ في الهند ويشكل جزءاً رئيسياً من شبكة التجارة الهندية والدولية.
6. استثمرت مجموعة «إي آند» بشكل كبير في قطاع الاتصالات في الهند، من خلال شراكات مع شركات هندية مثل شركة إيرتل، كما قامت بتوسيع شبكات الاتصالات والخدمات الرقمية في الهند، بما في ذلك خدمات الإنترنت والاتصالات الجوالة.
وتوسع بنك «الإمارات دبي الوطني» في السوق الهندي، من خلال فروعه وتقديم الخدمات المصرفية المتنوعة، بما في ذلك القروض التجارية والخدمات الاستثمارية.
وتستثمر شركة أبوظبي للاستثمار في العديد من المجالات في الهند، بما في ذلك قطاع الصناديق الاستثمارية، حيث تدير محفظة كبيرة في السوق الهندي، تشمل أسهم الشركات الكبرى والمشروعات الصناعية.
وتعمل شركة «ماجد الفطيم» للتجزئة: ماجد الفطيم الإماراتية في قطاع التجزئة في الهند، من خلال تشغيل مراكز تجارية ضخمة مثل كارفور، حيث قامت الشركة بتوسيع شبكتها في الهند وافتتحت العديد من الفروع في مدن كبيرة مثل مومباي وبنغالور، كما تستثمر شركة «لولو هايبرماركت» في سوق التجزئة الهندي، حيث افتتحت عدة فروع لمراكز التسوق في مدن هندية رئيسية. واستثمرت شركة «مبادلة» بقطاع الرعاية الصحية في الهند، حيث تدير مستشفيات ومراكز طبية، كما تعمل الشركة على التعاون مع مستشفيات هندية لتوسيع قدراتها في تقديم الخدمات الطبية المتقدمة.
وتمتلك وتشغل شركة «جميرا» لإدارة الفنادق العديد من الفنادق الفاخرة في السوق الضيافة الهندي مع مجموعة من المشاريع الفندقية الفاخرة في المدن الكبرى مثل مومباي ونيودلهي وتقوم إعمار بتطوير مشاريع سياحية وتجارية في الهند، في إطار استراتيجية تنويع استثماراتها في قطاعات متعددة.
وتعتبر شركة «طيران الإمارات» واحدة من أكبر شركات الطيران في العالم ولها شبكة واسعة في الهند. تعمل الشركة على تعزيز حضورها في السوق الهندي، من خلال تقديم خدمات الرحلات الجوية عالية الجودة.
دبي والهند
مع تطور دبي كمركز تجاري واقتصادي في منطقة الخليج، بدأ الهنود في الاستثمار في القطاع العقاري بشكل ملحوظ في التسعينات، هذا التعاون المبكر وضع الأساس لاستثمارات أكبر في المستقبل. وشهدت السنوات الأخيرة تعاوناً متزايداً بين دبي.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الخليج الإماراتية