أمين الجميّل يكشف ل«الشرق الأوسط» كيف انتهى اجتماعه الأخير مع الرئيس السوري حافظ الأسد بالفشل، والفوضى التي أعقبت الفراغ الرئاسي ودفعته إلى مغادرة لبنان لفترة، تجنباً لتصعيد سياسي كان يلوح في الأفق. للمزيد: #شاهد_الشرق_الأوسط

Video Player is loading.
Current Time 0:00
Duration 0:00
Loaded: 0%
Stream Type LIVE
Remaining Time 0:00
 
1x

قال الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل إن الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد كان ينظر إلى لبنان كما كان ينظر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين إلى الكويت. وأضاف أن الأسد «كان يعد لبنان خطأ تاريخياً يمكن تصحيحه بإعادته إلى الحضن السوري». وشدد على أن الأسد كان يريد «ضم لبنان لا أكثر ولا أقل»، لافتاً إلى أنه تمسك بقسمه الدستوري خلال 14 لقاء قمة عقدها مع نظيره السوري.

وكان الجميل يتحدث إلى «الشرق الأوسط» التي سألته عن تجربة لبنان مع «عهد الأسدين» الطويل إضافة إلى محطات أخرى.

في السبعينات تلقى بيار الجميل رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» دعوة من حافظ الأسد لزيارة دمشق فاصطحب معه نجليه أمين وبشير. استقبلهم الرئيس السوري في منزله وكان اللقاء حميماً، لكن موسم الود لم يعمر طويلاً.

يوقظ حديث الذكريات أوجاع الجميل، فهو يعيش مع جرحين عميقين. جرح اغتيال نجله النائب والوزير بيار في 2006 في خضم موجة الاغتيالات التي ضربت لبنان بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وجرح اغتيال شقيقه الرئيس المنتخب بشير في 1982. والواقع أن أمين الجميل دخل قصر الرئاسة في العام نفسه إثر زلزالين، الأول الاجتياح الإسرائيلي والثاني اغتيال شقيقه.

حافظ الأسد و«خطأ» لبنان سألت الجميل عما كان حافظ الأسد يريد من لبنان، وسأتركه يروي: «أنت تسأل سؤالاً مفروغاً منه، كما يقول المثل الفرنسي. كان يريد ضم لبنان لا أكثر ولا أقل. السياسي السوري، حتى من قبل الرئيس الأسد، لا يهضم وجود لبنان، ويعتبره بلداً مصطنعاً ويجب أن يكون جزءاً من سوريا. نعرف أن مرفأ بيروت أقرب إلى الشام (دمشق) من مرفأ طرطوس. لذلك، كانوا يعتبرون أن لبنان جزءٌ لا يتجزأ من سوريا، وأن هذا خطأ سايكس - بيكو وما إلى ذلك.

الرئيس (حافظ) الأسد كانت هذه الفكرة أيضاً موجودة عنده، لم يهضموا وجود لبنان بلداً مستقراً. كانت الغاية الأخيرة هي ضم لبنان. وكل المساعي والاتفاقات والعلاقات التي كانت تتم سابقاً كانت خلفيتها الوصول إلى مرحلة لضم لبنان.

قال لي الرئيس الأسد بوضوح وكنا رأساً برأس (في خلوة): لا تنس أن لبنان جزء من سوريا، ولبنان ونحن بلد واحد، الاستعمار هو الذي قسمنا، ويجب أن تفهموا أنتم كلبنانيين أنه من مصلحتكم أن ترجعوا إلى الحضن السوري، ويجب أن تفهموا أنه مهما تطورت الظروف، يجب أن يرجع لبنان إلى الحضن السوري.

كان بهذا الوضوح. بصراحة، كان يقول لي إنه يجب أن تفهم أنه بالنهاية يجب أن يكون البلدان بلداً واحداً. وأعطاني مثلاً من أجل أن يخففها، عندما وجدني غير مقتنع، قال لي: خذ أوروبا مثلاً. كيف التقت أوروبا واجتمعت وتوحدت، لماذا نحن لا نفعل الشيء ذاته؟ أصبح هذا شيئاً طبيعياً. أوقات من الطبيعي أن يتوحد البلدان، مصالح مشتركة على الصعيد السياسي على الصعيد الأمني على الصعيد الاقتصادي، هناك مصلحة أن يتوحد البلدان».

سألت الجميل إن كان غزو صدام حسين للكويت ذكّره بسعي حافظ الأسد إلى ضم لبنان، فقال: «بالنسبة إلى صدام كانت الكويت ما كانه لبنان بالنسبة إلى حافظ الأسد»، مشيراً إلى الرأي الذي ساد لدى حكام عراقيين ومفاده «أن الاستعمار سرق الكويت من العراق والرأي الذي كان لدى حكام سوريين ومفاده أن الاستعمار سرق لبنان من سوريا».

لكن الجميل يستدرك: «رغم كل ذلك بقيت علاقتي طبيعية مع الرئيس الأسد. حتى إنه، ويمكن لا يفهمني البعض، كانت هناك عاطفة بيننا. كان هناك تقبل للآخر. كان الرئيس الأسد يتفهم موقفي، وكان يقول في فكره إنه لو كان مكاني لاتخذ الموقف ذاته. وأنا أتفهم موقفه، لأن العقيدتين متناقضتان، وكل واحد عنده مفهومه للحالة الوطنية التي ينطلق منها.

كان الرئيس الأسد يشمئز ويثور على مواقفي الرافضة، في محطات عدة. كان الرئيس الأسد يعتبر أن ثمرة التين صارت ناضجة وحان موعد قطفها، أي قطف لبنان، ثم آتي أنا وأقف في وجهه وأكون جدار الصد المنيع ضد تحقيق هذا الهدف. ورغم ذلك، كان هناك احترام، في قرارة نفسه، وكان يقدر أنه لو كان هو محل أمين الجميل كان سيقف الموقف ذاته. لكن رغم ذلك، كانت مصالحه تقتضي أن يحقق «وحدة سوريا». وكان يعتبر أنه لديه كل الإمكانيات لذلك.

لا ننسى أن الجيش السوري كان في لبنان وكان استوعب معظم القيادات اللبنانية التي كانت تذهب لتحج في سوريا. كان اعتبر أن الموضوع مؤاتٍ اليوم لتوحيد البلدين. نعرف الضغط السوري الذي كان على قيادات لبنانية معينة. وفي الوقت نفسه تحرك الأسد للإمساك بالقضية الفلسطينية وأنشأ شبكة من المنظمات الموالية لنظامه.

كان مقتنعاً بأن الوقت مناسب (لإلحاق لبنان) وأنا كنت المانع لتحقيق هذا الحلم، لذلك كانت هناك مشادات سياسية قوية بيني وبينه، وصراع داخلي. صراع أكاديمي - إذا صح التعبير - بين أن يقنعني هو بوحدة سوريا وأنا أقنعه باستقلال لبنان. كان هذا الصراع الأكاديمي مع احترام متبادل لوجهة نظر كل واحد منا. بقيت العلاقة جدلية بيني وبين الرئيس الأسد طوال رئاستي وقد التقيته 14 مرة».

«كلمة لا لحافظ الأسد تتطلب بطولة خارقة» وأضاف: «حاورت وعاندت وحاورت وقاومت على الجهتين. كانت هناك حقيقة مقاومة مهمة، كان هناك ثقل الرئيس الأسد، وبرستيج الرئيس الأسد وموقعه على الساحة السورية والساحة العربية، وكل ثقله وأنا آتٍ أعزل وبلدي محتل وجيشي مضطرب غير ثابت ومخترق، والقيادات السياسية لا تعرف أين تذهب.

كان الوضع اللبناني صعباً جداً جداً ودقيقاً جداً حتى وصلنا إلى مرحلة انقلب فيها معسكري علي أيضاً. كنت أنا أعزل في تلك المرحلة، واعتبر الرئيس الأسد أنها الفرصة المؤاتية، خاصة عندما استوعب جزءاً من (القوات اللبنانية) واعتبر أن المعركة انتهت وأن أمين الجميل ليس لديه إلا أن يمضي (يوقع) ويعطينا هذا الصك وننتهي.

فوجئ عندما وقفت أنا هذا الموقف، وأعتقد كان ذلك أصعب المحطات. كان نادراً جداً أن يقف أحد هذا الموقف في وجه الرئيس الأسد خصوصاً في الظرف الذي كنت موجوداً فيه وأن يقول له لا. كلمة لا لحافظ الأسد في ذلك الوقت كانت تتطلب بطولة خارقة نظراً للواقع الذي كنا موجودين فيه في ذلك الوقت».

سألته إن كانت مرحلة اتفاق 17 مايو (أيار) اللبناني - الإسرائيلي هي الأصعب في العلاقة مع الأسد، فأجاب: «لا، أصعب مرحلة كانت مرحلة (الاتفاق الثلاثي) (بين حركة «أمل» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» و«القوات اللبنانية»). في الاتفاق تمكن الرئيس الأسد بشكل كامل من الساحة اللبنانية، لا سيما عندما استطاع أن يستوعب فريقاً من (القوات اللبنانية) مع إيلي حبيقة وسمير جعجع.

مع استيعاب إيلي حبيقة وسمير جعجع اللذين يمثلان الواقع المسيحي المقاوم في ذلك الوقت، اعتبر أن لبنان أصبح بمتناول اليد. من يعارض؟ من يعاكس؟ ليس سوى أمين الجميل. هو لم يكن يعطي أهمية، للأسف، لموقعي أنا أو لعنادي فيما يتعلق بالمصلحة الوطنية. أنا معي (أمتلك) التوقيع. توقيع رئيس الجمهورية. لا يستطيع أن يتجاوز هذا التوقيع. مهما استوعب قيادات على الأرض، حتى الميدانية أو السياسية، يبقى في حاجة إلى توقيع رئيس الجمهورية. رئيس الجمهورية أقسم اليمين على المحافظة على الدستور وسيادة البلد. وهذا كان شيئاً مقدساً عندي.

رغم كل الضغوطات أكانت من الداخل أو كانت من الخارج، حتى من ضمن المعسكر المسيحي الذي فقد صوابه وباع نفسه للشيطان، ولا أريد أن أدخل في التفاصيل، أصبحت أنا وحيداً ومعزولاً تقريباً في الوسط اللبناني. ورغم ذلك، كنت متشبثاً بالحقيقة، متشبثاً بالحق اللبناني، ومتشبثاً بالقناعات الوطنية التي تربينا عليها، واعتبرت أن هذه، أياً كان الجنوح من هنا أو من هناك، من المفترض أن نتمسك بها، من المفترض أن ندافع عنها حتى الرمق الأخير.

لذلك، قضية الاتفاق الثلاثي كانت أصعب محطة في عهدي، والحمد لله قدرنا أن ننتصر. الفريق الذي منّا وفينا باع نفسه للشيطان، انكشف على صعيد الرأي العام المسيحي واللبناني بصورة عامة، والتف الرأي العام المسيحي حولي أنا، حتى نقدر على أن نواجه هذه الجريمة التي كانت ترتكب بحق سيادة لبنان واستقلاله وسيادته والنظام الديمقراطي ودور لبنان على الصعيد العربي والعالمي».

سألت الجميل عما إذا كان الأسد حقد عليه لتسببه بسقوط «الاتفاق الثلاثي»، فأجاب: «كان الأسد مقتنعاً بأنه ضم لبنان كله ولم يبق غير تقبل التهاني. كان مقتنعاً وقتها أنه وضع يده على لبنان. يوم التوقيع على الاتفاق الثلاثي كانت هناك زيارة رسمية للملك حسين (العاهل الأردني) إلى سوريا. أجلوا زيارة الملك حسين من أجل أن يحصل التوقيع وتجنباً لأن يحصل أي شيء وتضيع الفرصة. لهذه الدرجة كانوا متمسكين بهذه.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الشرق الأوسط

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الشرق الأوسط

وصل وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، إلى العاصمة الإيرانية طهران، في زيارة رسمية يرافقه خلالها وفد رفيع، حيث من المقرر أن يعقد سلسلة لقاءات لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين، ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك
منذ 6 ساعات
عاجل | سفير إيران لدى السعودية ل«الشرق الأوسط»: زيارة الأمير خالد بن سلمان إلى طهران مهمة للغاية ودليل على تحرك العلاقات بوتيرة متسارعة
منذ 27 دقيقة
عاجل | وكالة تسنيم الإيرانية: وزير الدفاع السعودي يلتقي المرشد الإيراني علي خامنئي في طهران
منذ 4 ساعات
هل يمكن لنبات البلميط المنشاري علاج تضخم البروستاتا؟
منذ 9 ساعات
تعجبك أو لا تعجبك مواقف الرئيس الأميركي وحكومته في الثقافة والسياسة، لكنك لا يمكن أن تُنكر أن اليسار الأميركي كان مهيمناً بإسرافٍ على الفضاء الأكاديمي والثقافي والإعلامي، لفترات طويلة -مشاري الذايدي #رأي_الشرق_الأوسط
منذ 11 ساعة
عاجل | وزير الدفاع السعودي: بحثت مع رئيس هيئة الأركان الإيرانية الفرص المستقبلية للتعاون العسكري والدفاعي وناقشنا التطورات الإقليمية والجهود المبذولة حيالها
منذ ساعتين
"دع أولئك الفلاحين الأمريكيين ينوحون أمام حضارة الأمة الصينية التي تمتد لأكثر من 5 آلاف عام".. مسؤول صيني يهاجم الولايات المتحدة ويؤكد أن الشعب الصيني لايمكن إخافته أو إخضاعه. #الصين
قناة روسيا اليوم منذ 7 ساعات
وزير الخارجية الفرنسي: قررنا الرد بحزم على الجزائر بعد أن اختارت التصعيد
التلفزيون العربي منذ 18 ساعة
إنجاز علمي غير مسبوق في مجال تجديد الكبد وعلاج أمراضه
قناة روسيا اليوم منذ 10 ساعات
"حان الوقت لحماية أمريكا من رئيسها"- نيويورك تايمز
بي بي سي عربي منذ 5 ساعات
سر غريب خلف نجاح كتاب فلسفي حديث، وجدل فكري واسع حوله في أوروبا
بي بي سي عربي منذ 11 ساعة
تركيا.. زيادة سعر الفائدة في البنك المركزي إلى 46%
قناة روسيا اليوم منذ ساعة
ZTE تعلن عن واحد من أجمل الهواتف وأكثرها تطورا
قناة روسيا اليوم منذ 16 ساعة
بين القضاء والطب.. دواء روسي لا مثيل عالميا له يعالج السرطان بكل مراحله
قناة روسيا اليوم منذ 13 ساعة