منذ وصول ترامب للبيت الأبيض، تتواصل الرسائل الأمريكية يوميا لمختلف الأطراف الدولية في نهاية كل يوم عمل للرئيس الذي يبدو وكأنه أشهر الحرب على العالم.
الرسالة هذه المرة كانت من نصيب إيران قبل أقل من 48 ساعة لانطلاق جولة المفاوضات النووية في سلطنة عمان المقرر لها بعد غد السبت. كان المشهد معدا بدقة: ترامب جالسا في مكتبه البيضاوي، يوقع عدة أوامر تنفيذية بينما تفتح أبواب القاعة للصحفيين، ليلقوا عليه الأسئلة المتفق عليها سلفا مع فريقه الإعلامي.
بلهجة لا تخلو من التهديد والغطرسة، توعد ترامب باستخدام القوة العسكرية ضد إيران إذا لم توافق على إنهاء برنامجها النووي، وكأنه أراد أن يسبق الوفد الأمريكي إلى طاولة التفاوض، ليضع سقفا مسبقا للمباحثات ويحدد إطارا لا يخرج عنه الطرفان.
على ماذا تتفاوض إيران إذن إن كان الخيار الوحيد المتاح أمامها هو إنهاء برنامجها النووي بعد أن تحملت في سبيله ما لا يحتمله غيرها من عقوبات وحصار اقتصادي واستهداف مشروعها النهضوي؟
في خطبة عيد الفطر، قال المرشد الإيراني علي خامنئي إن إيران لن تفاوض تحت التهديد، لكنها فعلت!
كل الدوائر السياسية في إيران - متشددين وإصلاحيين تسودها حالة من التذمر تجاه سياسة "الضغوط القصوى" التي تمارسها واشنطن، لكن لا رد فعل إيراني واحد إزاء هذا التذمر إلا الانصياع وبلع المنجل.
في خطبة العيد الأخيرة، بدا المرشد الإيراني أقل حدة، وأكثر واقعية. حذّر من فتنة داخلية أكثر مما خوّف من تهديد خارجي. ليس ذلك تبدلا في العقيدة بقدر ما هو قراءة واقعية لموازين القوى، واعتراف ضمني بأن الأزمة هذه المرة ليست عابرة للحدود بقدر ما تأتي من داخل إيران نفسها.
الاقتصاد المتهاوي، الريال المنهار، الانقطاعات المتكررة للخدمات الأساسية كالمياه والكهرباء، طوابير الحصول على السلع المدعومة، الاستقالات المتكررة في دوائر الحكم، والصراعات الحادة بين "الحرس الثوري" و"الرئاسة" و"الخارجية"، تثير مخاوف النظام الإيراني أكثر من تهديدات ترامب
بعد توقيع الاتفاق النووي مع إدارة أوباما عام 2015، حاولت طهران أن ترسم لنفسها دورًا إمبراطوريا في نطاق الإقليم. لكن سلسلة المتغيرات، من سوريا إلى اليمن، ومن لبنان إلى العراق ثم القوقاز، ومن الغارات الإسرائيلية إلى العقوبات الأمريكية، وضعت النظام الإيراني نفسه - لا المشروع النووي فقط - تحت تهديد خطر وجودي لم يعرفه منذ نجاح الثورة الإسلامية 1979.
قد لا تخرج الصفقة المنتظرة إلى العلن سريعًا، لكنّ مؤشراتها أوضح من أن تُخفى: انسحاب تدريجي من جبهات المقاومة، عروض تفاوضية غير مشروطة، إعادة نظر في التحالفات، وتململ داخلي ينذر بما هو أكبر من مجرّد "فتنة" بوصف خامنئي، ربما تكون بداية التحوّل الجذري في بنية النظام الذي تبدو عليه علامات الشيخوخة.
النظام الإيراني، الذي لطالما روّج لانتصارات "محور المقاومة" واستغلها في مناوراته مع القوى الغربية، بات يكتفي الآن بالدفاع عن جغرافيا الداخل، ويفاوض من تحت الطاولة على تخفيض مدى الصواريخ الباليستية في حدود مدى 300 كيلومتر فقط، والتبرؤ من حلفائه بالمنطقة، كما فعل مع الحوثيين الذي لم.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الدستور المصرية
