من حروب الملح إلى رسوم ترمب.. أبرز الصراعات التجارية في التاريخ

لطالما كانت التجارة الدولية محركًا للنمو الاقتصادي والتبادل الثقافي، ولكنها كانت أيضًا ساحة للصراعات والمنافسات بين الدول. فعندما تتبنى دولة ما سياسات حمائية تهدف إلى حماية صناعاتها المحلية من المنافسة الأجنبية، غالبًا ما يؤدي ذلك إلى ردود فعل انتقامية من الدول الأخرى، ما يشعل فتيل ما يعرف بـ"الحرب التجارية". وتعد التعريفات الجمركية وغيرها من القيود التجارية أسلحة هذه الحرب.

ويبدو أن العالم يشهد حربًا تجارية جديدة بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرص رسوم جمركية جديدة على الواردات من عشرات الدول بينها الصين التي تُعَدّ ثاني قوة اقتصادية في العالم، حيث فرض رسومًا إضافية قدرها 34% على الواردات منها.

وقد أثار إعلان ترمب اضطرابات هائلة في الأسواق ودفع بردود فعل انتقامية من الاتحاد الأوروبي والصين التي ردت على رسوم ترمب برسوم مضادة.

ثم عاد ترمب ورفع الرسوم الجديدة على السلع الصينية إلى 125% لكنه خفض الرسوم على الكثير من الدول لمدة 90 يومًا، لإتاحة المجال للتفاوض بشأن الحواجز التجارية. ولا تعد الحرب التجارية ظاهرة حديثة بل تعود جذورها إلى عصور مبكرة. فماذا نعرف عن أبرز هذه الحروب؟

حروب الملح

في عدد من النزاعات التاريخية كانت السيطرة على مصادر الملح أو طرق تجارته سببًا رئيسيًا أو عاملًا مهمًا في الصراع. ففي عام 1381، اندلع صراع بين جمهورية جنوة وجمهورية البندقية في إيطاليا، على السيطرة على طرق التجارة في البحر الأدرياتيكي، بما في ذلك تجارة الملح. كانت كيودجا، وهي مدينة تابعة للبندقية، مركزًا مهمًا لإنتاج وتجارة الملح.

حرب الرسوم الجمركية.. ترمب يفتح مواجهة جديدة مع التجارة الدولية

وفي إفريقيا، نشأت نزاعات حول السيطرة على مناجم الملح المهمة وطرق التجارة الصحراوية التي تنقل الملح من الشمال إلى الجنوب.

كما كانت ضريبة الملح في فرنسا قبل الثورة الفرنسية سببًا في العديد من الانتفاضات والاضطرابات.

وفي عام 1930، كانت مسيرة الملح حركة عصيان مدني سلمية قادها المهاتما غاندي احتجاجًا على احتكار الحكومة البريطانية للملح في الهند وفرض ضرائب عليه. ومثّلت تلك الحركة نقطة تحول مهمة في حركة الاستقلال الهندية. وعلى الرغم من أنها لم تكن حربًا بالمعنى التقليدي، إلا أنها كانت صراعًا ضد قوانين الملح القمعية، بحسب موقع "فيرست بوست".

قانون الذرة

بعد الحروب النابليونية، سنّت بريطانيا قوانين الذرة عام 1815 لحماية زراعتها المحلية بفرض رسوم جمركية مرتفعة على الحبوب المستوردة. ورغم أن ملاك الأراضي استفادوا من هذه القوانين، لكنها تسببت في معاناة واسعة النطاق للطبقة العاملة.

وقد نجحت رابطة مناهضة قوانين الذرة، بقيادة ريتشارد كوبدن وجون برايت، في حشد الرأي العام ضد الرسوم الجمركية.

قاد المهاتما غاندي مسيرة الملح في عام 1930- ميكوري نيوز

وبحسب وثيقة نشرتها جامعة نوتنغهام، أدت الرسوم الجمركية المرتفعة المفروضة إلى ارتفاع تكلفة استيراد الحبوب، حتى في ظل نقص الإمدادات المحلية. وارتفع سعر الخبز، وتزايد الضغط الشعبي لإلغاء القانون. وفي النهاية، ورغم المعارضة الشديدة من حزبه، نجح رئيس الوزراء المحافظ السير روبرت بيل في إلغاء القانون عام 1946.

وفي فرنسا، أدخل رئيس الوزراء الفرنسي جول ميلين تعرفة ميلين عام 1892 لحماية الزراعة والصناعة في البلاد من المنافسة الأجنبية. وأدت هذه التعريفة إلى زيادة الضرائب على الحبوب المستوردة، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها على المزارعين المحليين وزيادة تكلفة الغذاء على المستهلكين.

ويشير "بنك فرنسا"، إلى دراسة ترصد تأثيرًا سلبيًا جديدًا للتعريفات التجارية والتكاليف التي تسببها من خلال توثيق كيف عكست الحمائية المتمثلة بتعرفة ميلين التحسينات طويلة الأجل في التعليم والتحول في الخصوبة التي كانت جارية في أواخر القرن التاسع عشر في فرنسا. فقد شكلت تلك التعرفة صدمة حمائية كبرى حولت الأسعار النسبية لصالح الزراعة وبعيدًا عن الصناعة. وقللت التعرفة من العائد النسبي للتعليم، ما أثر على قرارات الآباء بشأن كمية ونوعية الأطفال، إذ تراجع الالتحاق بالتعليم الابتدائي وزادت معدلات المواليد والخصوبة.

تعريفات سموت-هاولي (1930)

وخلال فترة الكساد الكبير في الولايات المتحدة، وقّع الرئيس الأميركي هربرت هوفر قانون سموت-هاولي في يونيو/ حزيران 1930. وكان هذا القانون يهدف إلى مساعدة المزارعين الأميركيين، فزاد الرسوم الجمركية على مجموعة واسعة من السلع. وقد دفعت هذه الخطوة دولًا مثل كندا وفرنسا وإسبانيا إلى اتخاذ إجراءات انتقامية، ما أدى إلى انخفاض حاد في التجارة العالمية.

كما ساهم في انخفاض صادرات الولايات المتحدة بنسبة 61% عام 1933، وأعاق الانتعاش الاقتصادي خلال فترة الكساد. وخسر هوفر الانتخابات التالية أمام فرانكلين روزفلت وحل قانون روزفلت لاتفاقيات التجارة المتبادلة لعام 1934 محل قانون سموت-هاولي، مما سمح للرئيس بالتفاوض على تخفيضات في الرسوم الجمركية، وفق موقع "هستوري".

الحرب التجارية البريطانية -الأيرلندية

تصاعدت التوترات بين بريطانيا وأيرلندا عام 1932 بسبب عدم سداد مستحقات الأراضي. ففرضت بريطانيا تعريفات جمركية عالية على الصادرات الزراعية الأيرلندية، وخاصةً الماشية، مما ألحق ضررًا بالغًا بالاقتصاد الأيرلندي. فردت أيرلندا بفرض رسوم جمركية على الفحم والسلع البريطانية.

فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوم جمركية جديدة على الواردات من عشرات الدول بينها الصين- غيتي

وأدى النزاع الذي استمر ست سنوات إلى توتر التجارة وتفاقم الصعوبات الاقتصادية. ثم أعادت تسوية عام 1938 العلاقات التجارية.

حرب تعريفات الدجاج

ومع صعود إنتاج الدجاج الصناعي بكميات كبيرة في أميركا في ستينات القرن الماضي، استجاب العالم بشراء الدواجن الأميركية الأرخص، وارتفعت واردات الدجاج في أوروبا بشكل كبير. لم يرق هذا لفرنسا وألمانيا الغربية، اللتين فرضتا تعريفات جمركية على الطيور، مما أدى إلى خسائر فادحة في صناعة الدواجن الأميركية.

ثم ردت الولايات المتحدة، بقيادة الرئيس ليندون جونسون، بفرض ضريبة بنسبة 25% على "الشاحنات الخفيفة"، بما في ذلك حافلات فولكس فاغن.

أدى ذلك إلى تضرر صناعة السيارات اليابانية بشدة من الضريبة، التي لا تزال سارية على الشاحنات الخفيفة. وقد وجدت بعض العلامات التجارية، بما في ذلك "تويوتا" و"إيسوزو"، ثغرات قانونية، مثل إنشاء مصانع تجميع على الأراضي الأميركية، للالتفاف.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من التلفزيون العربي

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من التلفزيون العربي

منذ 11 ساعة
منذ 9 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 8 ساعات
سكاي نيوز عربية منذ ساعة
قناة العربية منذ 19 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 8 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 11 ساعة
قناة العربية منذ 16 ساعة
صحيفة الشرق الأوسط منذ 9 ساعات
قناة العربية منذ 3 ساعات
قناة العربية منذ 16 ساعة