لا يمكن تجاهل عاصفة التعريفات الجمركية التي عصفت بالعالم بعد قرار رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، التي إذا لم تهدأ بشكل عاجل فستشوه هياكل الاقتصاد العالمي لأكثر من عقد في أحسن الأحوال.
ولنبدأ من تشوه هياكل الاقتصاد، فالتعريفات الجمركية نوع من أنواع الضرائب الحكومية تحدث تغييرا هيكليا كمنع صناعة أو تعزيزها، وتوجيه سلوك أو منعه، وتصبح الصناعات المستهدفة بالتعريفات الجمركية أقل ربحية (أقل من العائد السائد)، فتغلق المصانع والشركات وتنتقل رؤوس الأموال إلى القطاعات الأخرى أو إلى الخارج، فيتغير هيكل الاقتصاد، وهذا يأخذ وقتا بلا شك.
لكن الخطر يكمن إذا كان القرار الحكومي غير صحيح، فإن عودة الصناعات المغلقة أمر صعب ومكلف كاستصلاح الأرض البور، لهذا فإن الحرب التجارية (كحرب) التي لا معنى لها سوى إخضاع الآخرين تعني تدمير هياكل الاقتصاد العالمي بلا هدف ولن تعود الأمور إلى سابق عهدها، لذا آمل أن يغير ترمب قراراته بسرعة.
لماذا أرى أن على ترمب أن يتوقف، لأن هذا هو المسار الوحيد الذي يمكن المضي فيه دون تدمير هياكل الاقتصاد العالمي القائمة بالفعل، التي ظهرت بحكم التطور الطبيعي الذي تؤمن به الرأسمالية الغربية، فلا يمكن العودة إلى الوراء. لا يمكن العودة إلى عقود الخمسينيات والستينيات التي كانت فيها أمريكا سيدة العالم بلا منافس عندما كانت أوروبا واليابان تعانيان آثار الحرب، وهياكلهما الاقتصادية غير مكتملة، والصين غارقة في أزمات الشيوعية وتعليمات ماو، وإفريقيا في نوم عميق، والكوريتان وفيتنام في حرب ضروس. كانت المصانع في أمريكا فقط، ومن يريد العمل والثروة فعليه الهجرة إليها.
لكن ديمقراطية أمريكا المفرطة مع جماعات الضغط والمنظمات البيئية والأحزاب العمالية رفعت تكاليف خدمة المجتمع بشكل ضخم، مع رفع الحد الأدنى للأجور ورفع تكلفة المسؤولية الاجتماعية وقضايا الجودة والمعايير وغيرها، ما هدد الصناعة العالمية وهدد الشركات التي بحثت عن ملاذات، وقد وجدتها في الصن والهند وفيتنام، فتم نقل المصانع من أمريكا ودول أوروبا إلى هذه الدول التي تتمتع بضغوط أقل بشأن مستويات الرواتب والحماية الاجتماعية والبيئية ومعايير الجودة والتصنيفات، والأقل حماسة لقضايا المناخ.
دول كانت ترزح تحت أرقام البطالة الهائلة وضعف سعر الصرف واحتياجات معيشية بسيطة جدا، دول قدمت تسهيلات بلا حدود لشركات عابرة للقارات ومنحتها تأشيرات دخول وخروج مفتوحة ودفعت أثمانا اجتماعية وإنسانية ضخمة، كل ذلك في زمن كانت فيه أمريكا والغرب يناقشان الاحتباس الحراري بترف، ويتمتعان بالسلع الرخيصة التي أنتجها عمال في أوضاع صعبة، وللاستمرار تم فرض قضايا العولمة والانفتاح الاقتصادي وإزالة القيود لمجرد تسهيل نقل.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الاقتصادية