فى هذا الأسبوع، أكتب من قلب مثقل بالحزن، أرثى زميل الدفعة، ابن الإسماعيلية، ورفيق السنوات النقية فى كلية الإعلام ــ جامعة القاهرة، أحمد محمود. جئنا إلى كليتنا فى خريف 1997، من محافظات شتى، وجمعتنا المدينة الجامعية. كنا مثل خريطة حيّة لمصر، مصغرة، متآلفة، نابضة بالأمل والحكايات. كانت مصر مجسدة فعلًا فى هذه الكلية العريقة، قبل أن تنشأ كيانات أطلقوا عليها ذات الاسم، ربما لعرقلة قدوم أبناء الأقاليم إلى القاهرة!.
كان أحمد ــ المعروف بيننا جميعًا بـ«أحمد إسماعيلية» ــ من بين تلك الوجوه التى تخطفك بهدوئها، وأدبها الجم، ووداعتها التى تشق طريقها إلى قلبك من دون استئذان. لا أذكر، على مدار أربع سنوات قضيناها معًا، أن رأيت أحمد قد علا صوته أو تجاوز ــ حتى فى مزاحه ــ حدود الاحترام واللياقة المنحوتة نحتًا فى شخصيته. كان يمرّ فى الأمكنة، وفى القلوب، برهافةٍ تشبه ظلًا ناعمًا على جدار الزمن.
كان أحمد قريبًا منى طيلة تلك السنوات البعيدة، التى ما تزال أحلامنا فيها مرسومة على جدران الكلية العريقة والأنيقة معًا. رغم مرور الزمن، ما زالت تلك الأحلام معلّقة كأنها تنتظر عودتنا إليها، وربما كان أحمد هو أحد أجمل وجوه تلك الذكرى.
تخرجنا فى سنة 2001، وسلك كلٌّ منا طريقه. اختار هو مجال العلاقات العامة، وأنا خضت معركتى مع الصحافة. لكن قبل ذلك، وقبل أن تبدأ مغامرات المهنة، انضممتُ إلى القوات المسلحة لأداء الخدمة العسكرية كضابط احتياط. كانت كلية الضباط الاحتياط فى مدينة فايد، بالإسماعيلية، ومن يصل إلى هناك حتمًا يمرّ على سرابيوم.. بلد أحمد. ولا أدرى لماذا، لكن مجرد أننى أقيم فى بلد يسكن فيه أحمد، كان يشعرنى بالأمان. شىء ما فى حضوره، ولو عن بعد، يمنحك الطمأنينة. كأن الأرض هناك أكثر ودًّا لأن أحمد منها.
حتى بعد أن تخرجت، ظل التشكيل الذى أخدم فيه فى عمق سيناء مرتبطًا بسرابيوم، وبمعدّيتها على قناة السويس، وفى مرة، صادفته. كان وجهه البشوش يشعّ.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من جريدة الشروق
